التغيير الأسوأ في الأقصى منذ 2003.. الصهاينة يؤدون الصلوات الجماعية داخل المسجد المبارك

- ‎فيتقارير

في الوقت الذي انشغلت فيه الأنظمة العربية بصراعاتها الداخلية وقمع أبناء شعوبها، تستضيف البحرين مؤتمرا للأمن يشارك فيه المسئولون الصهاينة بكل حرية، حيث أقدم الاحتلال الصهيوني، منذ يوم 10 أكتوبر الجاري 2019، على خطوة في سياق تقسيم الصلاة في المسجد الأقصى بين المسلمين واليهود.

صباح الخميس 10-10-2019 أبلغت الشرطة الصهيونية موظفي دائرة الأوقاف الأردنية، أنها قررت السماح للمتطرفين الصهاينة بأداء الصلوات العلنية الجماعية داخل المسجد الأقصى المبارك، وأن احتجاجات الحراس على أداء هذه الطقوس لم يعد لها قيمة.

ومنذ ذلك الحين، بدأ مئات المستوطنين المتطرفين يؤدون صلواتهم التلمودية في المسجد الإبراهيمي منذ عشية ما يُعرف بـ"يوم الغفران"، وبدأت سلطات الاحتلال في اعتقال حراس الأقصى، وكل من يحتج على صلاة اليهود العلنية الجماعية في الأقصى.

ويعد هذا هو التغيير الأسوأ الذي يحاول الصهاينة فرضه في المسجد الأقصى المبارك منذ السماح باقتحامات المتطرفين الصهاينة منتصف عام 2003، ولم تعلن الأوقاف الإسلامية في القدس أو الأردن عن موقفها من هذا العدوان الخطير على الأقصى حتى اللحظة.

تقسيم الأقصى زمانًا ومكانًا

وتقوم خطة دولة الاحتلال على تقسيم المسجد الأقصى مكانا وزمانا، عبر فرض تقسيم أماكن الصلاة للمسلمين واليهود، على غرار ما فعلوا في المسجد الإبراهيمي في الخليل سابقًا.

ومنذ بدء تطبيق هذه الخطة توافد عشرات الآلاف من المستوطنين عند حائط البراق في القدس لأداء "طقوس وصلوات" الغفران، ومن المتوقع أن يصل العدد إلى 100,000 مستوطن، وتستمر هذه الطقوس برئاسة كبير حاخامات "إسرائيل" إسحق يوسف.

وتزامنًا مع اقتحامات أشد جماعات الهيكل تطرفا؛ أفرغت شرطة الاحتلال مصلى باب الرحمة من أثاثه مرة أخرى.

ففي الوقت الذي بدأت فيه الاقتحامات التي توعدت بها المنظمات الصهيونية المتطرفة مثل جماعتي هار إيل والعودة إلى جبل هيكل، تحت عنوان: "نحن قادمون"، اقتحمت شرطة الاحتلال مصلى باب الرحمة وأعادت إخلاءه من الأثاث فأخرجت القواطع وخزانات الأحذية.

وأرسل المتطرفون الصهاينة، من حركة شباب هار إيل وحركة العودة إلى جبل الهيكل عبارة "نحن قادمون"، إلى هواتف عددٍ من المرابطين والمرابطات من المدافعين عن الأقصى، تهديدا ووعيدا وتحديا بأنهم سيقتحمون الأقصى.

وذكرت "القناة العبرية السابعة" أن زيادة حادة طرأت على أعداد المقتحمين اليهود للمسجد الأقصى، خلال "يوم الغفران" العبري، الأخيرة مقارنة بذات اليوم في العام الماضي.

وأفادت القناة بأن نسبة المقتحمين للأقصى قفزت بنسبة 55%، حيث اقتحم المسجد أمس الأربعاء 360 مستوطنًا مقابل 232 اقتحموه "يوم الغفران" عام 2018.

وقالت: إن 1368 مستوطنًا اقتحموا المسجد الأقصى منذ بداية السنة العبرية الجديدة قبل عدة أيام، مقارنة بـ1210 اقتحموا المسجد في مثل هذه الأيام من العام الماضي.

وتوقعت القناة السابعة تدفق آلاف المستوطنين إلى المسجد الأقصى تزامنًا مع احتفالات الاحتلال بـ"عيد العرش" أو "المظلة" (سكوت) العبري، مشيرة إلى أن الشرطة ومنظمات الهيكل كثفت من استعداداتها لذلك، وهو ما حدث بالفعل.

