العطش قادم.. هل يودع المصريون “القُلل” وسبيل أم عباس؟

- ‎فيتقارير

قبل انقلاب الفاشي جمال عبد الناصر وحتى وقت قريب استخدم المصريون منتجات الفخار مثل القُلة والزير في حفظ وتبريد المياه وسقاية أهل السبيل، حتى أُطلق عليهما “ثلاجة الفقراء”, فلم يكن هناك ناصية شارع أو ميدان يخلو من القلل، بينما كان الزير هو ملاذ العطشى في الشوارع، فقد كانت الأزيار تنتشر في الطرقات، من فرط الحرص على عمل صدقة جارية، بما يسمى بـ”السبيل” ومنها الأثر المشهور سبيل أم عباس, لسقاية عابرى السبيل العطشى وهو في أغلب الأحيان يكون كصدقة على روح المتوفى.

إلا أن موقع “ميدل إيست آي” البريطاني أبلغ المصريين بان يجمعوا قللهم وأزيارهم وحتى المبردات –الكولديرات- التي تعمل بالكهرباء، وذلك في تقرير تحدث فيه عن تأثيرات مشروع سد النهضة الإثيوبي الذي شارفت أشغال بنائه على الانتهاء؛ حيث من المنتظر أن يعيد تشكيل السياسات المائية المعقدة بين دول حوض النيل، وسيكون المصريون أكبر الخاسرين بعد دخوله حيز الاستغلال.

نظرة قلق

وقال الموقع، في تقريره اطلعت على ترجمته “الحرية والعدالة”، إن عدة تقارير تحدثت عن الصعوبات التي واجهها هذا المشروع بسبب شبهات الفساد وارتفاع تكاليفه، إلا أن سد النهضة الإثيوبي الكبير الذي انطلقت أعمال تشييده سنة 2011، شارف الآن على الانتهاء، وفي القاهرة، على بعد حوالي 2500 كيلومتر نحو الشمال، ينظر المصريون بقلق كل خطوة في اتجاه اكتمال هذا السد الكهرومائي، الذي يعد الأكبر من نوعه في أفريقيا.

وأوضح الموقع أن مصر تعاني من أزمة مياه بسبب الارتفاع السريع في الطلب على المياه، في ظل سوء إدارة سلطات الانقلاب للموارد المائية، وغياب الاستثمار في البنية التحتية في هذا القطاع؛ وهو ما جعلها حاليا واحدة من أكثر الدول في العالم تخوفا من مستقبل المياه، وطبقا لنسق الاستهلاك الحالي، فإن الأمم المتحدة تحذر من أن مصر يمكن أن تواجه شحا في المياه بحلول سنة 2025، ومن المؤكد أن سد النهضة الإثيوبي سوف يعمق من هذا النقص الحاد.

وأشار الموقع إلى أن النيل الأزرق، الذي ينبع من إثيوبيا، يلتقي مع النيل الأبيض في السودان، ثم يتدفق نحو مصر. ويمثل هذا النهر شريان الحياة بالنسبة للشعب المصري، الذي يعتمد أكثر من 90 % منه على مياه النيل للشرب وريّ المحاصيل الزراعية.

حياة أو موت

وذكر الموقع أن مصر ظلت لسنوات تعتبر نهر النيل ملكا لها، وفي إحدى المراحل تحدث السياسيون المصريون عن إمكانية قصف سد النهضة الإثيوبي، من أجل الحفاظ على ما يعتبرونه حقهم في مياه هذا النهر. كما صرح عبد الفتاح السيسي في وقت سابق بأنه “لا أحد يمكنه المساس من مياه النيل الخاصة بالمصريين، وهذه مسألة حياة أو موت”.

وعلى الرغم من هذه التصريحات القوية، تعلم عصابة الانقلاب جيدا أن سد النهضة الإثيوبي سوف يصبح أمرا واقعا في المستقبل القريب، ويقول بعض المطلعين على سير المشروع، إنه سيمثل نقلة عميقة في توازنات القوى في حوض النيل، ونوه الموقع بأن أكبر المخاوف المصرية، نابعة من مرحلة البدء بملء الخزان الضخم في هذا السد، والفترة التي ستستغرقها هذه العملية.

وأكد الموقع أن تراجع منسوب مياه النيل سوف يؤدي إلى نقص في الكهرباء في مصر، بما أنه سيؤثر على إنتاج السد الكهرومائي الموجود في أسوان، لذلك ترغب القاهرة في أن يتم ملء الخزان بشكل تدريجي خلال مدة تتراوح ما بين 10 و20 عاما، ولكن إثيوبيا التي استثمرت أموالا ضخمة في هذا المشروع العملاق، ترغب في البدء بجني عائداته في أسرع وقت ممكن، من خلال إنتاج الكهرباء للاستهلاك المحلي، وبيع الفائض لدول أخرى.

وذكر الموقع أن السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي التقى برئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد علي في القاهرة خلال شهر يونيو الماضي، حيث طلب السفيه من ضيفه أن يقسم بالله أمام المصريين على عدم المساس بحصتهم من مياه النيل، وهو ما وافق عليه رئيس الوزراء الإثيوبي، في تعمد مستمر من العسكر على استغباء الشعب المصري وخداعه والتواطؤ على إفقاره وتجويعه.