الأمم المتحدة.. لماذا يسبب تدخلها إشعال الحرائق العربية؟

- ‎فيتقارير

لماذا لم تبذل الأمم المتحدة مزيدًا من الجهد لإنهاء العنف في غزة؟ أو لوضع حد للصراعات في سوريا والعراق وجمهورية إفريقيا الوسطى وجنوب السودان وليبيا وأفغانستان وأوكرانيا؟

هذه هي الأسئلة التي يجد مسئولو الأمم المتحدة أنفسهم مضطرين للإجابة عليها، ليس بوتيرة متصاعدة فحسب، ولكن بعاطفة وإحباط متناميين، ولذا يصعب أن نتذكر وقتًا يواجه فيه العالم مثل هذا العدد الهائل من الأزمات التي تبدو مستعصية على الحل، في الوقت الذي تقف فيه الهيئة التي يتمثل دورها في التوسط لحل تلك المشكلات عاجزة تمامًا عن القيام بدورها.

ولعل ما يخشاه العراقيون أن تتحول مبادرة الأمم المتحدة إلى طريق طويل من النزاع الذي لا يجد له حلاًّ كما يحدث في عدة دول مثل ليبيا، التي تبنت المنظمة فيها – منذ اندلاع ثورة 17 فبراير 2011 – مسارًا لبناء الدولة عبر دعم العملية السياسية، إلا أنه ثبت فشلها في ذلك.

تأزيم الموقف

وتعاقب على تمثيل الأمم المتحدة منذ سقوط نظام معمر القذافي أربعة شخصيات، لم يفشلوا فقط في حل النزاع، بل عمدوا إلى تأزيم الموقف، وتمكين الميليشيات من إحكام قبضتها على مناطق سيطرتها.

ولا تزال ليبيا تعاني من العنف والفوضى وتعاظم نفوذ الميليشيات والانقسامات دون أي تغيير في المشهد، مع تدخل عدد من الدول، بينها الإمارات ومصر ودول أوروبية أسهمت في تأزيم الموقف، ودعم جماعات مسلحة خارج إطار الحكومة المعترف بها رسميًا.

وفي 10 نوفمبر 2019، طرحت الأمم المتحدة في مكتبها بالعراق خطة لاحتواء أزمة الاحتجاجات المتصاعدة في العراق؛ تشمل إطلاق سراح جميع المتظاهرين السلميين خلال أسبوع، وعدم ملاحقة المتظاهرين، والبدء بالتحقيق الكامل في حالات الاختطاف والكشف عن هوية من يقفون خلفها.

وتنص على: “الإسراع في تحديد هوية المسئولين عن استهداف المتظاهرين وإحالتهم إلى العدالة، ومحاكمة ومعاقبة المسئولين عن الاستخدام المفرط للقوة، أو المتسببين بأعمال العنف الأخرى، ودعوة جميع الأطراف الإقليمية والدولية علنًا لعدم التدخل في الشئون الداخلية للعراق واحترام سيادته”.

هذا غريب جدًّا

ورغم إيجابية المبادرة، فإن المحلل السياسي العراقي، الدكتور جاسم الشمري، انتقد دور الأمم المتحدة في العراق، وقال: “يفترض في المرحلة المثالية أن يكون تدخلها إيجابيًا، لكن للأسف بعثة الأمم حتى اليوم لم تساعد العراقيين في الخلاص من الحالة القائمة منذ 2003 وحتى اليوم”.

وأوضح: “بعد تفجير مكتبها وانسحابها وعودتها مرة ثانية، لم نجد ممثلاً واحدًا لها أوصل رسالة واحدة للعالم أن هناك خللاً كبيرًا في المنظومة السياسية القائمة في العراق”.

وسخر من الحديث عن إجراءات قصيرة الأمد خلال أسبوع أو أسبوعين تشمل الإصلاح الانتخابي وإصلاح قطاع الأمن والفساد من خلال المبادرة الأممية، وقال: “نحن نتحدث عن منظومة فاسدة منذ 2004 وحتى اليوم، وتأتي مبادرة الأمم المتحدة لعلاج الأمر خلال أسبوع أو أسبوعين، هذا غريب جدًا”.

وتابع: “من يريد إيصال العراق إلى مرحلة الخلاص فعليه أن يغربل المشاركين في العملية السياسية غربلة كاملة، ولا يحق لأي فاسد أن يشترك ولا قائد أي مليشيا أيضًا”، وتحدث عن وجود “فقرات جيدة في مبادرة الأمم المتحدة”، لكنه رأى أن الإشكالية الكبرى في العراق تكمن في “من ينفذ ما يطرح ومن يطبق هذه المقترحات”.

وقال الشمري: إن الإشكالية لدى العراقيين تكمن في “الجانب العملي لا في الجانب التنظيري”، موضحًا: “حينما نتكلم عن ممارسة أقصى قدر من ضبط النفس مع المظاهرات، وضمان حق التجمع، وضمان حق الحياة قبل كل شيء، وتحقيق المساءلة الكاملة للجناة، والعمل بموجب قوانين ضامنة لهذه الأمور، فمن الذي ينفذ هذا الأمر؟”.