المسجد الأقصى يستغيث

ويتعرض المسجد الأقصى يوميًا (عدا يومي الجمعة والسبت)، ناهيك عن الأعياد العبرية، لسلسلة اقتحامات وانتهاكات من قبل المستوطنين وأذرع الاحتلال المختلفة، وسط مواصلة شرطة الاحتلال استهدافها لمسئولي دائرة الأوقاف الإسلامية وحراس الأقصى من خلال استدعائهم للتحقيق أو إبعادهم عن المسجد لفترات متفاوتة.

ويصلي فيه الصهاينة صلوات توراتية وانتشرت فيديوهات يظهر فيه متطرف صهيوني، وهو يؤدي صلاة توراتية في الساحة الشرقية للأقصى، ويتمايل بما يعرف في صلاة اليهود بـ"تمايل الخشوع"، وهو يستقبل قبة الصخرة في صلاته.

وجددت مجموعات المستوطنين، اقتحامها للمسجد الأقصى، تحت حماية قوات الاحتلال الإسرائيلي عشرات المرات خلال الأيام الماضية، وسط ارتفاع صوت التكبير في باحات المسجد الأقصى، حيث يجري الاعتداء على المرابطين والمرابطات بداخله، والذين يتصدون لعملية الاقتحام الجماعية للأقصى.

ونشر نشطاء الأقصى تسجيلات مصورة تظهر اقتحام مئات المستوطنين المسجد، فيما أظهرت أخرى اعتداء جنود الاحتلال على المرابطات أمام باب السلسلة، واعتقال قوات الاحتلال الإسرائيلي عددا من المصلين بالقرب من مصلى باب الرحمة بالمسجد الأقصى.

تغيير الوضع القائم لصالح الصهاينة

في ظل الغيبوبة العربية الرسمية، دعت قيادات حكومية إسرائيلية عدة مرات إلى تغيير الوضع القائم في الحرم القدسي بشكل جذري لصالح اليهود، وعلى حسابها على "فيسبوك"، دعت وزيرة الثقافة الإسرائيلية ميري ريغف (التي استضافتها الإمارات) وزير الأمن الداخلي إلى إصدار تعليماته التي تضمن وصول اليهود للمسجد الأقصى والصلاة فيه في كل لحظة، وعلى مدار السنة.

وسبق لـ"ريغف" أن قدمت مشروع قانون يدعو إلى تقسيم الحرم القدسي الشريف زمانيًّا بين المسلمين واليهود، تمامًا كما الحال في المسجد الإبراهيمي في الخليل، كما نقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن ريغف الليكودية، قولها مطلع 2014 عن رفع الأذان في الحرم القدسي: "لا يمكن الصبر على الصراخ الصادر عن كلاب محمد."

وسبق أن نشر ملتقى القدس الثقافي، الذي عقد في عمان بالأردن، تقدير موقف بعنوان "حكومة نتنياهو الرابعة وسلوكها المتوقع تجاه المسجد الأقصى"، يحذر فيه من أن "الأقصى في خطر بعد سيطرة متطرفي المعبد" على الحكومة الصهيونية.

وقال "ملتقى القدس الثقافي"، إن سيطرة المتطرفين على 28% من مقاعد حكومة نتنياهو مرتبط بالازدياد المطّرد لاستهداف هوية الأقصى وتقسيمه بين المسلمين واليهود، وتقييد دخول المصلين إلى المسجد.

وخلص إلى أن "متطرفي المعبد" الذين يحلمون بإزالة المسجد الأقصى وبناء المعبد في مكانه قد حققوا قفزة خطيرة في النفوذ الحكومي، إذ استحوذوا على 7 مقاعد في حكومة نتنياهو الحالية بينها وزارات العدل والتعليم والسياحة والأمن الداخلي والاستيطان، أي أن 28% من مقاعد الحكومة بات بأيديهم، ما يشكل خطرا كبيرا على المسجد الأقصى في المرحلة المقبلة.

ولم تتوقف محاولات الاعتداء من جانب المتطرفين اليهود على المسجد الأقصى يوما، فقد تعرض المسجد لسلسلة من الاعتداءات، كان آخرها وضع حجر الأساس لما يسمى بالهيكل الثالث المزعوم، وهو ليس سوى جزء من برنامج مخطط يهدف في النهاية إلى الاستيلاء على الأماكن المقدسة، والادعاء بالعثور علي البقرة الصفراء التي سوف يتطهرون بروثها من آثامهم.