أزمة سد النهضة.. بين حروب المياه وتسليعها

- ‎فيتقارير
Ethiopia's Grand Renaissance Dam is seen as it undergoes construction work on the river Nile in Guba Woreda, Benishangul Gumuz Region, Ethiopia September 26, 2019. Picture taken September 26, 2019. REUTERS/Tiksa Negeri

اختتمت في أديس أبابا، أمس، فعاليات اليوم الثاني والأخير من اجتماع وزراء مياه مصر والسودان وإثيوبيا لمناقشة مقترحات ملء وتشغيل سد النهضة بحضور مسئولين من الولايات المتحدة والبنك الدولي.

وقد ناقش الاجتماع في اليوم الأول مقترحات الدول الثلاث للوصول إلى تصور نهائي بشأن قواعد الملء والتشغيل، ويعد هذا الاجتماع الأول من أصل أربعة اجتماعات أخرى على مستوى وزاري، ويهدف إلى الوصول إلى اتفاق لحل أزمة سد النهضة بحلول 15 يناير 2020، حسب مخرجات اجتماع وزراء خارجية الدول الثلاث بواشنطن في 7 نوفمبر الجاري.

ولم يصدر عن الدول الثلاث بيانًا مشتركًا حتى الآن بشأن ما انتهى إليه الاجتماع الذي انطلق الجمعة، واختتم يومه الثاني أمس السبت.

من جانبها، قالت مجلة فورين بوليسي الأمريكية: إن حالة التصعيد بين مصر وإثيوبيا قد تنتهى بحرب إذا لم يتمكن الوسطاء الدوليون من احتواء الأمر ووقف التصعيد بين دول المنبع والمصب، وأضافت المجلة في مقال نشرته اليوم أن الحكومة الإثيوبية تواصل مخططاتها بصورة دءوبة لبناء سد النهضة وتقول إنها ستعمل على الانتهاء من عمليات البناء حسب الجدول الزمني المحدد، بصرف النظر عن التداعيات.

وأوضحت المجلة أن مصر تعتبر أن بناء السد يمثل تهديدا استراتيجيا حقيقيا لأمنها القومي ولوجودها كدولة ما دام الأمر يتعلق بالنيل الذي تعتبره مصر شريان حياتها.

وفي السياق ذاته، قالت فورين بوليسي إن البلدان معا عبرا عن رغبتهما في تسوية الخلاف عبر آلية التفاوضن لكن يبدو أن هناك الكثير من العوائق التي تحول دون ذلك، وتشير المجلة إلى أن إثيوبيا ومصر من أكثر الدول الإفريقية من حيث تعداد السكان، وأية مواجهة بينهما قد تشكل تهديدا مباشرا للسلام وللاستقرار الإقليمي لدول حوض النيل.

واختتمت المجلة بأنه يمكن للمجتمع الدولي أن يعتمد على الخبراء الدوليين من الأمم المتحدة والبنك الدولي والمنظمات متعددة الأطراف بهدف وضع خطة للتوفيق بين المخاوف المصرية وتجنيب المنطقة شبح الحرب.

الماء سلعة اقتصادية

الدكتور أحمد المفتي، خبير الموارد المائية، رأى أن هناك عدة ملاحظات على الجولة الأولى من المفاوضات حول سد النهضة؛ أولها عدم إصدار بيان مشترك عقب انتهاء الاجتماع وغياب الشفافية، متوقعًا ألا تختلف مخرجات الاجتماع عن الاجتماعات السابقة.

وأضاف المفتي أن الاجتماع ربما يكون قد نجح في وضع النقاط فوق الحروف؛ حيث أعلنت إثيوبيا أن هذا الاجتماع آخر اجتماع فني وأن اجتماعات واشنطن ستكون للتشاور السياسي فقط، وقد سبق ذلك إعلان إثيوبيا اكتمال بناء سد السرج.

وأوضح المفتي أن إثيوبيا نجحت في حصر النقاش وكل طلبات مصر والسودان في فترة الملأ الأول فقط، ولن تسمح بمناقشة أمور أخرى، مضيفًا أنه مهما كانت فترة الملء الأول فلا يعد ذلك إنجازًا لأنه سيتم تقنينه في اجتماعات واشنطن المتوقعة.

وأشار المفتي إلى أن الهدف الحقيقي من بناء سد النهضة هو تهديد الأمن المائي لمصر والسودان، فليس معقولاً إنفاق هذا المبلغ من المال لتوليد كهرباء فقط كان يمكن أن تولد من سدود تتكلف أقل من ذلك بكثير، مضيفًا أنه خلال مفاوضات عنتيبي كان هناك جدل كبير هل الماء سلعة اقتصادية أم اقتصادية واجتماعية؟ وبعد خلافات اتفق على أن الماء بالنسبة لدول حوض النيل سلعة اقتصادية واجتماعية لمنع بيع المياه.

ولفت إلى أن دعوة أمريكا لوزراء الدول الثلاث قبل عامين للوقوف على تجربتها في بيع المياه وبنك المياه وبورصة المياه ما اعتبره خبراء حينها مؤشرا على لتسيير الرؤية الأمريكية ورؤية البنك الدولي فيما يتعلق بالمفاوضات الجارية بين إثيوبيا والسودان ومصر وتأكدت هذه الشكوك عقب ترأس وزير الخزانة الأمريكية لمفاوضات واشنطن.

وشدد المفتي على ضرورة تركيز مصر والسودان خلال المفاوضات على قضية الأمن المائي، وليس فترة الملء الأول للخزان؛ لأن ملء الخزان فترة وتنتهي بينما الأمن المائي بمعنى توفير الاحتياجات الحالية والمستقبلية لكل دول حوض النيل، وخصوصًا مصر والسودان هو القضية الأهم.  

صفقة مع الكيان الصهيوني  

بدوره قال جمال الجمل، الكاتب الصحفي: إن مشروع سد النهضة تم هندسته مسبقًا ومعروف نهايته جيدًا قبل بدايته، يهدف إلى تحويل المياه إلى سلعة مثل الكهرباء، مستبعدًا فكرة نشوب حرب بين مصر وإثيوبيا على خلفية سد النهضة.

وأضاف الجمل – في مداخلة هاتفية لبرنامج المسائية على قناة الجزيرة مباشر – أنه منذ اتفاقية كامب ديفيد كان واضحًا أن إسرائيل بحاجة لماء النيل بقوة وخاضت حروب في جنوب لبناء من أجل المياه، مضيفًا أن حروب المياه مذكور في المؤسسات المصرية الرسمية ومعروف في العالم باعتباره جولة من الجولات المنتظرة منذ نهاية السبعينات وعقب حرب البترول.

وأوضح الجمل أن ما تقوم به حكومة الانقلاب هو تجهيل المواطنين ومحاولة لقتل الوقت وإضاعته والذهاب إلى النقطة الأخيرة في الحدود الفاصلة لوضع المواطن في وضع لا يستطيع الحكم فيه على الأمور، مضيفًا أن السيسي يصدر طوال الوقت فكرة أنه تاجر شاطر وعندما يخفي تفاصيل صفقة سد النهضة فنحن أمام عمولات وخيانات وأموال يأخذها قادة الانقلاب وتوع في حساباتهم والضحية بالنهاية هو الشعب.

https://www.youtube.com/watch?v=y7F3QuQ62tA