“اخرس يا مصري”.. هل وضحت رسالة السيسي بعد الهجوم على “مدى مصر”؟

- ‎فيتقارير

لم يكن عام 2019 هو الأسوأ بالنسبة لحرية الصحفيين المصريين فقط، باعتباره الأكثر في عدد معتقليهم، وإنما كان أيضًا الأسوأ من حيث حرية حركة الصحافة والإعلام، التي واجهت ترسانة من القوانين المكبّلة للكلمة والصورة.

الهجوم على آخر قلعة صحافة مستقلة فى مصر هو الهجوم على المصريين جميعا، رسالة السيسى كانت واضحة بعد الهجوم على موقع “مدى مصر”، أن يخرس كل مصري ولا يتكلم. ونشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا، قالت فيه إن اعتقال سلطات الانقلاب محررًا في موقع مستقل يمثل ذروة قمع حرية التعبير، في ظل جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي.

لأجل محمود!

وتشير صحيفة “نيويورك تايمز” إلى أن الموقع المعروف بتحقيقاته الرائدة باللغتين العربية والإنجليزية بقي مصدر المعلومات المهم للناشطين والمثقفين داخل مصر، وكذلك صناع السياسة والباحثين حول العالم، فمنذ عام 2013 سيطر الانقلاب وبشكل فعلي على المنظمات الإخبارية في البلاد كلها.

ويلفت التقرير إلى أن الموقع نشر تحقيقًا صحفيًّا يوم الأربعاء، جاء فيه أن السفيه السيسي قام بهدوء بإبعاد ابنه محمود من منصبه البارز في المخابرات، وأرسله بمهمة مفتوحة إلى السفارة المصرية في موسكو.

وتقول الصحيفة، إن الضغط على “مدى مصر” ربما كان جزءا من القمع على المعارضة منذ سبتمبر، فعصابة السفيه السيسي لم تتسامح مع المعارضة أو التجمع العام، لكن البلاد شهدت في ذلك الشهر فورة من التظاهرات المحدودة، وردّت سلطات الانقلاب باعتقال أكثر من 4 آلاف شخص، بحسب منظمات حقوق الإنسان، مشيرة إلى أن هذه أكبر حملة قمع منذ استيلاء السفيه السيسي على السلطة عام 2014، وقد شملت الاعتقالات عددا من الصحفيين والأكاديميين.

استحواذ

من جهته يقول الباحث في التخطيط الإعلامي وصناعة الرأي العام، يوسف العبيدي، إن “السيسي وضع سياسة العودة للإعلام الناصري بعدة إجراءات، كان أبرزها ضبط الإعلام على موجة واحدة، وهو ما تمثّل في استحواذ الشركات التابعة للمخابرات، سواء “إعلام المصريين”، أو “إلكان”، أو “إيغل كابيتل” على كل الفضائيات المصرية الخاصة”.

ويشير العبيدي إلى أن هذا الاستحواذ أدى إلى تقليل الساعات المخصصة للبرامج السياسية، والتوسع في البرامج الترفيهية والرياضية والفنية، مع الإبقاء على برامج محددة لإعلاميين بعينهم يثق فيهم نظام السيسي، أو يعتبرهم المتبقّين من رجال المرحلة، مثل أحمد موسى ووائل الإبراشي وعمرو أديب ومحمد الباز وأسامة كمال، بينما رحلت مجموعة أخرى مثل لميس الحديدي والمعتز بالله عبد الفتاح وعزمي مجاهد وتامر عبد المنعم ويوسف الحسيني.

ويؤكد العبيدي أن الإجراء الثاني في خطة السيسي كان بعدة قوانين وضعت مهنة الإعلام والصحافة بين فكي النظام العسكري، سواء من جهة المجلس الوطني للإعلام الذي كان تأسيسه كارثة على حرية الصحافة، أو من خلال الجهات الأمنية والقضائية التي توسعت في عمليات الاعتقال والحبس، مستخدمة المواد التي فرضتها التشريعات الجديدة.

ويرى الباحث الإعلامي أن القوانين الخاصة بالمجلس الأعلى للإعلام وهيئة الصحافة وقانون جرائم الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وقانون تنظيم مهنة الصحافة، بالإضافة إلى لائحة العقوبات والجزاءات التي فعلها المجلس الأعلى للإعلام ضد العاملين بمهنة الصحافة والإعلام، جعلت مصر في عام 2019 منزوعة الصحافة والإعلام.