إلى جورج إسحاق.. هذا هو مصير المعارضين فى الداخل ياكومبارس!!

- ‎فيتقارير

 

أثار رد الناشط السياسي جورج اسحاق على دعوة الدكتور ايمن نور رئس حزب غد الثورة، التي اطلقها مؤخرا للحوار الوطني، الجدل والسخرية لدى كثير من السياسيين والمتابعين للشأن المصري..كان اسحاق قد امتطى صهوة حصانة المزيف رادا على تضمين الدكتور ايمن نور اسمه بقائمة المائة شخصية المدعوة للحوار….داعيا من يريد ان يعارض ان يعود الى الداخل المصري ليعارض..

ما لفت الانتباه أكثر واستدعى غضب البعض، كان تعليق عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، جورج إسحق، على المبادرة التي ورد اسمه فيها. ففي تعليق له، يوم الجمعة الماضي، في “برنامج بتوقيت مصر”، على “التلفزيون العربي”، شكك إسحاق في معارضة الخارج، ورفضها على إطلاقها، وقال “اللي عايز يعارض يتفضل يجي هنا، ويدفع التمن زي ما احنا بندفع”.

وتبدو بقية اعتراضات إسحق، على المبادرة، مفهومة. فصاحبها لم يتواصل مع الأسماء المئة التي ضمنها في دعوته، وأعلن عنها خلال مؤتمر صحفي دون مشاورتهم أو اطلاعهم عليها. وبالطبع، فإن الأمان الذي يتمتع به نور المقيم في الخارج، لا يتمتع به بالضرورة إسحاق، ولا الآخرون ممن وردت أسماؤهم في الدعوة من المقيمين في مصر. وربما كان تعليق إسحق اللاذع، ووصفه للدعوة بالفجاجة، رد فعل غاضب على توريط نور له ولغيره، دون الرجوع إليهم، وربما تعريضهم لأذى السلطات دون رغبة منهم، ودون مشاركته لهم المخاطرة نفسها.

العمل السياسي

ومع هذا، فإن الرفض المطلق للعمل السياسي من الخارج، والمؤسس على تقاليد المعارضة في فترة مبارك، يظل مجحفاً ومفتقداً للحساسية. ففي الماضي، حين كانت صفة “المهجر” كفيلة بوصم أي تجمع أو صوت يحملها، كانت هناك مساحات متاحة في الداخل للعمل السياسي، ولو في حده الأدنى.

وكانت السلطة تبدي تسامحاً نسبياً مع معارضيها في حدود بعينها. ما يغيب عن إسحاق، هو حقيقة الشتات المصري غير المسبوق، سواء في عدده أو تركيبته، والذي أفرزه نظام 30 يونيو. فآلاف المصريين فروا من البلاد أو أرغموا على الفرار، وأن آلافاً آخرين يخشون العودة. ولم يقتصر الأمر على الأحكام القاسية والمطاردات الأمنية وعمليات التصفية، التي دفعت منتمين لجماعة الإخوان وعائلاتهم وغيرهم من المحسوبين عليهم، ولو على سبيل الصدفة، لمغادرة البلاد.

فالمنتسبون للمعارضة العلمانية، وطيف واسع من العاملين في المجالات البحثية والحقوقية والإعلام والفنانين والأدباء والرياضيين والأكاديميين وشخصيات عامة وغيرهم، أضحوا عرضة للمضايقات في المطارات المصرية، والمنع من السفر، ورفض تجديد الأوراق الثبوتية وجوازات السفر، سواء في الداخل أو في السفارات المصرية في الخارج. بل وفي أحيان أخرى، تم تهديد ذويهم في الداخل، للضغط عليهم وإرغامهم على الرجوع أو الصمت. ويبدو أن السياسات المنهجية للنظام المصري قد نجحت بالفعل في دفع الكثير من معارضيها لمغادرة البلاد، بل وترهيبهم بما يكفي في الخارج لإرغامهم على الصمت.

عقوبة إضافية

يتناثر الشتات المصري اليوم في منافيه بين الخليج وتركيا ودول الغرب، ويتوسع إلى ملاجئ كانت غير مطروقة في الماضي، تصل إلى ماليزيا وكوريا الجنوبية وجورجيا وغيرها. ويبدو لمعظم هؤلاء أن تعليقات إسحاق عقوبة إضافية لعقوبة الاغتراب والنفي والحرمان من ذويهم، ومهانة لا تقل إيلاماً عن هذا كله.

وكما يقول الباحث السياسي شادي لويس بمقاله “الشتات المصري”: ” في خضم هذا كله، من الواجب الاعتراف بهذا الشتات المصري، والإقرار أخيراً بأنه ليس عارضاً ولا مؤقتاً، وبالتالي التأكيد على حقه في العمل السياسي في منافيه، جنباً إلى جنب مع إدراك مسؤولياته تجاه مَن في الداخل، وحدودها الأخلاقية”.

