الصهاينة وداعش ..  أدلة تورط الاحتلال في دعم التنظيم المشبوه

- ‎فيتقارير

منذ فترة طويلة ونحن نشير في كتاباتنا على أبعاد العلاقة المشبوهة بين الكيان الصهيوني من جهة وتنظيم داعش الإرهابي من جهة أخرى،  هذه العلاقة تمثل وجه العملة الآخر من العلاقة المشبوهة التي تربط الاحتلال  بالنظم العربية المستبدة، والهدف أيضا واحد، هو ضمان أمن الصهاينة، وتكريس وجودهم الشيطاني في المنطقة.

وما كانت المجزرة التي وقعت في أحد مساجد شمال سيناء في نوفمبر الماضي خلال صلاة الجمعة، وأسفرت عن استشهاد أكثر من 300 مصل إلا دليلا على أن هذه العمل الإجرامي لا يصدر مطلقا عن مسلمين يؤمنون بالله ورسله واليوم الآخر. بقدر ما تصدر من عصابة إجرامية موالية للاحتلال وممولة من أمواله ،لأجل تحقيق الأهداف الشيطانية للاحتلال الصهيوني بإكراه أهالي شمال سيناء على الهجرة وإخلاء المنطقة من السكان.

ويعاني إخواننا المعتقلون في السجون من إجرام ضباط النظام من جهة، والتضييق عليهم من أجل الاعتراف بالجنرال الدموي عبدالفتاح السيسي من جهة اخرى، كما يتعرضون لمضايقات مستمرة من جانب أنصار تنظيم داعش الذين يكفرون جميع الإخوان، ويستحلون أموال وأمتعة إخواننا داخل السجون والمعتقلات، بحسب مئات الشهادات المؤثقة من الذين خرجوا من المعتقل، أو أولئك الذين لا يزالون معتقلين بتهم ملفقة، لمواقفهم السياسية ضد النظام العسكري الشمولي. فالعسكر  وداعش وجهان لعملة واحدة، في الظلم والقتل والخيانة والعمالة للصهاينة.

علاقة مشبوهة من البداية

تقول الصحفية والكاتبة الفلسطينية فدوى حلمي إن تفاصيل سريّة العلاقة ما بين الكيان الصهيونيّ وبين تنظيم داعش الإرهابي تعود إلى بدايات انتشار التنظيم،0. وقبل إعلان التنظيم لما يسمّيه (الخلافة الإسلاميّة).

وتشير إلى أن الأمم المتحدة في سلسلة تقارير موثّقة على موقع الأمم المتحدّة من قبل قوة الأمم المتحدة لفضّ الاشتباك،تؤكد من خلال عشرات المحاضر الاتصال ما بين جيش الاحتلال الصهيونيّ وبين مقاتلين مسلّحين في الأراضي السوريّة، نعرض منها:

ففي التقرير الصادر في شهر مارس  لعام 2013، نجد في نصّ المحضر، “خلال فترة التقرير لاحظت قوة الأمم المتحدة لفضّ الاشتباك تَواصل أعضاء من مسلّحي المعارضة مع قوات الجيش الإسرائيلي على خط وقف إطلاق النّار في محيط موقع الأمم المتحدّة”. و”في شهر يناير لعام 2014 قامت قوّات الجيش الإسرائيلي بتوصيل ثلاثة أشخاص إلى أعضاء من المعارضة السوريّة المسلّحة داخل خط برافو”. و”في الفترة ما بين 29 من شهر مايو إلى الثالث من شهر سبتمبر  لعام 2014، ما عدده 47 مسلّحاً تحركوا من الأراضي السوريّة إلى داخل إسرائيل لتلقي العلاج في المستشفيات، وقام الجيش الإسرائيلي باستقبالهم”.

وزير صهيوني يعترف

وفي شهر يناير لعام 2015، صرّح “موشيه يعالون” وزير الدفاع الصهيونيّ آنذاك في مؤتمر صحفيّ داخل مقرّ الجيش الصهيونيّ في تل أبيب، بأنّ قوّات جيشه تقدّم الدعم لجماعات مسلّحة معارضة تحارب النظام، شريطة ألّا تقترب هذه الجماعات من الحدود، أو تمسّ الدروز من السكان المحليين على الحدود.

