“الإعدام في سيارة الترحيلات”.. 6 سنوات على المجزرة ومكالمة “عباس” تبرئ القتلة

- ‎فيتقارير

بعد مرور ست سنوات على مذبحة سيارة الترحيلات التي راح ضحيتها 37 شهيدًا، لا تزال دماء هؤلاء الأبرياء تطارد قاتليهم؛ فلم يتم القصاص لهم بل تم تحويل جريمة القتل الواضحة إلى جنحة؛ لتتحول إلى أحد أبرز مشاهد الظلم وغياب العدل التي وثقتها العديد من المنظمات الحقوقية.

بل الأغرب من ذلك، يدعو القاتل عبد الفتاح السيسي إلى عقد مؤتمر إقليمي لمناهضة التعذيب في القاهرة، التي لا يتوقف التعذيب في سجون وأقسام الشرطة بها يوما واحدا، فضلا عن القتل بالإهمال الطبي والتصفية، والإعدام خارج القانون، والأعجب أن تستجيب الأمم المتحدة لطلب السيسي وتوافق على عقد المؤتمر الذي يأتي لتجميل وجه القاتل والمجرم .

ففي يوم الأحد الموافق 18 أغسطس في الساعة 6:30 صباحا، تم تكبيل أيادي 45 سجينا، وكان كل اثنين مكبلين معا، وتم ترحيلهم من قسم مصر الجديدة إلى سجن أبو زعبل، وعندما توقفت سيارة الترحيلات في فناء السجن لوقت طويل، لم يجد المعتقلون الهواء الكافي لتنفسهم، فأخذوا يطرقون على جوانب السيارة طلبا للماء والهواء، ولكن الضباط رفضوا وأطلقوا عليهم الغاز المسيل للدموع، وقد ماتوا جراء استنشاقهم للغاز المسيل للدموع وعدم تمكنهم من الفرار، وظهرت في اليوم التالي صور مروعة للجثث في مشرحة زينهم.

ويصف الصحفي البريطاني “باتريك كينجسلي” الحادثة بأنها “دليل على وحشية الانقلاب العسكري”، قائلا: إن الجريمة لم تقتصر على يوم الحادثة، ولكنها بدأت منذ يوم اعتقال الضحايا في 14 أغسطس من ميدان رابعة.

وبحسب بعض الناجين، كانت درجة الحرارة لا تطاق، وكان المعتقلون يقفون على “قدم واحدة” وقد امتلأت ملابسهم بالعرق، وبدأ الأكسجين في النفاد، وفي هذه اللحظة بدأ السجناء في الصراخ والاستغاثة وطرق جوانب العربة، ولكن لم يستجب أحد.

وبحسب رواية حسين عبد العال وشكري سعد، شعر الاثنان بأنهما يحتضران؛ حيث خضع الأول لجراحة قلب مفتوح منذ عامين، وكان الثاني مريضًا بالسكر، ويقول عبد العال إنه لاحظ على شكري سعد أنه يفقد وعيه واستغاث طلبا للمساعدة، قائلا: “إن أحدهم على وشك الموت”، فجاء الرد بأنهم يريدون موتهم جميعا.

وفي رواية أخرى، قال أحد الناجين في شهادته لصحيفة “الجارديان” إن الضباط طلبوا منهم أن يسبوا الرئيس مرسي “رحمه الله” كي يتم إخراجهم، فقام الشباب بالسب ولكن رفضوا إخراجهم، ثم طلبوا منهم أن يطلقوا على أنفسهم أسماء نساء، وبالفعل قام البعض بذلك ولكن كان الرد “نحن لا نتحدث مع النساء”. وقال عبد العزيز: إنه في النهاية قام صغار الضباط بإلقاء المياه بأنفسهم من فتحة النافذة.

ولكن السجناء كانوا قد وصلوا إلى مرحلة حرجة، حيث أصيب أغلبهم بالغثيان، وقام البعض بتلاوة وصيته، ويقول سيد جبل: “سقط كبار السن أولا، ثم لحق بهم الشباب، واحدًا تلو الآخر، وفي الخارج كان الضباط يضحكون ويسبون مرسي”.

وقام الشباب بالطرق على جوانب الحافلة بقوة واستمروا في الطرق حتى سقطوا جميعًا، وصمتت الحافلة عندما سقط الجميع مغشيًا عليهم.

وخلال الطرق قام أحد الضباط ومعه تشكيل عسكري بإطلاق قنابل الغاز على السيارة، فاجتمع الغاز والحرارة والغثيان على الشهداء الذين فاضت روحهم.

القتل للمرة الثانية

وفي 18 مارس 2014، قضت محكمة جنح الخانكة، بالسجن المشدد 10 سنوات على مأمور قسم شرطة مصر الجديدة، والحبس عامًا مع إيقاف التنفيذ (عدم تنفيذ العقوبة) بحق 3 ضباط آخرين بالقسم الذي يقع في دائرته الحادثة.

وفي 7 يونيو 2014، ألغت محكمة جنح مستأنف الخانكة، المنعقدة بأكاديمية الشرطة بالتجمع الخامس، الحكم الصادر بحق 4 ضباط شرطة، وقضت ببراءتهم.

وفي 13 أغسطس 2015، قضت محكمة جنح مستأنف الخانكة بتخفيف الحكم على نائب مأمور قسم مصر الجديدة المتهم بقضية “سيارة ترحيلات أبو زعبل” المستأنف إلى 5 سنوات مع الشغل بدلاً من 10 سنوات، وتأييد حكم الحبس سنة مع إيقاف التنفيذ لـ3 ضباط آخرين بقسم شرطة مصر الجديدة وقت الحادث.

المحامي والحقوقي عمرو عبد السلام، نائب رئيس منظمة الحق الدولية لحقوق الإنسان، قال فى “ذكرى مجزرة سيارة ترحيلات أبو زعبل: “ما زالت القلوب ترتجف والدموع تنهمر والنفوس تتطلع إلى العدالة الغائبة”.

دور “عباس” 

سبق وأن بثت فضائية “الشرق” تسجيلا صوتيا مسربا من داخل مكتب وزير الدفاع بحكومة الانقلاب، يكشف عن تورط اللواء عباس كامل، مدير مكتب عبد الفتاح السيسي حينئذ، واللواء ممدوح شاهين، مساعد وزير الدفاع للشئون القانونية، بقضية مجزرة سيارة الترحيلات.

ووفقًا للشريط المسرَّب، فقد طلب عباس كامل، مدير مكتب السيسي، من ممدوح شاهين أن يتوسط عند القاضي لـ”إسلام عبد الفتاح حلمي” أحد المتورطين في قضية “الترحيلات”، وهو نجل العميد عبد الفتاح حلمي رئيس جمعية المحاربين القدامى.

ممدوح شاهين بدوره تجاوب مع طلب عباس كامل، حيث وعده بالتواصل مع القاضي لإقناعه بإدخال شهود من زملاء المتهم إسلام عبد الفتاح؛ نظرا للرفض المتكرر من قبل القاضي. وكانت نيابة الانقلاب قد وصفت القضية من البداية على أنها جنحة.