ما بين جنازتي مرسي ومبارك.. عنصرية “السيسي” أم تعليمات رعاة الانقلاب؟!!

- ‎فيتقارير

ممَّا لا شك فيه أن سلطات السيسي مارست كل أشكال التضييق على الرئيس الراحل محمد مرسي، سواء داخل السجن أو حتى في وفاته، بينما سمحت للمخلوع بالعيش في منزله ووسط عائلته رغم مقاضاته في قضايا فساد.

وقال فريق أممي معني بالاحتجاز التعسفي، إن مرسي احتُجز في ظروف لا يمكن وصفها إلا بأنها وحشية، وتعرض للكثير من الانتهاكات الحقوقية، وخلص إلى أن وفاته يمكن أن تصل إلى حد القتل التعسفي.

ومنعت السلطات المصرية إقامة جنازة للرئيس محمد مرسي، وأجبرت أسرته على دفنه في جنح الظلام تحت حراسة أمنية مشددة؛ لمنع مشاركة أي من أنصاره في تشييع جثمانه.

بينما لم يحظَ محمد مرسي، أول رئيس منتخب، عند وفاته بمراسم دفن أو جنازة تليق بمكانته، ونُكست أعلام الجمهورية، وأعلن الحداد ثلاثة أيام، ونعت مؤسسة الرئاسة والقوات المسلحة المخلوع محمد حسني مبارك.

وأظهر نظام السيسي تناقضًا كبيرًا في التعامل مع مرسي ومبارك الذي قامت ضده ثورة 25 يناير وأطاحت به، إذ منع إقامة جنازة للأول الذي وصل إلى الحكم بنجاح ثورة يناير، وأمر بدفنه في وقت متأخر من الليل، واقتصرت المراسم على زوجته وأبنائه وأشقائه. وطاردت قوات أمن السيسي المعزين في القاهرة والجيزة والشرقية ومحافظات مصر.

واستغرقت إجراءات دفن مرسي، الذي توفي داخل قفص المحكمة نحو ساعة، وسط حضور أمني كثيف، وإقامة صلاة الجنازة عليه بمشرحة زينهم.

كذلك، لم تسمح السلطات المصرية بدفن مرسي بمقابر أسرته في قرية العدوة بمحافظة الشرقية.

وخلال وجوده بسجون الانقلاب لم يُسمح لعائلة مرسي بزيارته سوى ثلاث مرات فقط خلال 6 سنوات كاملة، رغم أنّ أنظمة السجون المصرية تسمح بزيارة السجين مرة واحدة على الأقل شهريا.

وأما مبارك الذي أعلنت وفاته، الثلاثاء، والمتهم بقتل متظاهري ثورة يناير، والفساد المالي بقضية القصور الرئاسية، فقد تبنى النظام الرجل كأنه على رأس عمله في رئاسة الجمهورية، إذ بث التلفزيون الرسمي نبأ رحيله، ووصفه بالرئيس الأسبق.

كما أعلنت الرئاسة المصرية حالة الحداد العام في جميع أنحاء البلاد ثلاثة أيام؛ حدادًا على وفاة الرئيس المخلوع، اعتبارا من يوم الأربعاء.

وعزَّى بسام راضي، المتحدث باسم السيسي رأس النظام، عائلة مبارك قائلاً في منشور على صفحته الرسمية بموقع فيسبوك: إن رئاسة الجمهورية “تنعي رئيس الجمهورية الأسبق محمد حسني مبارك، لما قدمه لوطنه كأحد قادة وأبطال حرب أكتوبر المجيدة، حيث تولى قيادة القوات الجوية، أثناء الحرب التي أعادت الكرامة والعزة للأمة العربية”.

ونعت القيادة العامة للجيش مبارك قائلة، في بيان: إن “القيادة العامة للقوات المسلحة تنعي ابنا من أبنائها وقائدا من قادة حرب أكتوبر المجيدة، الرئيس الأسبق لجمهورية مصر العربية محمد حسني مبارك، والذي وافته المنية صباح اليوم وتتقدم لأسرته ولضباط القوات المسلحة وجنودها بخالص العزاء، وندعو المولى سبحانه وتعالى أن يتغمده بواسع رحمته. وإنا لله وإنا إليه راجعون”.

وذهب النظام إلى أكثر من ذلك بإقامة جنازة عسكرية لمبارك، بعد ظهر الأربعاء، تقدمها السيسي نفسه. تعامل السيسي مع مبارك، يؤكد أن نظام السيسي أراد إيصال عدة رسائل إلى الشارع؛ أبرزها أن “ابن العسكر يكرم، في حين يهان ابن ثورة يناير”.

وتأتي الطريقة التي أُعلنت فيها وفاة مرسي وإجراءات دفنه، ضمن “الخطوات العقابية لثورة 25 يناير كلها ولابنها البكر، ومحاولة مسح تاريخه بالكامل”.

ورغم أن مرسي كان القائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية، فإنه لم تقم له جنازة عسكرية ولم ينعه الجيش، كما يؤكده الاعلامي قطب العربي، وهو ما حظي به مبارك الذي قامت ثورة 25 يناير ضده.

ويعقب بالقول: “نحن أمام نظام انقلب على رئيس شرعي من قبل الثورة المضادة الذي يعد مبارك ابنها، ومن قام بتكريمه اليوم هم أبناء نظامه الذين انقلبوا على الرئيس المنتخب مرسي”.

ويردف بالقول: “من يتوافق مع النظام يتم تكريمه، سواء كان عسكريا أو مدنيا، ومن يختلف مع العسكر يتم التنكيل به كما حدث مع رئيس أركان حرب القوات المسلحة ونائب رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة سامي عنان، وأحمد شفيق، وقبلهم سعد الدين الشاذلي”.

بين سجنين

ولم يكن تناقض النظام المصري في التعامل مع وفاة الرئيسين مبارك ومرسي فحسب، حيث تعمد إهانة الرئيس المنتخب داخل سجنه، في حين وفر للمخلوع كل سبل الراحة وتبرئته من جميع التهم التي وجهت له، وأبرزها قتل متظاهري 25 يناير.

ولم يكن مبارك مسجونا عاديا، بل كان يحظى بتفضيلات عن غيره، وهو ما أعطى مؤشرات للمصريين والعالم بأن مصيره سيكون البراءة، ولن يعاقب، وهو ما حدث بالفعل.

ولم يعرض مبارك في محكمة عادية، بل خُصصت له قاعة داخل أكاديمية الشرطة في القاهرة الجديدة.

وكان مبارك يصل إلى قاعة المحكمة قادما من مستشفى المعادي العسكرية عبر طائرة مروحية؛ بزعم أنه مريض، حيث كان يمثل أمام القضاة وهو على سرير، وبحراسة أمنية مشددة.