آخر كوارث الأحول| ردم الترع بحجة التلوث.. سياسة السيسي النعامة لمواجهة فشله بسد النهضة

- ‎فيتقارير

على طريقة النعام وغرس الرؤوس بالرمال أمام المخاطر والأزمات، يلجأ نظام السيسي إلى العديد من السياسات الداخلية، بما يخص الترع والمصارف، ومن قبل ذلك التوسع في مشروعات تحلية مياه الصرف الصحي وتحلية مياه البحر لتعويض كميات المياه التي ستحرم إثيوبيا مصر منها.

حيث يشير فلاحون ومهندسون زراعيون إلى اتجاه حكومة السيسي في الأيام الأخيرة، إلى ردم وتغطية عدد من الترع والمصارف الموجودة وسط الكتل السكنية بقرى ومدن المحافظات خلال الصيف الجاري، بزعم أنها مصدر لتلوث البيئة والإصابة بالفيروسات، الأمر الذي يراه البعض خطرا على الزراعة نتيجة نقص المياه، وسط مطالب بضرورة تطهير تلك الترع بدلا من ردمها.

ويأتي ردم الحكومة لعدد من الترع والمصارف بحجج كثيرة وواهية، من بينها أنه ليست هناك حاجة إليها، مع تصاعد أزمة سد النهضة وفشل كافة المفاوضات الأخيرة، والآثار السلبية والخطيرة من السد على الزراعة.

وجاء ردم الترع في المحافظات بتعليمات من الحكومة إلى المحافظين، ووصل الأمر إلى إلقاء المخلفات الخاصة بالمواطنين بها، وهو ما يثير المطالبات المتعلقة بردم تلك الترع، لكونها تضر صحيا بالمواطن من خلال نقل الحشرات والبعوض، وانتقال الثعابين إلى البيوت المجاورة لتلك الترع والمصارف.

وكانت العديد من الصحف قد رصدت خلال جولات ميدانية في عدد من محافظات الوجه البحرى، تحول بعض الترع الفرعية إلى طرق ترابية ومدقات، لا يوجد بداخلها سوى كميات قليلة من المياه، التى تحول لونها إلى الأخضر بسبب ركودها وعدم تجددها منذ عدة شهور؛ بسبب انعدام كميات المياه التى تضخ فى الترع الرئيسية، بالإضافة لحفر هيئات الرى للترع الرئيسية وزيادة عمقها، الأمر الذى نتج عنه صعوبة صعود المياه إلى الترع الفرعية، طبقا لما ذكره المزارعون فى محافظة المنوفية، لصحيفة “الوطن” مؤخرا، حيث تحولت أرضية ترعة «الشهيد»، التى تخترق الأراضى الزراعية فى قرية مليج، إلى مكان لتجمع القش وأجولة القمامة، الأمر الذى نتج عنه انسداد الماسورة التى توصل إليها المياه من الترعة الرئيسية للقرية، ما دفع الأهالى للاعتماد على مياه الماكينات الارتوازية وحفر قنوات ضيقة تمر على حدود أراضيهم الزراعية لنقل المياه من الترعة الرئيسية مباشرة، بعدما نظفوا الترعة الفرعية على نفقتهم الخاصة أكثر من مرة دون فائدة.

وتكررت نفس الأزمة فى الترعة التى تصل بين «أم موسى» و«المشروع» بقرية أشليم التابعة لمركز قويسنا بمحافظة المنوفية، التى تعرضت للجفاف التام نظرا لارتفاع عمقها عن الترعتين الواصلة بينهما، طبقا لما ذكره محمود سمير، أحد مزارعى القرية، الذى قال: «الكراكة لم تنزل إلى الترعة منذ ما يزيد على 15 عاما، وفى كل مرة تأتى من أجل الترع الرئيسية فقط، وفى إحدى المرات وقفنا أمامها وطلبنا من قائدها الانتقال لحفر الترعة، ولكنه رفض وأبلغ نقطة شرطة أشليم، ما دفعنا للهرب خوفاً من إلقاء قوات الأمن القبض علينا».

وفى قرية شوبر، التابعة لمركز طنطا بمحافظة الغربية، أعاد المزارعون حفر الترعة القبلية القديمة بعد أن تحولت إلى مدق ضيق بسبب توقف نزول المياه فيها لعدة سنوات، ولكن محاولتهم باءت بالفشل بسبب ضعف المياه الواردة إليها، ما اضطرهم إلى الاستغناء عنها مرة أخرى وبناء أحواض لاستقبال المياه من الترعة الرئيسية بواسطة مواتير الرفع.

وقال عبد الحميد موسى، أحد أبناء القرية، 60 عاما، إن «أزمة مياه الرى تعيق عمل المزارعين فى مختلف أنحاء الجمهورية خلال فصل الصيف من كل عام، بسبب عدم تحرك الأجهزة المعنية لزيادتها، وتوسعة وتهيئة الترع لاستقبالها منعاً لحدوث الأزمة، وهذا ما دفعنا لمحاولة إحياء الترعة التى يعتمد عليها ما يقرب من 80 فدانا، ولكننا فشلنا فى ذلك لأننا فوجئنا بأن السبب الحقيقى هو انخفاض كمية المياه التى تضخ فى الترع، الأمر الذى لا نجد له حلاً»، وردم المزارعون فى قرية ميت عصام، التابعة لمركز طنطا بمحافظة الغربية، إحدى الترع الفرعية التى توجد داخل الأراضى الزراعية، وضموها لأراضيهم للاستفادة منها فى الزراعة.

الخطة القومية للمياه

يشار إلى أنه خلال مؤتمر أسبوع المياه بالعاصمة اللبنانية بيروت، في أبريل 2019، أعلن وزير الري محمد عبد العاطي عن خطة قومية للمياه في مصر؛ وذلك لمواجهة نقص المياه في البلاد بتكلفة 50 مليار دولار تستمر حتى 2037، وتأتي الخطة في وقت حرج للغاية.

حيث التغيرات المناخية تمثل خطرًا متناميًا على الموارد المائية، كما سيخصم سد النهضة الإثيوبي مباشرة من حصة مصر من مياه النيل في السنوات المقبلة. وتسعى الحكومة إلى التغلب على ندرة المياه من خلال عدة حلول تشمل التوسع في نظم الري الحديثة وزراعة محاصيل زراعية أقل استهلاكا للمياه وإنشاء محطات تحلية للمياه وأخرى.