الاتهام بالإرهاب.. وإرهاب الدولة!

- ‎فيمقالات

من المعروف أن القاعدة الفقهية والقانونية المشهورة، التي تنص على أن “المتهم بريء حتى تثبت إدانته” لكن الأنظمة القمعية، التي تمارس الإرهاب الممنهج، ضد المواطنين، وهو ثابت بالصوت والصورة، ولا يحتاج لدليل أكثر من ذلك، كما وقع في مذبحة رابعة وأخواتها من القتل والحرق والتعذيب والانتقام، ومع ذلك تطلق الأنظمة القمعية كلابها المسعورة، فمن خلال ألتها الإعلامية لممارسة الإرهاب الفكري، ضد كل من يعترض على هذه الممارسات الخاطئة، حتى من كان في خندقهم يوما من الأيام!

فمنذ أن أعلن الإخوان المسلمون عن عقد مؤتمر فكري في استنبول تحت عنوان: “أصالة الفكرة واستمرارية المشروع”، فثارت ثائرة الإعلام العكاشي، ليس في مصر وحدها، بل في إعلام الوكلاء الحصريين للانقلاب. فراحوا يستدعون الإسطوانة المشروخة، أسطوانة الإرهاب، وهي التهمة التي طالما استخدمها النظام شامعة للتغطية على فشله وفضائحه وجرائمه.

وقد اعتقد هؤلاء أن الجماعة قد ماتت، وانتهت- بل قال أحد أبواقهم، الجماعة ماتت، وتكريم الميت دفنه- ونسي هؤلاء الحمقى أن “الإخوان” فكرة والفكرة لاتموت، -وكيف والحالة هذه- والفكرة ربانية المصدر والوجهة، فلم يجدوا إلا أن يلصقو بها التهم ظنًا منهم أنهم بذلك سيوقفون مسيرتها.

وللرد على هؤلاء، نجتزئ مقتطفات من مقالات في الصحف الغربية، تصف فيها الجماعة بالمدنية وإيمانها بالديمقراطية، وإن إلصاق تهم الإرهاب بها، هو عمل مسيس ليس إلا!!

ففي تقرير لصحيفة نيويورك تايمزجاء فيه: “الحركة الإسلامية المعاصرة، وفي مقدمتها الإخوان المسلمون، كانوا وما زالوا يقفون أمام تحدي سؤال النهضة وأدواته التي تحاور العصر وما فيه من إيجابيات وسلبيات باللغة والحركة التي تركب على مسنناته، وتساهم في إدراتها بإضافة فذة لا يمتلكها غيرها، يرتجى منها أن يستمع الجميع إلى لحنها المتميز، إلا أنه – للإنصاف – لم تحصل الحركة على حقها والوقت الكافي لممارسة خبرتها ومنهاجها والتجربة، ضمن جو أمني وسياسي مساعد على الممارسة بحرية، بل لم يَخلُ الجو العام من الخصوم الذين لا يريدون سماع حتى اسم الحركات، فهم دائمًا في سبيلهم إلى قتل التجربة قبل أن تبدأ، وذبح الأمل وهو جنين.

وفي مقال نشره الأستاذ “أمين حبلا” على موقع “الجزيرة نت” بتاريخ 2/5/2019 يقول فيه: “في مطلع عقدها العاشر، وبعد أن تراكمت إنجازات امتدت طولاً على نحو قرن من الزمن، وامتدت عرضًا في بلاد شاسعة من العالم العربي والإسلامي والغرب، وامتدت عمقًا لتعيد تشكيل الأفكار والقيم وخريطة المذاهب الفكرية والسياسية لملايين المقتنعين بها عبر العالم، ها هي جماعة الإخوان المسلمين تواجه اختبارا آخر في سلسلة العقبات التي ظلت تزدحم في طريقها المكلّل بأشواك ودماء ومشانق وثورات وانتخابات”.

ويقول أيضا: “كثيرا ما سقطت “تهمة الإخوان بالإرهاب”، تحت ما يصفه قادة الجماعة بالأدلة والقرائن العديدة، التي تؤكد أنهم ضمن التيارات المدنية الساعية للديمقراطية في العالم العربي والإسلامي”.

كما نقل عن تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز”، كتبه مراسلها في الشرق الأوسط “ديفيد دي كيركباتريك”، يقول فيه: “إن جماعة الإخوان المسلمين ليس فيها وفي سلوكها ما يفي بالتعريف القانوني للجماعة الإرهابية، وأن الجماعة شجبت على نحو متكرر الإرهاب والعنف”.

وأشارت الصحيفة، إلى أن “السيسي” وحلفاءه المستبدين في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة يعتبرون الدعاة الرئيسيين لتصنيف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية على المستوى الدولي، نظرا لخوفهم من وصولهم إلى السلطة عن طريق الانتخابات.

ونقتطف بعض العبارات من مقال رائع للأستاذ”إحسان عبدالقدوس”- رحمه الله- في مجلة روز اليوسف، في العدد 1224 بتاريخ 13 من سبتمبر 1945م.
والذى جاء بعنوان “الرجل الذى يتبعه نصف مليون” : “اركب أي سيارة أجرة وقل للسائق: “الإخوان المسلمين يا أسطى”، ولا تزد، ولن يلتفت إليك السائق ليسألك: ماذا تقصد بالإخوان المسلمين؟ ولا أين تقع هذه الدار التي يطلق عليها هذا الاسم؟ بل سيقودك إلى هناك دون سؤال، بعد أن يرحب بك بابتسامة لم تتعود أن تراها على وجوه سائقي سيارات الأجرة، وقد يرفض أن يتناول منك أجراً.

