التعذيب جريمتهم جميعًا.. هل يجرؤ حاكم عربي على انتقاد تعذيب مسلمي الصين؟

- ‎فيعربي ودولي

من أَمِن العقوبة أساء الأدب.. هذا ما تؤمن به الصين وتطبقه بعد أن اعترفت باحتجاز ما يقارب مليون مسلم من الإيجور في مراكز اعتقال قمعية، تسميها بكين “معسكرات تثقيفية”؛ لإجبارهم على ترك الإسلام واعتناق ديانات أخرى، ولو أن دولة إسلامية فعلت كما فعلت الصين لقامت الدنيا ولم تقعد، وهذا كله بسبب الكيل بمكيالين.

التشهير بالصين في أروقة الأمم المتحدة في هذا الوقت ليس من أجل عيون المسلمين بالطبع، فالتعذيب ينتشر في بلاد المسلمين من الحكام الذين عينتهم واشنطن، وعلى رأسهم السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، والتي لم تكلف الأمم المتحدة نفسها مشقة التحقيق في مجازره المستمرة سواء في رابعة والنهضة، أو حتى التي لا تزال ترتكب في سيناء، أو قصفه للمدنيين في ليبيا.

وتقوم السياسة الأمريكية على توريط الحكام العرب في جرائم ضد الإنسانية، كالتعذيب والإخفاء القسري والقتل والإعدام خارج القانون، ثم تهديدهم وابتزازهم بما ارتكبوا إما لإنهاء خدماتهم أو السيطرة عليهم واستنزافهم، وهذا ما حدث قديما مع الرئيس العراقي صدام حسين؛ بتوريطه وإعطائه الضوء الأخضر لغزو الكويت، ثم استخدام ذلك ذريعة للقضاء عليه، وهذا ما يحدث الآن مع السفيه السيسي للسكوت على انقلابه على الشرعية، وغض الطرف عن جرائمه اللاإنسانية ضد معارضيه، وما يحدث مع محمد بن سلمان وأولاد زايد بعد توريطهم في اليمن.

حكومات قمعية

وكان معتادا أن يسمع الناس عن اعتقال عدة مئات أو عدة آلاف إنسان في سجن أو معسكر، لكنها المرة الأولى التي يتحدث تقرير للأمم المتحدة عن اعتقال مليون إنسان مسلم في معسكرات ضخمة في تركستان الشرقية بالصين، هذه فضيحة للبشرية بأسرها.

وقال معتقل سابق من أقلية الإيجور المسلمة بالصين: إن المحتجزين يتعرضون لتعذيب بدني ونفسي على يد السلطات الصينية، واصفا ما حدث معه بأنَّه كان مكبلاً بالأغلال إلى كرسيّ وحُرم من النوم، وتعرض للضرب على أيدي أفراد الشرطة في المعسكر الذي اعتُقل فيه.

في الشرق الأوسط يتفشى وباء التعذيب بنسبة كبيرة في أغلب الدول، وتتم ممارسته لأهداف سياسية من قبل الأنظمة بغرض إسكات أصوات المعارضين وإرهابهم لوقف تحركاتهم السياسية، والتي تعتبرها الأنظمة القمعية المستبدة خطرا يهدد بقاءها، وينتشر وباء التعذيب بشكل خطير في دول مثل مصر، العراق، الإمارات، السعودية، العراق، اليمن، فلسطين، سوريا، ولم تقم هذه الدول بأية إجراءات لوقف تفشي هذا الوباء لأسباب مختلفة، مما أدى إلى تعزيز ظاهرة الإفلات من العقاب.

التعذيب في مصر

وفي مصر يتفشى وباء التعذيب داخل كافة مقار الاحتجاز، خاصة منذ انقلاب الجيش على الرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو 2013، حيث ارتفع عدد ضحايا عمليات الاحتجاز التعسفي بشكل كبير، تعرضوا جميعهم لصورة واحدة على الأقل من صور التعذيب بدءا من أوضاع الاحتجاز بالغة السوء في مقرات متكدسة رديئة أو منعدمة التهوية وغير صالحة لاستعمال البشر، إلى التعذيب بالضرب الوحشي والصعق بالكهرباء والتحرش والاغتصاب الجنسي من قبل القائمين على إدارات تلك المقار.

وينتشر وباء التعذيب داخل أغلب أقسام الشرطة المصرية والتي تبلغ 328 قسمًا ومركزًا، حتى اشتهرت بين المواطنين مسميات ثابتة للأماكن المعدة للتعذيب داخل كل قسم تحت مسمى “الثلاجة” أو “السلخانة”، وهي غرف مخصصة للتعذيب يتم بداخلها استخدام كافة أساليب التعذيب الوحشية على المعتقل.

