استدعاء الاحتلال الفرنسي بـ”استطلاع” وأحضان .. ونشطاء: الملايين تطالب بعودة الخلافة

- ‎فيتقارير

اعتبر مراقبون أن مشهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم في بيروت مصطنع بهدف تحقيق انتصار لراعي الطرفي المسيحي التاريخي في الترويكا اللبنانية (الرئاسة) والبرلمان والحكومة.

وأشار المراقبون إلى أن ماكرون –الخاسر في الانتخابات الفرنسية المحلية- كان واضحا رغبته في الظهور بمظهر المنتصر، رغم أن الدبلوماسية الفرنسية كان على موعد فعلي مع اللبنانيين للمساعدة في حل أزمتهم الاقتصادية وإفلاسهم وديونهم المتراكمة للصناديق والبنوك الدولية.. المهمة الخاصة التي أسهمت في ظهور ماكرون بهذا الشكل، لم تظهر بوجهها وإن ظهرت بأثرها، حيث خاض اللجان والذباب الالكتروني التابع للثورة المضادة خلال ساعات الصباح الأولى من اليوم الخميس ولكنها لصالح الصديق الفرنسي إيمانويل ماكرون فجمعت له نحو 55 ألف توقيع على عريضة الكترونية (منصة Chance) للمطالبة بعودة الاستعمار الفرنسي للبنان بحسب "بي بي سي".

وفي أفضل الظروف كان وراء هذا الحشد إمضاءات طائفية بامتياز حيث دأب مسيحيو لبنان على استدعاء الفرنسيين في كل ملماتهم، فلا فرق بين ملة ميشيل عون وإيمانويل ماكرون، ولذلك نقلت المحطات الغربية مشهد امرأة لبنانية تخاطب ماكرون: "أنت تجلس مع صناع الحرب و هم يستغلوننا" فيرد: " أنا لست هنا لمساعدتهم، بل هنا لمساعدتكم" ثم يحتضنها.
ماكرون تحدث اليوم في لبنان، وكانه يدير الدولة اللبنانية، فجزم أن مساعدات فرنسا هي "لمساعدة الشعب اللبناني ولن تصل هذه المساعدات إلى أيدي الفاسدين"، ومن السخرية أنه بالفعل جالس الفاسدين لم يستثن منهم أحدا!

الغريب أن أغلب التعليقات اليوم على زيارة ماكرون إلى بيروت تجاهلت التلاعب في نتائج الاستطلاعات التي دأبت عليها الدوائر القريبة من الثورة المضادة في الإمارات والسعودية ومصر وباتت تسلخ الجسد اللبناني الممزق بالأساس من الطائفية والفساد والإهمال وحزب الله وسوريا إضافة للتربص الصهيوني، التي يهمش فيها أكبر مكوناتها (أهل السنة)، وهو ما دعا اللبناني مخلص برزق إلى السؤال وهو ماذا لو طالب المسلمون السنة بعودة الخلافة العثمانية معلقا على صمت البعض أمام دعاوى عودة الاحتلال الفرنسي إلى لبنان.

احتلال جديد
وأجمع المراقبون أن زيارة ماكرون هي لمستعمراته القديمة بدأها بتونس ثم الجزائر والآن لبنان، فكتب الإعلامي إسلام عقل "بالأمس كانت الجزائر وتونس واليوم لبنان.. ماكرون يحافظ على إرث بلاده الاستعماري ويسعى لإعادة إحياء ما اندثر من مجد الفرنسيس".

https://twitter.com/islamakel/status/1291403615563849729

أما د. محمد الصغير، وكيل وزير الاوقاف الشرعي في مصر السابق، فكتب "رحل الاحتلال بعدما قسّم البلاد وحد حدودها، ومكن من زمامها من يعملون لصالحة وينفذون مخططه، وبالمقارنة بين الاحتلال الأصيل والبديل فضَّل أصحاب الفكر المختل عودة المحتل، وكأننا أمام معادلة ثنائية إما الاحتلال أو أعوانه!". وأبدى تعجبا من أمة "نجحت في طرد عدوها، لكنها فشلت في اقتلاع ذيوله".

ميثاق استعماري

وأضافت الناشطة الأمريكية من أصل فلسطيني ديمة الخطيب "الرئيس الفرنسي ماكرون يعد الناس في شوارع بيروت المنكوبة بميثاق سياسي جديد. الله أكبر! بس ما يكون متل الميثاق السياسي الذي خلفته دولته الاستعمارية : ميثاق طائفي مكتوب له الفشل بنوياً من أساسه ..  تذكرني فرنسا بأطباء العيادات التجارية: يعلقونك في دوامة، فتعود إليهم دائماً للخلاص!".

