العفو الدولية: “الأمن الوطني” ممثل في لجان أزمة كورونا والأطقم الطبية تواجه الموت أو السجن

- ‎فيتقارير

قالت منظمة العفو الدولية، إنها وثقت استخدام السلطات المصرية تهمًا فضفاضة وغامضة جدا “بنشر أخبار كاذبة” و”إرهاب”، من أجل اعتقال واحتجاز العاملين في مجال الرعاية الصحية تعسفيًا الذين يعربون عن آرائهم علانية، وتعريضهم للتهديدات والمضايقات والإجراءات الإدارية العقابية.

وأشارت إلى أنه بات “على العاملين في مجال الرعاية الصحية اتخاذ خيار مستحيل: إما المخاطرة بحياتهم أو مواجهة السجن إذا تجرأوا على رفع صوتهم بالشكاوى”.

وحذرت من أن الحملة التي تشنها السلطات لا تقوض حرية التعبير في البلاد فحسب، بل تعرقل أيضا جهود أولئك الذين يعالجون أزمة الصحة، ويعرضون حياتهم وحياة الآخرين للخطر.

وقالت الحملة، إن قطاع الأمن الوطني ممثل في “لجان أزمة كورونا” التي تم إنشاؤها في جميع أنحاء البلاد، مما يؤكد أيضًا نهج الحكومة القائم على الأمن لمعالجة أزمة الصحة العامة. وأعرب بعض العاملين في مجال الصحة عن بواعث قلقهم بشأن سلامتهم.

ووثقت “العفو الدولية” تهديدات صوتية لأطباء قابلتهم، تلقوها من وكلاء وزارة الصحة المحليين أو مديري المستشفيات. فالرسائل الصوتية تهدد بشكل صارخ الأطباء الذين لا يحضرون للعمل بالإحالة إلى قطاع الأمن الوطني، مما قد يؤدي إلى ملاحقات قضائية، أو إجراءات قد تؤدي إلى الاقتطاع من المرتبات.

وفي إحدى هذه الرسائل، وُصف الطبيب الذي يرفض العمل لعدم توفر ظروف عمل آمنة بأنه “جندي خائن” ستطبّق عليه “أقصى العقوبات”.

لمجرد التعبير

وأضافت أنه ألقي القبض على عاملين في مجال الرعاية الصحية في مصر، وتمّ تجريمهم ومحاكمتهم لمجرد تجرئهم على التعبير عن بواعث قلقهم بشأن السلامة الشخصية، وفي بعض الحالات حُرموا من الحصول على رعاية صحية مناسبة.

ودعت “العفو الدولية” السلطات في مصر لتتوقف فورا عن حملة المضايقة والترهيب ضد العاملين في مجال الرعاية الصحية في الخطوط الأمامية الذين يعبرون عن بواعث قلق تتعلق بالسلامة، أو ينتقدون تعامل الحكومة مع أزمة وباء فيروس كوفيد-19.

ودارت الاتهامات التي وجهتها الانقلاب للمعتقلين من الأطقم الطبية، بين الاحتجاج على ظروف العمل غير الآمنة، ونقص معدات الوقاية الشخصية، وعدم كفاية التدريب على السيطرة على العدوى، والفحص المحدود للعاملين في مجال الرعاية الصحية، وعدم الحصول على الرعاية الصحية الضرورية.

وقال فيليب لوثر، مدير البحوث وكسب التأييد للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: “بدلا من حماية العاملين في مجال الرعاية الصحية في الخطوط الأمامية من خلال معالجة مخاوفهم المشروعة بشأن سلامتهم، ومصدر رزقهم، تتعامل السلطات المصرية مع أزمة وباء فيروس كوفيد-19 باستخدام أساليبها القمعية المعتادة”.

وأضاف أنه ألقي القبض على عاملين في مجال الرعاية الصحية في مصر، وتمّ تجريمهم ومحاكمتهم لمجرد تجرئهم على التعبير عن بواعث قلقهم بشأن السلامة الشخصية، وفي بعض الحالات، حُرموا من الحصول على رعاية صحية مناسبة.

ودعا “لوثر”، “السلطات المصرية إلى وضع حد فوري لحملة المضايقات والترهيب ضد العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين يتحدثون علانية”.

مقابلات حقوقية

وقالت “العفو الدولية”، إنها أجرت 14 مقابلة مع الأطباء وأقاربهم والمحامين وأعضاء النقابات، واطّلعت على الأدلة المساندة، بما في ذلك المراسلات المكتوبة والرسائل الصوتية من المسؤولين الحكوميين.

وأشارت إلى توثيقها 8 حالات من العاملين في مجال الرعاية الصحية، من بينهم ستة أطباء وصيادلة، تم احتجازهم بشكل تعسفي بين مارس ويونيو من قبل قطاع الأمن الوطني سيئ السمعة، وذلك بسبب تعليقات على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي تعرب عن بواعث قلقهم المتعلقة بالصحة.

ومن بين من أشار لهم التقرير؛ الطبيبة آلاء شعبان حميدة، 26 عاما، التي قبض عليها الأمن الوطني في 28 مارس في المستشفى الذي تعمل فيها بالإسكندرية، بعد أن استخدمت ممرضة هاتفها للإبلاغ عن حالة فيروس كورونا إلى الخط الساخن لوزارة الصحة.