سجون الجزار بشار

وفي سوريا لا يكاد ينجو أحد من المعتقلين السوريين، سواء من المعارضين المسلحين أو المدنيين العاديين، في سجون بشار الأسد من التعرض للتعذيب الوحشي، إما لانتزاع اعترافات، أو المعاقبة على حمله أفكارا معارضة، وبحسب إحصاءات حقوقية سورية فقد بلغ عدد الوفيات داخل السجون النظامية التابعة للحكومة نتيجة التعذيب وسوء المعاملة منذ بدء الحرب السورية في مارس 2011 وحتى العام الماضي نحو 60 ألف محتجز على الأقل، من بينهم قصر ونساء.

سجون العراق والسعودية والإمارات وإيران

وتعتبر العراق من أكثر الأماكن خطرا في العالم؛ نتيجة انتشار الحرب فيها بين القوات المسلحة والقوات النظامية التابعة للحكومة العراقية والمدعومة ببعض القوات الأمريكية، وبين مليشيات شيعية طائفية مسلحة، حيث تمتد الحرب على نطاق جغرافي واسع، نتج عنها عمليات اعتقال وتعذيب أسفرت عن مقتل المئات من المواطنين العراقيين أو المقيمين على الأراضي العراقية خلال الثلاث سنوات الأخيرة، وينتشر التعذيب في العراق داخل السجون الرسمية والسجون السرية بقصد إجبار الضحايا على الإدلاء باعترافات تدينهم تحت وطأة التعذيب لتحكم عليهم المحاكم لاحقا بالإعدام وفقها، وفي السجون التابعة للمليشيات المسلحة مثل قوات الحشد الشعبي أو تنظيم (داعش).

وفي السعودية يعتبر التعذيب وسوء المعاملة من أهم السمات الغالبة على مقار الاحتجاز، فالمواطنون أو المقيمون داخل السعودية عرضة للاعتقال التعسفي، ومنه التعذيب في أي وقت إن هم عبروا عن رأي معارض للسلطات، حتى وإن كان سلميا دون أي فرصة للتمتع بمحاكمة عادلة؛ فالأجهزة الأمنية تقوم باعتقال معارضي الرأي والمشتبه في دعمهم لجماعات معارضة، لتقوم بعد اعتقالهم بتعريضهم لأقسى صنوف التعذيب، لانتزاع اعترافات كاذبة منهم لاستخدامها كدليل إدانة ضدهم في المحاكمة.

وفي الإمارات بعد انطلاق ثورات العربي، شددت السلطات الإماراتية قبضتها على المجتمع المدني، وتعرض إماراتيون وأجانب للاختفاء القسري ومختلف صنوف التعذيب، ولعل أشهر القضايا التي حكم فيها على المتهمين بأحكام إدانة جائرة بعد تعرضهم للتعذيب، قضية “الإماراتيين الخمسة”، وقضية “الإمارات 94″، وقضية الصحفي الأردني تيسير النجار، وعدد آخر من جنسيات مختلفة.

سجون سرية

كما تعد اليمن من مناطق الصراع الساخنة في المنطقة العربية، ونتيجة وجود أكثر من قوة مسلحة، نظامية وغير نظامية بها، فإن عدد المعتقلين في زيادة مستمرة، وبناء عليه فإن عدد من يتعرضون للتعذيب في ازدياد أيضا، حيث بلغ عدد المعتقلين الذين تعرضوا للتعذيب التعذيب داخل سجون المليشيات الحوثية والقوات الموالية للرئيس اليمني علي عبد الله صالح نحو 5000 شخص داخل 484 سجنا تابعة لتلك القوات، توفي منهم 100 شخص على الأقل، بخلاف المفقودين.

إضافة إلى الإحصاءات السابقة حول عمليات تعذيب اليمنيين داخل السجون التابعة للحوثيين ومواليهم، فإنه تم الكشف عن وجود نحو 18 سجنا سريا في الساحل الجنوبي لليمن، تديرها الإمارات بصورة أساسية، بالتعاون مع السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، حيث تقوم الإمارات بدعم القوات اليمنية بتسليحها، وبإمدادها بالعناصر البشرية، بقوات من طرفها، وأسلحة، بدعوى محاربة الإرهاب، وأشهر تلك الأجهزة الأمنية، جهاز “الحزام الأمني” والمتواجد في محافظات عدن ولحج وأبين والمكلا وعدة محافظات جنوبية أخرى ، وقوات “النخبة الحضرمية” المتمركزة في حضرموت.

وفي تونس سجلت منظمات حقوقية قيام الأجهزة الأمنية بالعديد من الانتهاكات بحق المحتجزين لديها، وتعريضهم للتعذيب، وبحسب الإحصاءات فإن حوالي 160 حالة تعذيب داخل السجون ومراكز التوقيف التونسية خلال العام 2016، منهم 12 امرأة، 60٪ من هذه الحالات تعرضت للتعذيب داخل أقسام الشرطة ومراكز التوقيف، و25٪ داخل السجون، و15٪ داخل مراكز الحرس الوطني.