ورأى الصحفي الأردني أن التوقيع على العريضة أخذ أكثر من قدره فكتب "لا تلوموا الناس المكلومين في لبنان على تعلقهم بماكرون لحل مشاكلهم. . اللوم على النخبة السياسية الفاسدة المسؤولة عن #انفجار_مرفأ_بيروت، وعلى دول العرب والإقليم التي تعبث بلبنان منذ عقود، وعلى فرنسا التي أسست نظاما لبنانيا طائفيا بغيضا بعد الاستعمار".

ورأت د. لقاء مكي أن ماكرون يعد لمشروع جديد لم تتضح معالمه وقالت  "زيارة الرئيس ماكرون إلى بيروت، ليست رمزية، ولا محض تضامنية. فرنسا التي طالما اعتبرت نفسها (مسؤولة) عن لبنان، ولا سيما المسيحيين فيه، لديها هذه المرة مشروع بدعم غربي، وستستغل كل ضعف النظام السياسي بعد انفجار المرفأ لتحقيقه. المتغيرات ستكون عميقة، وجدية".

https://twitter.com/azzawil/status/1291333592354717697

واعتبر  د. رامي عبده المفكر الفلسطيني أن "الترحيب" الذي حظي به ماكرون في بيروت لا يقل دلالة وفجاعة عن مأساة انفجار ميناء بيروت. شعوبنا تستحق زعامات تمثلها وتعبر عن همومها وتحقق مطامحها، شعوبنا لا تستحق كل ذلك، لا تستحق أن تستحسن الوصاية الغريبة ولا المستعمر.
وتعجب الأكاديمي التونسي محمد هنيد من سلوكيات الغرب المنافق فقال: "يدمرون الأوطان في ليبيا ومصر وسوريا و لبنان والعراق وتونس والجزائر والسودان واليمن … حتى يصير استقبال الغزاة بالورود تحصيل حاصل لتحريرهم من جحيم الوطن".
بينما أكد مستشار الرئيس مرسي السابق أحمد عبد العزيز أن "الفساد والتشرذم الداخلي لا يمكن أن يكون مبرارا (بأي حال) لاستدعاء الاحتلال.. وهذا التصرف المتهافت من بعض اللبنانيين، أراه تعبيرا عن الأنانية المفرطة، وتقديم المصلحة الشخصية على المصلحة العامة، والرضا بأن يعيشوا نعالا للمستعمر، بدلا من أن يناضلوا لإصلاح وطنهم! بؤس ما بعده بؤس!".

https://twitter.com/AAAzizMisr/status/1291322284419031041

وكشف الناشط الليبي إبراهيم قصودة أن مخططات الاستعمار بدأت فعليا فأوضح أنه من مخططات الاستعمار والعودة بآليات جديدة  حيث تم تسليم مطار بيروت الدولي لقوات مشتركة دولية برئاسة ألمانيا. وتسليم الحقول والمواني والهلال النفطي لقوات أوروبية مشتركة برئاسة المانيا".

وفي حكمة ممتدة قال "انظر إلى المستفيد تعرف من يمول ويقف خلف استمرار هذه النزعات و الأزمات ويوظفها لحساب اجندته". وبضدها تعرف الأشياء كتب الإعلامي مصطفى عاشور موضحا الأهداف الفرنسية المكشوفة "تحرك ماكرون فرنسا إلى لبنان هل هو بدافع المساعدة والإغاثة أم لأهداف أخرى؟ أراها محاولة من فرنسا لإبقاء سياساتها الاستعمارية في الشرق الأوسط وإلا لماذا الإعلان عن ميثاق جديد؟ وإذا كان الموضوع متعلقا بالإنسان فأين فرنسا مما يفعله السيسي في مصر ودعمها لحفتر وتدخلها السافر في ليبيا؟".

القابلية للاحتلال
الصحفي محمد أبو الوفا استدعى مقولات مالك بن نبي المفكر الإسلامي الجزائري عن القابلية للاستعمار فأشار إلى قوله "هي رضوخ داخلي عميق للاستعمار، هذا الرضوخ ناتج عن إقناع الاستعمار للافراد المستًعمرين (الأهالي) بتفوقه عليهم وعدم قدرتهم على إدارة شؤون حياتهم بدونه، ودونيتهم في كل شيء.

وأضاف "يرى مالك بن نبي أن القابلية للاستعمار قد تكون ناتجة عن الواقعة الاستعمارية أي خضوع شعب ما للاستعمار، كما قد تكون ناتجة عن صفات عقلية ونفسية ترسخت في أمة معينة نتيجة ظروف وصيرورة تاريخية معينة، تجعلها تفشل في القيام بفعل المقاومة، وبالتالي الشعور بالدونية اتجاه الآخر المتفوق حضاريا، ويعتقد بن نبي أن كثير من أفراد المجتمع الإسلامي يعانون من القابلية للاستعمار حتى ولو كانت بلدانهم غير خاضعة للاستعمار".