استشهاد المعتقل “ناصر عبد المقصود” بسجن طره.. كورونا يحصد أرواح المعتقلين

- ‎فيحريات

استُشهد المهندس المعتقل ناصر أحمد عبد المقصود أحمد، 57 عاما، في الساعات الأولى من فجر اليوم الثلاثاء، بعد إصابته بمحبسه بسجن طره تحقيق بفيروس كورونا، وتدهور حالته الصحية ونقله لمستشفى العزل بإمبابة. 

وتوجهت أسرته لاستلام الجثمان، ولم تعلم أنه داخل مستشفى العزل فى إمبابة إلا مساء أمس، لتتلقى خبر وفاته اليوم، ضمن جرائم العسكر التى لا تسقط بالتقادم.

وكانت قوات أمن الانقلاب قد اعتقلت الشهيد من أمام مقر عمله بكهرباء طلخا، وظل مختفيًا لفترة قرابة الشهر، قبل أن يظهر في نيابة أمن الانقلاب العليا بالتجمع الخامس، على ذمة إحدى القضايا، ليتم ترحيله إلى سجن استقبال طره، ليتوفاه الله فجر اليوم .

يشار إلى أن الشهيد كان قد تم إخلاء سبيله بعد اعتقاله فى أول مرة عام 2016، ثم تم اعتقاله للمرة الثانية فى ديسمبر 2019، ليختفي قسريا لمدة 50 يومًا، قبل ظهوره في النيابة للتحقيق، وترحيله لسجن طره، ولم تتمكن أسرته من زيارته ولا الاطمئنان عليه عقب ظهوره؛ بسبب المنع من الزيارة نتيجة لانتشار فيروس #كورونا.

ووثق مركز الشهاب لحقوق الانسان الجريمة، اليوم، وقال إن الجريمة تأتى وسط اشتباه في إصابة المتوفى بكورونا، بعد أن قضى مدة في الحبس منذ القبض عليه في ديسمبر 2019 واختفائه قسريا، قبل أن يظهر على ذمة قضية.

الشهيد الثالث في شهر

وأوضح أن المهندس هو المتوفَى الثالث لهذا الشهر بعد المواطنين حسن زيادة، ورضا مسعود، وبعد شهر مايو الذي شهد ارتفاعا كبيرا في وفيات الإهمال الطبي داخل السجون، في ظل تفشي جائحة كورونا، ووسط تحذيرات الأوساط الطبية والحقوقية، وإهمال سلطات الانقلاب.

وذكر أن الوفيات تشير إلى تصاعد خطير للإهمال الطبي المؤدي للموت داخل السجون المصرية، في ظل انتشار وباء كورونا الذي سارعت بعض الدول للإفراج عن مسجونيها خشية انتشار الوباء بينهم، بينما ينتشر فعليا داخل السجون وأماكن الاحتجاز بمصر دون إجراء حقيقي لمواجهته ما يجعل أعداد وفيات المحبوسين مرشحة للزيادة.

وحمَّل الشهاب لحقوق الإنسان وزارة الداخلية بحكومة الانقلاب مسئولية الوفاة، وطالب النيابة العامة بالتحقيق في وفاة المهندس، وإحالة المتورطين فيها للمحاسبة، كما طالب بالإفراج عن جميع المعتقلين تلافيا لمخاطر الوباء.

وبتاريخ 7 يونيو، توفى الدكتور حسن زيادة، والمحتجز منذ اعتقاله بتاريخ 28 مارس 2020 بعنبر 3 في ‫قسم أول المحلة الكبرى، وكان قد تم نقله مقيدًا في حالة متأخرة إلى مستشفى المحلة العام، التي لا يوجد بها حجر صحي لاستقبال حالات كورونا.

وذكر فريق نحن نسجل الحقوقى أنه علم بوجود 19 محتجزا آخرين في قسم أول المحلة الكبرى يشتبه في إصابتهم أيضا بفيروس كورونا، تم نقل اثنين منهم إلى مستشفى المحلة العام مثلما حدث مع المعتقل "حسن زيادة".

تفشي الوباء في القناطر 

فيما وثَّق فريق "نحن نسجل" ظهور حالات اشتباه بفيروس #كورونا داخل ما لا يقل عن 4 غرف احتجاز داخل #سجن_القناطر_رجال، والذي يضم في معظمه سجناء على ذمة قضايا جنائية، حيث بدأت أعراض الإصابة في الظهور داخل السجن يوم 23 مايو الماضي.

وبتاريخ 12 مارس، أصدر الفريق بيانًا بعنوان "قبل أن تقع الكارثة"، طالب فيه سلطات نظام السيسى بالحفاظ على أرواح السجناء بكافة درجاتهم وخلفيات القبض عليهم من خلال الإفراج الفوري عن أكبر قدر ممكن ممن تتوفر فيهم اشتراطات الإفراج، سواء بانقضاء الحد الأقصى للحبس الاحتياطي والمرضى ونصف المدة وغيرها من ظروف الإفراج والعفو الذي نص عليه القانون.

