البغدادي والسيسي.. هل فشلت المخابرات الأمريكية في تخويف الشعوب؟

- ‎فيتقارير

الشعوب كالبراكين.. فيها النشط الذي يتفاعل ويثور على اعوجاج الحال، وفيها الخامل الذي لا ينفعل بشكل فوري على نحو محسوس وملموس، حتى لو ساءت أموره وأوضاعه، إلا أن تلك الشعوب تثور وتتفاعل إذا كان الأمر يعنيها ومن صناعتها هى لا من صناعة معابد المخابرات السرية، وبمقارنة بسيطة بين تجاهل الشعوب لقتل من يسمى بـ”البغدادي”، وغضبها وسخطها على قتل الرئيس الشهيد محمد مرسي، ثم لعنها وسبها للسفيه عبد الفتاح السيسي، تتضح الحقائق.

ولأن الخمول الشعبي المتمثل في السكوت على الظلم، وسوء الأوضاع العامة في غالب الأحوال نتيجة القمع الشديد، والتجهيل والتضليل المنهجي، ولكن وبعكس ما هو حادث في عالم البراكين لا يوجد شعب خامل وميت، وعلى سبيل المثال اجتاحت حالة من الصدمة والثورة العارمة مصر والعالم العربي، فور ورود خبر وفاة الرئيس الشهيد محمد مرسي، مصحوبة برثاء البطل والثورة في العالم العربي.

وتفاعلت البراكين الشعبية واحتلت هاشتاجات عدة قائمة الأكثر تداولاً على “تويتر”، منها ما يحمل اسم مرسي، وأخرى ترحّمت عليه مثل #محمد_مرسي و”مرسي مات”، و”قاضي السماوات”، و”رفعت الجلسة” وغيرها الكثير.

بكت عليه الأرض

وتواصل نعي الرئيس الشهيد مرسي من شرق العالم إلى غربه، ونعاه الرئيس التركي أردوغان قائلاً: “‏ببالغ الحزن والأسى تلقيت نبأ وفاة أخي محمد مرسي أول رئيس منتخب ديمقراطيا في مصر. أدعو بالرحمة للشهيد محمد مرسي أحد أكثر مناضلي الديمقراطية في التاريخ.. إنا لله وإنا إليه راجعون”.

وكشفت وفاة الرئيس الشهيد مرسي للصغير قبل الكبير، عن أن الغرب المتبجح بمبادئ الحرية ومظاهر الديمقراطية، يُكنّ حقدًا تاريخيًّا كبيرًا لكل ما هو عربي، بل لكل شيء تنبعث منه رائحة الإسلام، ولن يتردد الغرب المتحضر لحظة واحدة في المتاجرة بهذا المصطلح الرنان، والتنكر له على الأقل ما دامت الشعوب العربية لم تصل بعد إلى درجة من الوعي، تستوعب فيه معاني الديمقراطية الحقة!.

فقد كان الرئيس الشهيد مرسي صناعة شعبية خالصة، تدعمه وتؤازره شعوب وحّدتها ثورات الربيع العربي، وبالمقارنة مع ألعاب المخابرات الأمريكية وسخط الشعوب على الدمى التي تصنعها واشنطن، كان حضور اسم السفيه عبد الفتاح السيسي في العديد من شعارات ولافتات المظاهرات التي شهدتها مؤخرًا عدد من الدول العربية لافتًا، وخصوصية انفرد بها السفيه السيسي وحده دون غيره من العرائس المخابراتية.

السيسي عدو الله

ومن واقع هتاف المشاركين في ثورات وحراك عدد من الدول العربية، ومنها السودان والجزائر وتونس وليبيا وسوريا وأخيرا لبنان، إضافة إلى مظاهرات وفعاليات جماهيرية في دول أخرى كالمغرب والأردن، بل وتظاهرات الجالية الباكستانية في إيطاليا، ظهر السيسي كعدو مشترك لمشاركين في تلك الفعاليات، ولقي جانبًا من غضبهم جنبًا إلى جنب مع أنظمتهم التي خرجوا ضدها.

هذا الحضور أرجعه مراقبون في بعض أسبابه إلى يقين الشعوب من أن السفيه السيسي صناعة مخابراتية لا يختلف عن صناعة أبو بكر البغدادي، زعيم ما يسمى بتنظيم “داعش”، والذي قيل إنه قتل مؤخرًا في عملية مسرحية أمريكية استبقت الانتخابات الرئاسية المقبلة، لترفع من أسهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

ولا شك أن السفيه السيسي هو النموذج الأكثر اكتمالا لفكرة الثورة المضادة والانقلاب على الثورات الشعبية، لذلك فإن تخوفات الشعوب العربية منه في محلها كونها تدين عبره كل من تسول له نفسه الانقلاب على مطالبها.

كلب النار

والهاتفون ضد السفيه السيسي يُدِينون من خلال هذا كل جيش يسعى لأن يخرج عن دوره المفترض له ويلعب دورًا سياسيًّا، كما يدينون منظومة الثورة المضادة التي تقوم على فكرة العداء لأيقونات الثورة المثلى وأفكارها وقيمها.

أما تركيز الجماهير العربية على الهتاف ضد السيسي دون غيره، فيرجع إلى إدراكها الفارق بين أنظمة مرتعبة من الثورة، كبعض الأنظمة الخليجية التي تعادي ثورات الربيع العربي، وأخرى منقلبة عليها كما الحال مع السفيه السيسي وعصابته.

أما قتل “أبو بكر البغدادي” والذي تزعم واشنطن أنها قتلته، فلم يسبب للشعوب العربية ارتياحا بقدر ما ضخّم علامات الاستفهام حول منشأ فكرة داعش، التي انبثقت من العدم وكان تواجدها شؤما على أهل كل بلد عربي، علاوة عن أنها لم توجه بنادقها لكيان العدو الصهيوني، أو حتى للمصالح الأمريكية في المنطقة، بل كانت مثل كلب النار الذي يتم إشعال خرقة وربطها في ذيله، ليهرول مفزوعا ويحرق عشرات الأفدنة، قبل أن يموت محترقا في النهاية.