القوات الأمريكية في الخليج.. بحث عن فاتورة وبسط هيمنة واستنزاف للأموال

- ‎فيتقارير

ما الحاجة التي تدعو وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) لتكرر بين فترة وأخرى استعراض قوة الولايات في منطقة الشرق الأوسط عموما والخليج بشكل خاص؟، حيث أعلنت أمس الإثنين عن أن عدد القوات الأمريكية في منطقة الخليج يتراوح بين 65 ألفًا و70 ألفًا، كما أعلنت أيضا عن "تجربة ناجحة لإطلاق صاروخ (كروز) قبالة الساحل الغربي الأمريكي.

في حين سبق أن أعلنت "سي إن إن"، في 24 مايو، عن أن "التعزيزات العسكرية الأمريكية التي تحدث عنها دونالد ترامب لمنطقة الشرق الأوسط تشمل بطاريات صواريخ باتريوت وطائرات استطلاع وزيادة عدد القوات بمقدار 1000 جندي!.

ووفقًا لتقرير نشرته مجلة نيوزويك الأمريكية، نوفمبر 2018م، فإن الجنود الأمريكيين المتواجدين في الخليج ويعملون لمصلحة وزارة الدفاع الأمريكية بلغ عددهم في الكويت نحو 16592 جنديا، وفي الإمارات يصل إلى 4240 جنديا، وفي البحرين يصل إلى 9.335 جنديا، وفي السعودية 8500 جندي، وفي عمان نحو 3200 جندي، وتستضيف قطر نحو 10000 جندي أمريكي.

كما سبق للمتحدثة باسم البنتاجون لشئون القيادة الوسطى ريبيكا ريباريتش، في حوار لها في يوليو الماضي لـ«موقع الحرة»، قولها إن القوات الأمريكية تواصل تنفيذ عمليات مراقبة في المنطقة ورصدها عبر وسائل وإمكانات عسكرية متعددة، ومن خلال سفن حربية وطائرات متخصصة في مجال الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، على امتداد الخليج مرورا بمضيق هرمز وخليج عمان وصولا إلى منطقة باب المندب.

واعترفت "ريباريتش" بأن الحشد العسكري الأمريكي في الخليج ومقابل السواحل الإيرانية هو ذو قدرات عالية، إلا أنه ليس الأكبر في تاريخ التواجد العسكري الأمريكي في المنطقة، معتبرة أن حجم القوات الأمريكية في المنطقة الآن يتراوح بين 65 إلى 70 ألف عنصر أمريكي، من دون إعطاء تفاصيل عن أماكن انتشارهم وتواجدهم.

وفي ضوء هذه الأرقام التي تقترب أو تتطابق مع الأرقام التي أُعلن عنها، في 19 أغسطس، تقول إن دول الخليج لا تملك فعليا قرارها الأمني والسياسي، وهي تقاد من الخارجية الأمريكية وشركائها الصهاينة، الذين أعلنوا رسميا قبل أسابيع عن الانضمام للحملة الأمريكية لحماية الملاحة في الخليج.

تحذيرات متزامنة

وقبل يومين أرسلت إيران تحذيرات لدول المنطقة بشأن التحالف الأمريكي في الخليج، وقال محللون موالون لها على قناة "ميادين"، الممولة إيرانيا، إنه على دول الخليج أن تتعامل مع السياسات الأمريكية في المنطقة بحذر، وأن تعلم بأنَّ المصالح الأمريكية هي الأهم في القرار الأمريكي دون سواه.

إلا أن دعوتهم لم تجد صدى، بعدما قال ملك البحرين "آل خليفة": "إن البحرين تشيد بالدور الأمريكي لتأمين ملاحة الخليج، وسنشارك في هذه الجهود" .فردت إيران مجددا من خلال "الخارجية الإيرانية": "نحذر الدول من المشاركة في الائتلاف الأمريكي لأنه يزيد التوتر في منطقة الخليج".

ويرى البعض أن الاستعراض الأمريكي الأخير ربما هو مقدمة لاستهداف السفينة الإيرانية التي كانت محتجزة بجبل طارق، مقابل السفن التي قالت أمريكا إن إيران استهدفتها في المياه الإماراتية وفي مضيق هرمز ومنطقة بحر العرب القريبة من المضيق.

خفض التوتر

وسبق أن امتنعت واشنطن، في 30 يوليو، عن التعليق على المساعي الدولية لخفض مستوى التوتر بين واشنطن وطهران، وكان تحليل البنتاجون حيال تراجع مستوى التوتر مع إيران أو بقائه على ما هو عليه الآن من دون تسجيل أي ارتفاع أو تشنّج، مردّه هو الرسالة القاسية التي وجهتها الولايات المتحدة للنظام الإيراني، والتي حملت وجهين في الوقت نفسه، الأول هو أن للقوات الأمريكية قدرة الرد القاسي والعنيف على أي محاولة تهديد من قبل القوات الإيرانية، والثانية هو أن مهمة واشنطن في المنطقة هو الحفاظ على مصالحها ومنع التعرّض للملاحة الدولية.

وسبق للبنتاجون قوله: إنّ «كل الخيارات ما زالت مفتوحة مع طهران»، غير أن ذلك ليس واجبا، بل تراوح الإدارة بأن الأنسب هو أن القيادة الوسطى الأمريكية ما زالت تتمتع بالقوة العسكرية اللازمة لمواجهة أي مخاطر وبقدرات الردّ عليها فيما لو وقعت.

الأرقام والابتزاز

غير أن أرقام صفقات السلاح الأمريكية لدول الخليج تخالف آراء الخليجيين الذي يتمنون غير واقعهم، ففي مارس الماضي كشف بحث قدمه معهد "استكهولم الدولي" لأبحاث السلام “سيبري”، أن مجموع الأسلحة المتدفقة إلى الشرق الأوسط قد ارتفع بنسبة 87 % خلال السنوات الخمس الماضية، كما أصبحت هذه المنطقة تحتكر أكثر من ثلث التجارة العالمية للأسلحة.

وأظهر البحث السنوي أن السعودية أصبحت أكبر مستورد للأسلحة في العالم خلال الفترة الممتدة بين 2014 و2018، بنسبة نمو بلغت 192% مقارنة بالسنوات الخمس السابقة. بينما احتلت مصر والجزائر والإمارات والعراق مراتب ضمن قائمة الدول العشر الأوائل في شراء الأسلحة في العالم”.

وأشار تقرير “سيبري”، المكون من 12 صفحة، مفسرا هذه اللهفة على شراء السلاح، إلى أن الإمارات والمملكة العربية السعودية وإسرائيل يستعدون لمواجهة صراع محتمل مع إيران، إضافة إلى أن كلاًّ من السعودية والإمارات وبعض الدول الأخرى تعيش صراعا مع قطر منذ سنة 2017، الذي من المحتمل أن يتحول إلى أعمال عنف في وقت من الأوقات.

إلى ذلك، لا تزال الولايات المتحدة تتصدر قائمة الدول الأكثر مبيعا للسلاح في العالم؛ إذ نمت صادراتها بنسبة 29% خلال السنوات الخمس الماضية، مع توجه أكثر من نصف شحناتها (بنسبة 52 بالمئة) نحو عملائها في الشرق الأوسط، كما نمت المبيعات البريطانية بنسبة 5.9 % خلال الفترة ذاتها؛ حيث خُصصت 59% من هذه الشحنات لدول الشرق الأوسط، والتي كان معظمها من الطائرات المقاتلة المتجهة إلى المملكة العربية السعودية وعمان.