“موشيه يعالون” مرة أخرى، في شهر أبريل لعام 2017، يعود أثناء مقابلة له أجراها موقع القناة العاشرة الالكتروني، يؤكد في لقائه بأنّ داعش رفضت استهداف دولته أو أيّة أراض تقع تحت سيطرة الجيش الصهيونيّ، وذكر أنّ حادثة إطلاق النّار التي صدرت بشكل خاطيء من قبل أحد أفراد تنظيم داعش باتجاه الجولان، قد أعقبها مباشرة اعتذار سريع من داعش لقيادة الجيش الصهيونيّ مشيراً إلى التحالف مابين الطرفين، هذا التصريح آثرت الحكومة الصهيونيّة اتخاذ موقف الصمت وعدم التعليق عليه أو نفيه.

وفي شهر يناير لعام 2016، صرّح اللواء الصهيونيّ “هيرزي هاليفي” رئيس الاستخبارات العسكريّة أثناء خطاب له في مؤتمر هرتسليا، بأنّ دولته تفضّل داعش، وأنّها لا تريد لداعش الهزيمة في الحرب، وأعرب هاليفي عن قلقه من الهجمات العنيفة التي تعصف بداعش آنذاك، وأنّ تلك الهجمات تُعد الأشدّ قسوة على التنظيم منذ إعلانه للخلافة، وأردف قائلاً: “بأنّ الجيش الإسرائيلي سيفعل كل مافي وسعه، حتى لا يجد نفسه في وضع تُهزم فيه داعش”.

داعش يعترف بيهودية “فلسطين”

الانتقادات الحادة للتنظيم الدموي بأنه لا يستهدف سوى المسلحين والأوروبيين، بينما يغض الطرف نهائيا عن استهداف الكيان الصهيوني الذي لم يطلق عليه طلقة واحدة، دفعت التنظيم بعد سنتين من ظهوره إلى توجيه تهديدات للصهاينة في أكتوبر ،2015حيث ظهر  شريط مصوّر لداعش باللغة العبريّة يتوعد بأنه لن يبقي يهوديّاً في القدس، بعد هذا الإصدار بشهرين أصدر البغدادي تسجيلاً صوتيّاً هدّد فيه اليهود بأنّ فلسطين ستكون مقبرة لهم.

ولم تمضِ ثلاثة شهور على تصريح الخليفة حتى جاء تفنيد ماجاء في خطاب البغدادي ببيان تفصيليّ من التنظيم ذاته، ليُعيد الأمور إلى نصابها المُعتاد في الأجندة الداعشية، ففي الخامس عشر من شهر مارس  2016، نشرت صحيفة “النبأ” الناطقة باسم تنظيم داعش في عددها الثاني والعشرين شرحاً تفصيلياً بعنوان ( بيت المقدس.. قضية شرعية أولاً). بدأ هذا البيان في مقدمته بشنّ هجوم على مَنْ سمّاهم البيان بــــ (دعاة الفتنة) لمجرد تساؤلهم عن سبب امتناع داعش عن قتال الصهاينة، جاء في البيان: “بات دعاة الفتنة وعلماء السلاطين في كل مكان يستنكرون على المجاهدين في كل الساحات، ويلبسون على الجهلة بالسؤال: لماذا لا يجاهد هؤلاء في فلسطين؟”  أفضى البيان إلى أنّ قتال اليهود في فلسطين ليس بضرورة شرعيّة، وأنّ ترتيب الأولويات يقتضي محاربة الأقرب إليهم من الكفّار على حدّ تعبيرهم، ويشير البيان إلى أنّ واجب قتال اليهود مقتصرٌ على الفلسطينيين:  “هذا الواجب آكد على أهل بين المقدس لكونهم أقرب إليهم”.  هذا المنطق المعوّج لداعش يتناقض مباشرة مع ممارساتها، فهل العمليات التي شنّتها داعش في أوروبا تأتي تحت باب محاربة الأقرب من الكفّار! الأكثر خطورة من ذلك أن داعش في بيانه يسمى الاحتلال الصهيونيّ بـ”دولة اليهود” وهو نفس  المصطلح الذي تستخدمه الأحزاب الصهيونية، وهو أيضا يتفق تماما مع التشريع الجديد الصادر منذ أيام من حكومة بنيامين نتياهو بيهودية الدولة كما يؤكد بيان التنظيم أن قتال “دولة اليهود” فيه إهلاك للنفس!