4  ضحايا بالشرقية

وكانت محافظة الشرقية قد شهدت استشهاد 4 معتقلين، تأكد ظهور أعراض الإصابة بفيروس كورونا عليهم قبل وفاتهم، حيث استشهد المعتقل محمد خاطر غمري، في 5 مايو الماضي، كما استشهد المعتقل رجب النجار في 7 مايو الماضي، ومؤخرا استشهد المعتقل السيد معوض عطية، 62 عاما، بعمومي الزقازيق، بالإضافة لاستشهاد المعتقل المهندس إبراهيم محمد الدليل بمركز شرطة ههيا، في 14 مايو الماضي.

وأمس الاثنين أطلق أهالي المعتقلين بقسم شرطة ديرب نجم محافظة الشرقية صرخات استغاثة، بالمجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان، لسرعة التدخل للإفراج عن ذويهم المعتقلين، وذلك بعد ثبوت إصابة جل المعتقلين داخل القسم بفيروس كورونا، الأمر الذي يهدد سلامة حياتهم. 

وأكد الأهالي تجاهل إدارة القسم تقديم العناية الطبية لذويهم، ونقلهم لمستشفيات العزل، والإفراج عنهم لعدم انتقال عدوى فيروس كورونا لباقي المعتقلين، ضمن مسلسل الجرائم والانتهاكات التى لا تسقط بالتقادم.

وحمل الأهالي مسئولية سلامة ذويهم لمأمور مركز شرطة ديرب نجم، ومدير أمن الشرقية وداخلية الانقلاب، وأكدوا استمرار تحركهم على جميع الأصعدة حتى يرفع الظلم الواقع على ذويهم .

مخاوف في الحسينية

أيضا كشفت "رابطة أسر معتقلي الشرقية" عن تأكد إصابة عدد من المعتقلين في سجن الحسينية بفيروس كورونا، بينهم الدكتور أنس السيد عوض أخصائي الجلدية بمستشفى فاقوس، مشيرين إلى إيجابية تحاليلهم.

وقالت الرابطة، في بيان لها، إن "هناك خطورة شديدة على حوالي 57 معتقلا بسجن الحسينية بالشرقية بعد تفشي كورونا بمقر الاحتجاز، وتأكد نقل المعتقل عبد الرحمن ابراهيم عليوة، 53 عاما، من مدينة العاشر من رمضان، والمحتجز بمركز شرطة الحسينية، إلى جهاز التنفس الصناعي بمستشفى العزل"، مشيرة إلى أن بعض المعتقلين ومنهم الدكتور أنس السيد عوض، أصيب بالفيروس وجاءت نتيجة تحاليله إيجابية.

ونقلت الرابطة عن أطباء مقربين من المعتقلين قولهم: إن "كافة الدلائل الصحية تشير إلى إصابة كل المخالطين بفيروس كورونا"، مشيرة إلى أن مأمور السجن بعد أن تم نشر أنباء عن وجود احتمالات للمعتقلين في وقت سابق، نُقل عدد من مخالطي الحالتين إلى حجرة جديدة يوجد بها معتقلون، ما تسبّب في إصابتهم أيضا بالعدوى".

وأضافت الرابطة أن "المعتقلين عانوا منذ أسبوع بصورة جماعية من ارتفاع شديد في درجة حرارة الجسم وضيق بالتنفس وكحة سعال ورشح، ورفضت إدارة مركز الشرطة نقلهم للمستشفى لإسعافهم، ما أسفر عن تدهور الحالة الصحية لعدد منهم".

إلى ذلك قال حساب "جوار" على فيس بوك، إنّ 18 معتقلا بالسجن العسكري بقوات أمن العاشر من رمضان ظهرت عليهم أعراض كورونا، وسط تجاهل من إدارة السجن في اتخاذ الإجراءات العلاجية وعمل مسحات لهم قبل انتشار وتفشي المرض في باقي السجن!.

وطالب الحساب بعمل مسحات شاملة لجميع المعتقلين في السجن، المصابين وغير المصابين، وتسهيل دخول الأدوية لهم، وعمل غرف عزل ملائمة تحافظ على صحتهم وسلامتهم، وسرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة لعلاجهم، وإصدار عفو شامل عن جميع المعتقلين حفاظًا على أرواحهم.

وكان مصدر من داخل قسم أول مدينة العاشر من رمضان، قد كشف عن ظهور أعراض فيروس كورونا على العشرات من المحتجزين داخل القسم، دون تقديم الرعاية الطبية اللازمة لهم.

وفي "العاشر من رمضان" 

وأكد مصدر آخر ارتفاع أعداد الذين تظهر عليهم أعراض الإصابة بفيروس كورونا داخل قسم ثاني العاشر من رمضان، دون حصولهم على حقهم في الرعاية الطبية اللازمة، بما يهدد سلامتهم وسلامة الجميع .

وعقب وفاة موظف بسجن طره نتيجة إصابته بفيروس كورونا تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي أنباء عن انتشار إصابات كورونا بين المسجونين بمعتقل طره. وقارن النشطاء بين ٤ عنابر في سجن طره ظهر بها كورونا بعد وفاة الموظف .