ولا شك أنه سيحملك سلامه – قبل أن تغادره – إلى فضيلة الأستاذ حسن البنا المرشد العام للإخوان المسلمين – وستمر في طريقك داخل الدار بمخازن الذخيرة التي يمتلكها الإخوان: وهي الشباب، شباب امتلأت بهم حجرات الدار على سعتها، ترى على وجوههم نور التقوى والإيمان، وفي عيونهم حماسة الجهاد، وبين شفاههم ابتسامة تدعو إلى المحبة والإخاء، وفي يد كل منهم مسبحة انحنى عليها بروحه يذكر اسم الله.

وهم مع كل ذلك شبان (مودرن)، لا تحس فيهم الجمود الذي امتاز به رجال الدين وأتباعهم، ولا تسمع في أحاديثهم التعاويذ الجوفاء التي اعتدنا أن نسخر منها، بل إنهم واقعيون يحدثونك حديث الحياة لا حديث الموت، قلوبهم في السماء ولكن أقدامهم على الأرض، يسعون بها بين مرافقها، ويناقشون مشاكلها، ويحسون بأفراحها وأحزانها، وقد تسمع فيهم من “ينكِّت” ومن يحدثك في الاقتصاد والقانون، والهندسة، والطب.

إنهم ذخيرة، عند الإشارة الأولى، فاحذروا، ويستقبلك الأستاذ حسن البنا بابتسامة واسعة، وآية من آيات القرآن الكريم، يعقبها بيتان من الشعر، يختمهما بضحكة كلها بِشر وحياة.

ولن تملك منع نفسك عن التساؤل: كيف استطاع الرجل أن يجمع حوله كل هؤلاء الإخوان؟ وكيف استطاع أن ينظمهم كل هذا التنظيم: بحيث إذا عطس فضيلته في القاهرة، صاح رئيس شعبة الإخوان في أسوان: “يرحمكم الله”؟!

لكن بالطبع سيتصدى للإجابة على الكاتب، أحد لاعق البيادة من أتباع السلطة وعملاء الشرطة، ومخبري أمن الدولة، ويقول لك بكل وقاحة وإسفاف وتدن أخلاقي.. إنه الإرهاب هو الذي جمع كل هؤلاء حول إمامهم – رحمه الله- ولأنهم يوزعون السكر والزيت، على الفقراء والمعوزين، ويضللونهم ويغونهم – كما رأى الأستاذ إحسان عبدالقدوس مستوى الإضلال والإغواء الذي يمارس على صفوة المجتمع في ذلك الوقت – لا تعجب إنه المنطق العكاشي!!

وهذا أنيس منصور، وهو من هو في عالم الفك والثقافة يقول في صحيفة الأهرام بتاريخ 27/8/2006: هل الإخوان المسلمون – وهي حركة تحريرية إسلامية – مجرمون؟

مجرمون في حق من؟ في حق مصر؟ الجواب لا.

هل مجرمون في حق الإسلام ؟ الجواب لا.

هل من الضروري أن نوزع الخيانة على كل من يطل برأسه ويقول لا؟

هل من العدل أن نصف المظلومين بأنهم ظالمون خونة؟.

ويقول الكاتب البريطاني “توم ليتل” في كتابه “مصر الحديثة”: إنَّ كلَّ الحركاتِ النشطة والعاملة في مصر بما فيها حزب الوفد اشتركت في العملياتِ الهجومية ضد قوات الجيش البريطاني المرابطة في قناة السويس, ولكن المصدر الذي انبعثت منه إستراتيجية حرب العصابات ضد الإنجليز,وإثارة الشغب ضدهم، تتمثل في جماعةِ الإخوان المسلمين, المتوغلة في تطرفها الوطني”.

ويقول الكاتب البريطاني “جوردن ووتر فيلد” في كتابه بعنوان “مصر”إلى أنَّ تلك المعركة التي خاضها شباب الإخوان اضطرت رئيس وزراء بريطانيا آنذاك “ونستون تشرشل” إلى قطع إجازته والعودة إلى لندن ليشرف بنفسه على خطط وزارة الدفاع البريطانية لمواجهة تزايد أعمال المقاومة التي كان يقودها الإخوان المسلمون ضد القوات البريطانية في مصر.

ومن قبل هؤلاء الملك فيصل بن عبدالعزيز، رحمه الله، الذي تقوم بلاده الآن – في ظل ولاية سلمان وابنه – بمحاربة الإخوان المسلمين، وتطالب ترمب بوضعهم على قوائم الإرهاب، وتدفع له مليارات الدولارات من أجل ذلك.

“إن الإخوان المسلمين دعوة تريد أن تعيد المسلمين إلى حقيقة إيمانهم وجوهر عقائدهم، وأن تطهر الإسلام مما علق به من شوائب”.

وحين سئل عن رأيه في جهادهم في فلسطين: “ماذا تريد يا أخي منى أن أقوله عن أبطال جاهدوا بأنفسهم وأموالهم في سبيل الله، أما يكفيك وعد الله لهم (والذينَ جَاهدُوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)، ولقد سمعنا يا أخي عن جهادهم، وما قاموا به من دور البطولة التي لم نسمع عنها إلا في صدر الدعوة الأولى”.

هل كل هؤلاء لم يدركوا حقيقة جماعة الإخوان المسلمين، وأنها جماعة إرهابية، وأدرك حقيقتها لاعقي البيادة، من مخبري أمن الدولة، وأتباع إعلام مسيلمة الكذاب وشرطي العاهرات في دبي؟؟!!