أكاذيب الاكتفاء الذاتي من الوقود تفضحها زيادات الأسعار وفاتورة الديون

- ‎فيتقارير

تطبيل كبير تشهده وسائل الإعلام الانقلابية لترويج اكذوبة تحقيق نظام المنقلب السيسي الاكتفاء الذاتي من الغاز والوقود.

ونقلت جميع الصحف الانقلابية، اليوم، بتعليمات مخابراتية، عن مسئول بوزارة البترول أن مصر حققت الاكتفاء الذاتي من الوقود خلال 4 سنوات، وهو ما تصدر مانشيتات صحيفتي “الوطن” و”الأهرام”.

وأكد المسئول أمام المؤتمر الدولي السنوي لبيت المستقبل بلبنان، أن عام 2018 “شهد نتائج غير مسبوقة في مقدمتها زيادة إنتاج الغاز الطبيعي وتحول مصر من دولة مستوردة للغاز إلى الاكتفاء الذاتي والوفاء بالالتزامات التصديرية والتوسع في أنشطة البحث والاستكشاف”.

وزعم أن الدور الذي تلعبه مصر في مجال الغاز الطبيعي في منطقة شرق المتوسط يستند إلى المميزات التي تتمتع بها، سواء الموقع الجغرافي أو البنية التحتية المتميزة على البحر المتوسط، مشيرا إلى أن التعاون في شرق المتوسط مع دول أوربية سيعود بالنفع على كل الدول.

وادعى مسئول وزارة البترول أن “هناك اهتماما عالميا من المستثمرين بصناعة البتروكيماويات في مصر، وهو ما يحفز هذه الصناعة للنمو والتوسع، زاعما أن التوسعات والمشروعات الجارية تهدف إلى زيادة القيمة المضافة وتقليل استيراد المنتجات البتروكيماوية وزيادة تغطية الاحتياجات المحلية”.

يشار إلى أن تلك التصريحات الوردية التي تطلقها ابواق الانقلاب تأتي في وقت تعلن فيه حكومة الانقلاب زيادات متتالية أسعار جمييع أنواع الوقود والطاقة، سواء الكهرباء أو الغاز الطبيعي والبنزين والسولار، عبر سنوات الرمادة التي يحياها المصريون في ظل حكم المنقلب السيسي.

ورغم انخفاض أسعار النفط عالميا، إلا أن اسعاره في مصر لا تنخفض، بل تواصل الزيادة، ويبرر نظام الانقلاب هذه الزيادات بان التعاقدات كانت على الأسعار القديمة، وتبقى الصورة هكذا ترتفع أسعار النفط في الأسواق الدولية، فتسارع حكومات الانقلاب بزيادة أسعار كل المشتقات البترولية والكهرباء، بحجة أن فاتورة دعم الوقود باتت تمثل عبئًا على الموازنة العامة للدولة وتتسبب في زيادة الدين العام.

وعندما تتراجع أسعار النفط، تواصل حكومة الانقلاب نفس سلوكها تجاه مواطنيها وتسارع بزيادة أسعار المشتقات البترولية والكهرباء والمياه والغاز وتزيد الأعباء المعيشية على المستهلكين.

30 دولارًا للبرميل

يقول الباحث الاقتصادي مصطفى عبد السلام: “منذ شهور وأسعار النفط تتراجع عالميا رغم زيادة المخاطر الجيوسياسية في الدول المنتجة الكبرى سواء في منطقة الخليج أو فنزويلا وليبيا والجزائر، واستمر التراجع رغم العقوبات الاقتصادية الحادة التي فرضتها واشنطن على إيران، ومن أبرز ملامحها حظر تصدير نفطها إلى الخارج، كما يأتي التراجع أيضا رغم الحرب التجارية الشرسة التي يشنها ترامب ضد الصين وتوقعات المؤسسات المالية بدخول الاقتصاد العالمي في حالة ركود في حال طال أمد هذه الحرب أو تطورها إلى حرب عملات.

وكان جديد تحركات أسعار النفط هو التوقعات الصادرة يوم الإثنين الماضى عن وزير المالية الروسي أنطون سيليانوف والتي توقع فيها تراجع أسعار النفط إلى 30 دولارا للبرميل إذا لم تمدد أوبك وحلفاؤها اتفاقا عالميا بشأن خفض الإنتاج، وهو ما يعني أن حكومات الدول العربية المستوردة للمشتقات البترولية ستوفر مليارات الدولارات من فاتورة دعم الوقود.

وتتوقع بعض المؤسسات المالية تهاوي أسعار النفط في الفترة المقبلة في حال اندلاع أزمة مالية عالمية على غرار أزمة العام 2008 التي بدأت بانهيار بنك ليمان برازر الاستثماري الأميركي الشهير، وتباطؤ الاقتصادات الكبرى، وفي مقدمتها الأمريكي والصيني.