وأعربت منظمات حقوقية عن تخوفها من انتشار فيروس كورونا في السجون المصرية، في أعقاب إصابة الموظف ووفاته  في ظل عدم استجابة إدارة السجن، بالإضافة إلى الإهمال المتعمد ومنع دخول الأدوية.

وقالت “التنسيقية المصرية للحقوق والحريات”، هناك أنباء مؤكدة عن انتشار عدة أعراض داخل سجن تحقيق طره، من أهمها ارتفاع درجة الحرارة، وآلام في الجسم، ورشح وصداع، والتهاب في الحلق والأذن، وفقدان حاسة الشم، بالإضافة إلى وجود السعال عند بعض المعتقلين، مضيفة على صفحتها على فيسبوك أن “الأعراض تظهر بالتتابع، وقد تكون أعراض فيروس كورونا أو عدوى بكتيرية يجب التعامل معها فورا”.

وقال محامون، نقلا عن المعتقلين وذويهم، إن 24 معتقلا سياسيا بسجن الجيزة العمومي مصابون بأعراض تشبه فيروس كورونا منذ أول أيام العيد، ومع ذلك تواصل إدارة السجن تجاهل هذا الوضع الكارثي.

مطالب بإنقاذ السجناء

وكانت المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، قد طالبت سلطات الانقلاب في مصر بالإفراج عن المعتقلين في سجونها، خوفا من الانتشار السريع لفيروس "كورونا" المستجد بين أكثر من 114 ألف سجين مصري.

وقالت المفوضية، في بيان لها: "قلقون للغاية بشأن اكتظاظ السجون في مصر وخطر الانتشار السريع لفيروس كورونا، لذلك نحث الحكومة المصرية على أن تحذو حذو الدول الأخرى في جميع أنحاء العالم وإطلاق سراح المعتقلين من غير المتهمين في قضايا العنف، ومن هم رهن التحقيق".

ودعت المفوضية إلى "الإفراج عن "المعتقلين إداريا، والمعتقلين تعسفيا بسبب آرائهم السياسية أو عملهم الحقوقي، وكذلك الفئات الأكثر ضعفا كالأطفال وكبار السن، ومن يعانون من أمراض خطيرة".

وأضافت المفوضية أن "السجون ومراكز الاعتقال في مصر غالبا ما تكون مكتظة، وغير صحية، وتعاني من نقص الموارد"، مؤكدة أن المعتقلين يُمنعون بشكل روتيني من الحصول على رعاية طبية أو علاج ملائم"، معربة عن "القلق من التقارير التي تؤكد انتقال الحكومة إلى قمع الانتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي، وإسكات عمل المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين الذين يركزون على جائحة كورونا".

وأشارت المفوضية إلى ما حدث "يوم 20 مارس الماضي، باعتقال 15 شخصا لنشرهم أخبارا عن الفيروس التاجي" لافتة إلى تلقيها مؤخرا معلومات عن طبيب وعامل صيدلاني تم القبض عليهما بسبب فيديو على فيسبوك ومشاركات تشكو من نقص الأقنعة"، مطالبة "السلطات المصرية بأن تقدم معلومات واضحة وموثوقة وقائمة على الحقائق بدلا من معاقبة الأصوات الناقدة من خلال نهج عقابي، مطالبة بإشراك المواطنين وتمكين المجتمع المدني في مسار مكافحة وباء كورونا".

وقال تقرير للمفوض العام لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة: إن عدد السجناء في مصر يتخطى 117 ألف معتقل، بينهم ما يزيد على 70 ألف معتقل سياسي منذ الانقلاب على الرئيس الشهيد محمد مرسي في 3 يوليو 2013، لكن سلطات الانقلاب في مصر تنفي هذه الأرقام، وتقول إن السجون لا تضم سوى سجناء بأوامر قضائية.

ووثق حقوقيون قرابة 900 وفاة بسبب الإهمال الطبي وسوء المعيشة والتعذيب في السجون منذ الانقلاب العسكري في صيف 2013 وحتى الآن، وفي الشهر الماضي توفي نحو 7 مصريين منهم 4 من محافظة الشرقية، قال أطباء إنهم كانوا يشتكون أعراض كورونا داخل مقار احتجازهم.

وطالب الحقوقيون سلطات الانقلاب بسرعة عمل فحوص وعزل المرضى والمصابين، والإفراج عنهم على غرار جميع دول العالم، قبل تفشي المرض بشكل كامل، مما قد ينذر بكارثة مع انهيار المنظومة الصحية في مصر، ووصول الوباء لذروة انتشاره خلال هذه الأيام.

ودعا الحقوقيون إلى الإفراج الفوري عن المعتقلين، مع اتخاذ ما يلزم من تدابير احترازية ينص عليها القانون، وسبق لعدد من دول العالم تطبيقها والإفراج عن مئات المحبوسين والمحكوم عليهم، مع انتشار المرض فيها في ظل الأوضاع المتردية وغير الآدمية التي يعاني منها المعتقلون.