ارحلوا أيها المعوزون!

- ‎فيمقالات

وقف قائد الانقلاب ليقول: لما حبيت أخرجكم من حالة «العوز» وأخليكم أمة ذات شأن تعملوا هاشتاج ارحل_يا_سيسي.. أزعل ولا مزعلش؟
ما أشبه الليلة بالبارحة، كما يقول أنيس منصور،عندما قال عبد الناصر- يوم الاعتداء عليه- في تمثلية حادثة المنشية التي ألفها وأخرجها ومثلها على مسرح الأحداث الزعيم الملهم، عندما كان يصرخ قائلا: أنا الذى علمتكم الكرامة أنا الذى علمتكم العزة.

الأستاذ عباس العقاد: لما سمع هذه العبارة- كان يقول: إن شعبا يسمع مثل هذه العبارة ولا يثور عليه ويشنقه فى مكانه لشعب يستحق أن يحكمه ويدوسه بالنعال، هذا الرجل عندما قام بثورته هذه، وجد البيوت والشوارع وملايين الناس والأهرامات والثورات والجامعات ومئات الألوف من الكتب، لقد سبقه إلى الوجود كل هؤلاء، وسبقته إلى القاموس كلمات أخرى غير العزة والكرامة، الغرور والغطرسة، مثل هذه الغطرسة.

ولكن الشعب المغيب، سمع عبارات الهرتلة من قائد الانقلاب، فقام جوقة النظام الانقلابى وبقيةالمرتزقة، وأبناء الفاسدين الذين يحتشدون في مؤتمرات الشباب المزعومة، بالتصفيق الحار!

والسؤال هنا من الذى أوصل الشعب إلى مرحلة العوز؟
أليس من سرق ثروات البلاد من أثار ومعادن وبترول وغاز ورؤوس أموال؟أليس من ضيع حصة وحق مصر التاريخى في مياه النيل، ويستعيض عنها بمياه المجارى؟
أليس من باع الأرض والعرض، وأشترى أسلحة بمليارات الدولارات، ليس لها أي لازمة،ولكن فقط من أجل الحصول على شرعية زائفة؟
ألست أنت الذى ألقى مليارات الدولارات في تفريعة قناة السويس،بدون أي دراسات، ولما فشلت قلت كان القصد، هو رفع الروح المعنوية للشعب؟
ألست أنت من أنفق ومازال ينفق على عاصمته إدارية والتي ستكون مقراً للفاسدين وأبناء الفاسدين من مرتزقة النظام الانقلابى؟ألست أنت من فتح باب الدين والقروض على مصراعيه،وبعد ما كان الدين ترليون و300 مليار أصبح 4 ترليونات،وستظل الأجيال القادمة لعقود تسد فوائدها فقط؟

أليست الأمة المصرية، التي تتحدث عنها أيها الجنرال الأخرق لم تعرف ما هو العوز إلّا منذ أن حكمها العسكر.. لأن العسكرلا هم لهم إلا النهب والسلب؟ بعد أن كانت مصر غنية بمواردها وثرواتها وبموقعها المتميز، لكن من قزمها وتنازل عن ثرواتها وأضاع مكانتها هم العسكر، ومع كل هذا هي مازالت غنية بثروتها البشرية وكل مواردها المسروقة، ارحلوا عنها فقد آن لها أن تستريح!

والسؤال الأهم هو من هم الذين أوصلونا للعوز؟ أليسواهم العسكراالذين سبقوك وكانوا كلهم عسكرفشلة باعترافك؟

ويقول: يجب أن نخرج من العوز الأخلاقي والعلمي والاقتصادي والمعنوي، بالطبع كلام جميل ومعقول!
لكن ما هى الخطط والبرامج العملية التي ستخرج بها البلاد من حالة العوز والفقر؟، وهل سيكون إخراج الأمة من عوزها بالقروض والدين ورفع الأسعار وتحميل المواطن الفقيرالمسؤولية كاملة عن تردى الأوضاع الاقتصادية؟

كيف للفاسدين ورعاة الفساد، أن يصلحوا أحوال البلاد ويخرجوها من حالة العوز، وهم سبب البلاء وأصل الداء؟، وكم كانت عبارات قائد الانقلاب في كل خطبه مليئة بالسخرية، مثل قوله:

احنا محووجين
انتو كتير قوي
نجيب منين
كدة خربانة وكده خربانة
يعمل إيه التعليم فى وطن ضايع
إنسان ايه اللي عايز تبنيه؟!.

وكعادته لايفوت الفرصة للنيل من الدين، فتحدث عن الإشكاليات الدينية،حسب زعمه فراح يتهم الأديان بأنها غير قادرة على استيعاب “أن الله تعالى هو الذي أنزل الدين وصنع التطور الإنساني قائلاً: يعني عاوز أقلكوا هي الحرب استثناء ولا أصل، الحرب استثناء، لكن لما يكون فكر أمة مبني على الحرب فقط، يعني فهمها في فترة الـ100 أو الـ 200 سنة الأخيرة إن الحرب هي الأصل والاستثناء هو السلام، معقول فيه فهم ديني كدة، وانتوا خايفين إن إصلاح الخطاب يضيع الدين، هو فيه ضياع للدين أكتر من كده.

وكما يقول المثل العربى، وعلى نفسها جنت براقش، فبعد خطاب العوز في مؤتمر الشباب بجامعة القاهرة عاد وسم “ارحل_ياسيسي” مرة أخرى إلى قائمة التريند.

وكما قال أحمد مطر في رائعته جرأة:

قلتُ للحاكمِ: هلْ أنتَ الذي أنجبتنا؟
قال: لا.. لستُ أنا
قلتُ: هلْ صيَّركَ اللهُ إلهاً فوقنا؟
قال: حاشا ربنا
قلتُ: هلْ نحنُ طلبنا منكَ أنْ تحكمنا؟
قال: كلا
قلت: هلْ كانت لنا عشرة أوطانٍ
وفيها وطنٌ مُستعملٌ زادَ عنْ حاجتنا
فوهبنا لكَ هذا ا لوطنا؟
قال: لم يحدثْ، ولا أحسبُ هذا مُمكنا
قلتُ: هل أقرضتنا شيئاً
على أن تخسفَ الأرضَ بنا
إنْ لمْ نُسدد دَينَنَا؟
قال: كلا
قلتُ: مادمتَ إذن لستَ إلهاً أو أبا
أو حاكماً مُنتخبا
أو مالكاً أو دائناً
فلماذا لمْ تَزلْ يا ابنَ ا لكذ ا تركبنا؟؟
… وانتهى الحُلمُ هنا

وبعد كل هذا العوز وارتفاع الأسعار وحالة الضنك التي يعيشها المواطن المطحون، وحوادث الطرقات والكوراث والحرائق الممنهجة،التي أصبحت شبه يومية، ومع ذلك لم نسمع بأن مسؤلاً واحداً استقال،أواعترف بتقصيره أوفساده، بل بالعكس غالبا مايتم تكريمه!

د/عزالدين الكومى.

المقالات لا تعبر عن رأي بوابة الحرية والعدالة وإنما تعبر فقط عن آراء كاتبيها