غيبوبة جورج اسحاق

المثير في رد المعارض المستأنس جورج اسحاق ما يلاقيه من بالداخل الصري من عصف بكل حقوقهم سواء اكانوا معارضين سياسيين او رافضين للانقلاب العسكري، كما تتجاهل دعوة اسحاق واقع اعتقال نحو 120 ألف مصري ، بحسب رواية سابقة للحقوقي جمال عيد، بسبب معارضتهم للسيسي وللنظام العسكري القائم…

وما منا ببيعد الصحفي ابراهيم فهمي الذي يعمل بالقسم الثقافي بالاهرام – الصحيفة الحكومية- الذي جرى اعتقاله مؤخرا بسبب عرضه لكتاب عن النفوذ الاسرائيلي بافريقيا واطماع الصهاينة بالسودان، فجرى اعتقاله واخفائه قسريا منذ اسبوع… لا لشيء الا لتعليقه على اطماع بني صهيون الاحباب الجدد لعساكر مصر حاليا…

إهدار قيم الحياة

وبحسب الباحث محمد طلبة رضوان بالعربي الجديد: “في مصر، حديث ممل ومكرّر عن أن الوطنية تقتضي المعارضة من الداخل. وكلاء المصالح الغربية يعطون دروساً في الوطنية، ويفهموننا كيف ينبغي لنا أن نعارضهم. المفارقة أنك لكي تكون معارضاً للنظام عليك أن تكون مؤيداً له، فهو يريد معارضته في الداخل، عليك أن تكون في الداخل، يريدها معارضةً مؤدبة لا تتدخل في ما لا يعنيها.

تأدَّب. استأذن قبل أن تعارض. تصدّق رواية الدولة ، ولا تشكك فيها. انقَد، تؤمن بأن مصر ليست دولة عسكرية ولا دينية ولا علمانية، كما صرّح رئيس مجلس النواب، المعارض علي عبد العال. حبذا لو كانت معارضة ليست معارضة، ولا مؤيدة، نوعاً ثالثاً، كما صرح رئيس حزب النور. معارضة تحت اليد في المتناول، حلوة لا تثير الشغب، المعادلة “جوه” هي إما أن تشتغل عند الدول معارضاً، وإما تتحول إلى معارض حقيقي فتدخل السجن. عارض من الداخل مثل معصوم مرزوق ابن الدولة المصرية، وبطل من أبطال حرب أكتوبر، وادخل السجن. نافس من الداخل مثل سامي عنان، رئيس أركان الجيش السابق، وادخل السجن. عارض من الداخل مثل عبد الحليم قنديل وجورج إسحاق، ولا تعارض من الخارج مثل مصطفى كامل وسعد زغلول ومحمد فريد، وكل من خانوا سلطة الإنجليز الشرعية، المستعمرين الطيبين، كما كانت تصفهم صحيفة المقطم (المصرية)، في النصف الأول من القرن العشرين، في سياق تبرئة مجرمي واقعة دنشواي (1906) من تهمة حرق أجران القمح وقتل الفلاحين في دنشواي، وهي التهمة التي حصل فيها الجاني على براءة من محكمة مصرية، وعلى يد قضاة مصريين، فيما أدين أهل المجني عليهم، وعوقبوا بالإعدام، واتهم من يدافع عن مصر وقتها في الصحف الفرنسية، بالخائن. والتاريخ يكتبه المستعبطون، وأبناء “المقطم” الذين ثبتوا في الميدان بعد يوليو الأولى ويوليو الثانية، وكانوا دائماً إعلام مصر الوطني الحقيقي، “بتاع جوّه”… ..

المخابرات

وبجانب معصوم مرزوق وسامي عنان وغيرهم من مئات الالاف من المعارضين الشرفاء الذي ابتلعتهم سجون السيسي لمجرد تعبيرهم عن ارائهم…

وحتى لو سلمنا بامكانية المعارضة من الداخل، فأين سيعرض المعارضون من الداخل ارائهم في ظل سيطرة المخابرات على الاعلام بصورة غير مسبوقة بتأميم القنوات التلفزيونية وشراءها وتسريح العاملين بها الا من بعض جنود ابليس، او اغلاق ما يزيد عن 500 موقع ، واعتقال اكثر من 100 صحفي ، ومطاردة ووقف اعلامي نظام السيسي انفسهم، ولا ادل على ذلك مما تتعرض له الفنانة المؤيدة للسيسي شيرين عبد الوهاب، التي تحارب بشراهة من قبل عساكر النظام، حتى انها قالت لنفسها وامام جمهورها بحفل الرياض منذ ايام قلائل : اسكت يابقي..فيه ناس بتابعني”!!!!

فأين تكون معارضة الداخل…الا اذا كان اسحاق وغيره من المعارضين الديكور يريدون من الاحرار ان يكونوا مجرد كومبارس…