“الديزل”.. لماذا تحرص سينما العسكر على العنف والهلس والتعري؟

- ‎فيتقارير

فيلم “الديزل” للممثل محمد رمضان، المجند في الجيش والمدعوم من الشئون المعنوية، والذي يمتاز أسلوبه بالعشوائية والألفاظ السوقية، صاحب معظم حكم التكاتك، يقدم وجبة من العنف والإسفاف وكل السلوكيات المنحطة لمجتمع تحرص سلطات الانقلاب على إغراقه في الجهل وتدني الثقافة.

كما يحرص العسكر على تصاعد العنف والعشوائية وبذاءة اللسان وإسفاف القول والفعل في المجتمع، أكتر وأكتر وبتشجيع من مسئولي الحكومة ليضمن السفيه عبد الفتاح السيسي البقاء على عرش قوائمه الأربعة الفقر والعنف والجهل والدماء.

واعتاد المصريون قبل الانقلاب وتعويم الجنيه وغلاء الأسعار والانهيار الاقتصادي أن تذهب إلى السينما في العيد لمشاهدة الأفلام الجديدة، في أجواء احتفالية سعيدة، بل إن البعض واظب على الذهاب إلى السينما في العطلة الأسبوعية لمشاهدة أحدث المعروض من الأفلام.

محللون ونقاد فنيون أكدوا أن السينما المصرية، أو ما اصطلح على تسميتها “هوليود الشرق”، تواجه توجيها وانحدارا شديدا بعد الانقلاب، كما أكدوا أن الأفلام المعروضة تدعوا للانفلات الأخلاقي والقيمي، ومؤخراً انتشرت دعوات تدعو لمقاطعة الأفلام التي تنتجها شركة “السبكي للإنتاج السينمائي”، بعدما اتهموها بإنتاج أفلام تحوي كثيراً من مشاهد البلطجة والألفاظ النابية، كما اتهموها بأنها سبب فى تدهور أوضاع السينما في مصر، الأمر الذي انعكس على المجتمع.

أوضاع منهارة

وعن سينما ما بعد الانقلاب، أكد الناقد الفني سلامة عبد الحميد، أن السينما مثل كل المهن الإبداعية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بأحوال المجتمعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولفت إلى أن “الأوضاع التي تعيشها مصر تؤثر على مستوى السينما، وهناك اتجاه واضح للابتذال والتعري، وتقديم الموضوعات التافهة والنماذج المسيئة لمصر والمصريين، في ظل ابتذال سياسي وثقافي واضح”.

وتابع :” نحن أمام منظومة قيمية بلا بوصلة، والنظام الحاكم يدفع نحو مزيد من التردي، ولذا فلا عجب أن تتردى السينما، خاصة وأنها لم تعد الوسيط الأبرز في توجيه العامة، بل بات للتليفزيون الدور الأهم والأخطر”.

وعن دعوات مقاطعة أفلام السبكي، أشار عبد الحميد إلى أن “السبكي ليس حالة وحيدة، لكنه ربما نموذج جيد للتعبير عن الحال المتردي القائم، كما أنه بالأساس صانع سينما يبحث عن الربح، وليس المبدأ هنا خاطئاً بالكلية، فالسبكي الذي يقدم أفلام الهلس والتعري، هو نفسه الذي قدم عدداً من أهم أفلام العقد الأخير مثل كباريه والفرح”.

وألمح عبد الحميد إلى أن ازدهار الإبداع مرتبط باستقرار المجتمعات والحريات العامة والقوانين الواضحة، لافتاً إلى أن المرحلة الذهبية للسينما كانت في أربعينات وخمسينات القرن الماضي، ثم تدهورت السينما بشكل “فج” في الفترة التي تلت “نكسة عام 1967”.

وتابع الناقد السينمائي بالقول: “كما ظهر ما سمي لاحقاً “السينما النظيفة” التي لا تقدم قبلات وأحضان، رغم أن المصطلح خادع ، فهي تقدم عادات سيئة من إدمان وعلاقات غير شرعية وألفاظ خارجة”، قائلاً: “الوضع الآن خليط من سينما المقاولات والسينما الشبابية”.

ولفت عبد الحميد إلى أن “جمهور السينما في الغالب من المراهقين والشباب، وهؤلاء لديهم نزعة فطرية للتقليد وتجربة كل ما هو غريب”، وأوضح أن صناع السينما يعتمدون في تقديم البلطجة والإدمان على شعار تقديم الواقع، لكن الحقيقة أن دور السينما هو تحسين الواقع ومحاولة طرح حلول للمشاكل القائمة فيه، وإن لم تفلح فعلى الأقل لا تزيد منها.

نقاد الانقلاب يدافعون

الناقد الفني المؤيد للانقلاب طارق الشناوي، زعم أن هناك تأثيراً متبادلاً بين السينما والشارع، إذ يمد الشارع السينما بالأفكار، كما تؤثر السينما على الشارع، ورفض الشناوي اتهام سينما العسكر بأنها وراء حالة التردي الذي يشهده المجتمع المصري، متسائلاً: “إن توقفت الأفلام فهل سينضبط المجتمع المصري؟!”.

وأشار إلى أن الحالة الأخلاقية المتردية التي يشهدها المجتمع المصري ليست في الأفلام، متابعاً “المجتمع المصري به بلطجة ومخدرات وانفلات حركي”، وأوضح الشناوي أن “السينما المصرية بها الأفلام الجيدة والرديئة، وهذا هو حال السينما في العالم”.

ولفت الناقد الفني إلى أن “هناك نوعاً من الاستغلال التجاري للعنف في الشارع، فالسينما تستغل ذلك العنف سينمائياً، واستثمرته من أجل تحقيق أرباح ومكاسب تجارية”، وأكد الشناوي أن دعوات مقاطعة أفلام السبكي غير منطقية وغير واقعية، مشيراً إلى أن “السبكي المنتج الأكثر قراءة للواقع السينمائي وليس الواقع المجتمعي، ويعلم طبيعة العمل الفني الذي يسحب من خلاله الجمهور وتحقق أعماله نجاحاً كبيراً”.

وزعم أن أفلام السبكي بها الرديء والجيد، وإن كان أكثره سيئاً والقليل منه جيد، مشيراً إلى “أن المجتمع المصري لديه توجه أن يكون عنيفاً، وذلك التوجه ليس وليد الأفلام”.