وفي 10 أبريل، ألقى ضباط الأمن القبض على هاني بكر، وهو طبيب عيون، يبلغ من العمر 36 عاما، من منزله بالقليوبية، شمالي القاهرة، بسبب تعليق على فيسبوك انتقد فيه الحكومة لإرسالها مساعدات طبية إلى إيطاليا والصين.

في 27 مايو، تم احتجاز طبيب آخر لكتابته مقالا ينتقد طريقة مواجهة الحكومة لوباء فيروس كوفيد-19، وكذلك الثغرات البنيوية في النظام الصحي في مصر.

ووفقا لعائلته، فقد داهم أربعة من ضباط الأمن منزله، وصادروا هاتفه وجهاز الكمبيوتر المحمول، وسألوه عما إذا كان قد حضر دفن وليد يحيى الذي توفي بعد إصابته بالفيروس.

وفي 14 يونيو، أصدرت نقابة الأطباء بيانًا يحذر من أن مثل هذه الاعتقالات تثير “حالة من الإحباط والخوف المتزايد وسط صفوف الأطباء”.

وفي 25 مايو، قامت مجموعة من الأطباء في مستشفى المنيرة بتقديم استقالاتهم، مشيرة إلى نقص في التدريب ومستلزمات معدات الوقاية الشخصية، و”القرارات التعسفية لـ”وزارة الصحة” فيما يتعلق بإدارة فحوصات تفاعل البوليميراز المتسلسل، وإجراءات العزل”، قد تكون أسهمت في وفاة زميلهم وليد يحيى، 32 عاما، وهو طبيب أصيب بالفيروس، ولم يتمكن من الحصول على سرير لأكثر من يومين في إحدى مستشفيات الحجر الصحي في القاهرة.

وكشفت عن أنه وفقا لعدة مصادر، فقد زار ضباط من قطاع الأمن الوطني مستشفى المنيرة للضغط على الأطباء المضربين للتراجع عن استقالاتهم الجماعية. وقد أقر تحقيق وزارة الصحة في وفاته بحدوث “قصور إداري”، ولكنه حصر المسئولية في المستشفى وحدها.

وأضافت أن السلطات اعتقلت بسبب إثارة بواعث قلق بشأن النظام الصحي سبقت تفشي وباء فيروس كوفيد-19.

ففي سبتمبر 2019، أُلقي القبض على خمسة أطباء لإطلاقهم حملة “أطباء مصر غاضبون” التي دعت إلى إصلاح نظام الرعاية الصحية في مصر، ومنع المزيد من “هجرة العقول”. وبينما أُفرج عن أربعة من الأطباء فيما بعد، فإن طبيب الأسنان أحمد الديداموني لا يزال وراء القضبان للتعبير عن وجهة نظره حول سوء الأجور، وظروف العمل، والمرافق الصحية غير المناسبة.

التهديدات الأمنية والإدارية

وقالت “العفو الدولية” إن سبعة أطباء شهدوا تهديدات أمنية وإدارية لشهادتهم ضد زملائهم العاملين في المجال الصحي بسبب شكاوى على وسائل التواصل الاجتماعي، أو مطالبة وزارة الصحة بتوفير فحوصات تفاعل البوليميراز المتسلسل للعاملين في مجال الرعاية الصحية، ومعدات الوقاية الشخصية، والتدريب وإمكانية الحصول على الرعاية الصحية في حالات الإصابة بالفيروس.

وأكد مصدر من نقابة الأطباء للمنظمة أن الأطباء يتعرضون للتهديدات والاستجواب من قبل قطاع الأمن الوطني، والاستجواب الإداري، والعقوبات، وقال: “نتلقى الكثير من الشكاوى في هذا الصدد، بينما يفضل الكثيرون الآخرون دفع ثمن معداتهم الشخصية لتجنب هذه المحادثات المرهقة. إنهم يجبرون الأطباء على الاختيار بين الموت والسجن”.

استدعاء الأمن الوطني

وحصلت المنظمة على رسالة تحذير خطي موقعة من محافظ شمالي سيناء، من أنه “في حالة وجود رفض طبيب او ممرض بالقيام بمهام عمله والتغيب عن العمل يتم استدعاؤه عن طريق الأمن الوطني”. 

وأبلغت مصادر من نقابة الأطباء منظمة العفو الدولية أن العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين يتحدثون بصراحة عن مشاكلهم قد تم نقلهم إلى مستشفيات العزل، حيث يتم عزل المرضى الذين أصبوا بفيروس كوفيد-19، أو إلى مستشفيات في محافظات أخرى. وهذا الأمر يتعلق بشكل خاص بالأطباء الذين يعانون من أمراض مزمنة، أو الأطباء الأكبر سنًا المعرضين لخطر أكبر.

فعلى سبيل المثال، بعد أن نشر طبيب في المستشفى المركزي في ديرب نجم مقطع فيديو،  يطلب فيه معدات وقائية شخصية، أحاله وكيل وزارة الصحة بمحافظة الشرقية إلى اللجنة القانونية بوزارة الصحة للتحقيق، ونقله إلى مستشفى أخرى كشكل من أشكال العقوبة.