وفي الوقت الذي كان المواطن العربي ينتظر أن ينعكس تراجع أسعار النفط التي فقدت أكثر من 20 دولارا من قيمتها للبرميل الواحد وبما يزيد عن 25% منذ شهر أكتوبر الماضي، فإن الأخبار الصادرة عن الدول العربية المستوردة تشير إلى أن العكس هو ما سيحدث، فحكومة الانقلاب تستعد لزيادة أسعار المشتقات البترولية خلال أيام حسب اتفاقها مع صندوق النقد الدولي، وفي مقدمة الزيادات البنزين والسولار والغاز.

الاكتفاء الذاتي اكذوبة

ويعيش قطاع النفط على القروض والاستدانة، ومن ابرزها القرض الضخم الذي قررت الحكومة السعودية تقديمه لمصر في شهر ابريل 2016 وبقيمة 23 مليار دولار ولمدة 5 سنوات، فحسب الاتفاق بين البلدين، فإن شركة أرامكو السعودية توفر لمصر 700 ألف طن شهريا لمدة خمس سنوات من المواد البترولية بواقع 400 ألف طن سولار و200 ألف طن بنزين و100 ألف طن مازوت شهريا، وهذه الكميات تعادل 50% من احتياجات مصر البترولية.

ولعل كذبة الاكتفاء الذاتي من الوقود ، تتلاشى حينما نعلم أن اقتراض مصر من دول العالم وصل نحو 50 مليار دولار في غضون 5 سنوات، وهو مبلغ ضخم جدا مقارنة بقدرات وتدفقات الاقتصاد المصري.

وهو ما يؤكد ان اي حديث عن الاستقرار او الاكتفاء الذاتي من اي سلعة مجرد هرطقة لا اساس لها، سوى الضخك على الشعب المصري، حيث تم رفع اسعار تذكرة المترو، ويستعد نظام الانقلاب لزيادات في اسعار الطاقة والوقود تصل لنحو 40% خلال ايام..

لغة الأرقام

والارقام – لغة لا تكذب – تكشف ورطة النظام الانقلابي، الذي أجل سداد ديون مستحقة عليه لدول دائنة مثل الصين والكويت والسعودية الإمارات فاقت قيمتها 13 مليار دولار في عام واحد هو 2018، كما بلغ حجم التضخم في مصر 14.1%، حسب أحدث أرقام البنك المركزي، وهو ما يعني زيادة ازمات المواطنين المعيشية.

وبحسب تقديرات استراتيجية اقتصادية ومالية، إذا استمر الحال على ما هو عليه الآن فإن مصر واقتصادها سيدخلان في غضون سنوات في دوامة شديدة التعقيد والارتباك وربما التعثر في سداد الديون الخارجية قصيرة الأجل إذا لم يتم احتواء المشاكل الخطيرة الحالية المتعلقة ببنية الاقتصاد.

وفي مقدمة هذه المشاكل الدين العام الداخلي والخارجي الذي وصل لمستويات مخيفة خلال سنوات معدودة، فقد قفز الدين في غضون 5 سنوات فقط أكثر من 4 اضعاف ليرتفع من 1.7 تريليون في العام 2013 إلى ما يقرب من 6 تريليونات منتصف العام الجاري، كما تضاعف الدين الخارجي من 45 مليارا الى ما يقرب من 110 مليارات دولار.

احتياطي النقد الأجنبي

والأخطر أن جزءا من هذه الديون عبارة عن قروض قصيرة الأجل يجب سدادها في غضون سنوات قليلة، والأخطر كذلك حجم فوائد وأعباء الدين، والتي بلغت بموازنة العام القادم 2019-2020 نحو 569 مليار جنيه، وأن أعباء خدمة الدين تزيد عن 900 مليار جنيه في العام المالي الجديد، وهو ما يستنزف أكثر من 80% من إيرادات الدولة، وهذا يعني أن المجتمع والبلد والاقتصاد بات يعمل فقط بهدف سداد أموال الدائنين.

ولعل ما يفضح اكاذيب السيسي، ونظامه حول الاكتفاء الذاتي او التحسن الاقتصادي والاستقرار، والذي غالبا ما يلجا لتبرير اكاذيبه بالحديث عن رقم الاحتياطي من النقد الأجنبي، الذي يبلغ نحو 44 مليار دولار وهو رقم كبير ويغطي واردات البلاد لمدة تزيد عن 6 أشهر.

لكن لا يجب أن نخدع أنفسنا، فالاحتياطي تم نفخه وتضخيمه عبر القروض الخارجية، ولو استرد الدائنون أموالهم خاصة قصيرة الأجل لانهار رقم الاحتياطي، وهو أمر خطر لأن الاحتياطي مخصص لدعم استقرار العملة الوطنية والدفاع عنها ضد أي مضاربات، وسداد أعباء الديون الخارجية، وتمويل فاتورة الواردات، ولا ننسى أن الحكومة اقترضت 50 مليار دولار منذ 2013 حتى يتضخم رقم الاحتياطي.