المخدرات والإرهاب.. سلاح الانقلاب لتصفية ملايين الموظفين

- ‎فيتقارير

بدعوى تقليص البيروقراطية واجتذاب الاستثمار الأجنبي، كشفت مصادر بحكومة الانقلاب عن خطة لتقليص أعداد الموظفين كانت وزيرة التضامن الاجتماعي بحكومة الانقلاب غادة والي أعلنت بموجبها عن فصل 300 موظف بدعوى تعاطي المخدرات.

وحسب تقرير نشره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في أكتوبر 2017، بلغ عدد العاملين في القطاع الحكومي نحو خمسة ملايين مقابل 5.8 ملايين موظف في العام المالي السابق عليه.

ووقعت مصر في نوفمبر 2016 اتفاقا مع صندوق النقد الدولي، بموجبه تحصل القاهرة على قرض بقيمة 12 مليار دولار خلال ثلاث سنوات، ويرتبط صرف شرائح القرض بإجراءات اقتصادية منها إعادة هيكلة مؤسسات الدولة وخفض عدد العاملين بها.

الخطة (أ)

وفي ورشة عمل بعنوان “تعزيز دور العدالة الجنائية في مواجهة تعاطي وإدمان المواد المخدرة” ، قالت وزيرة الانقلاب غادة والي أن حجم قضايا الاتجار وتعاطي المواد المخدرة التي نطلع عليها بالتقارير الرسمية الصادرة من وزارتي “العدل والداخلية” وصل في عام 2017 إلي 54 ألف قضية مخدرات وفقاً لتقارير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات.

وادعت أن الصندوق تمكن من خفض نسب التعاطي بين السائقين المهنيين من 24% عام 2015 إلي (12%) العام الحالي، كما تم تسليم الإدارة العامة للمرور (50 ألف) كاشف استدلالي للكشف عن المخدرات تدعيماً لهذه الحملات خلال هذا العام، كما نجحنا في خفض نسب التعاطي بين سائقي الحافلات المدرسية من (12%) عام 2015 إلي (2,7%) خلال الفترة الحالية، وخلال الشهرين الماضيين تم الكشف علي أكثر من (8 آلاف) موظف في 8 وزارات وإحالة (279) موظف متعاطي للنيابة الإدارية مع إيقافهم عن العمل.

الخطة (ب)

يعد الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، قاعدة بيانات بأسماء موظفي الدولة المدرجين على قوائم إرهاب العسكر بموجب أحكام قضائية، والمنشورة أسماؤهم فى الجريدة الرسمية، فى إطار متابعة الآثار المترتبة على إدراجهم في قوائم الإرهاب وتطبيق أحكام قانون الخدمة المدنية.

وأوضح الجهاز، في بيان له، أن القانون رقم “٨ لسنة ٢٠١٥” في شأن تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، ينص في المادة ٧ منه على أن الشخص المدرج فى قوائم الإرهاب يعد فاقدًا شرط حسن السمعة والسيرة اللازم لتولي الوظائف والمناصب العامة أو النيابية، وهو ما يستتبع إنهاء خدمة كل من يدرج في قوائم الإرهاب.

وكشف محمد جميل، رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، إن قاعدة بيانات «الموظفين الإرهابيين»، ستضم أعدادًا كبيرة من الموظفين فى عدد من الوزارات والهيئات الحكومية، ممن صدرت بحقهم أحكام قضائية نهائية تفيد بتورطهم فى عمليات إرهابية ضد المدنيين والعسكرين والمنشآت الحيوية.

وقال مصدر مطلع بوزارة التخطيط، أن القائمة تضم مئات الموظفين، يتركز أغلبهم فى الوزارات الخدمية، خاصة فى فروعها بالأقاليم، مثل التربية والتعليم والصحة والتموين، لافتًا إلى أنه سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم، من خلال إبلاغ جهات عملهم لاتخاذ قرار نهائى بالفصل، بعد أن أخلوا بشروط شغل الوظيفة.

وشدد المصدر على أن الجهاز استند فى إعداده قاعدة البيانات، إلى قوائم الأسماء المنشورة فى الجريدة الرسمية، للصادرة بحقهم أحكام قضائية فى قضايا إرهاب.

800 ألف موظف

كانت حكومة الانقلاب أحالت بالفعل نحو 800 ألف موظف إلى التقاعد، خلال العام المالي 2016/2017، وفق ما كشفت عنه بيانات صادرة عن جهاز الإحصاء، في أكتوبر من العام الماضي 2017، ما يجعل عدد الموظفين الذين تشملهم خطط التسريح نحو 2.7 مليون موظف.

وأظهرت البيانات أن عدد العاملين في القطاع الحكومي تراجع إلى 5 ملايين موظف بنهاية العام المالي 2016/2017، مقابل 5.8 ملايين موظف عام 2015/2016، بنسبة انخفاض 13%.

ولا يترك مسؤولو الانقلاب مناسبة للتحدث عن المأزق الاقتصادي الذي تمر به البلاد إلا وربطوه بميزانية موظفي الدولة. وأرجع قائد الانقلاب، في مايو 2018 الماضي، زيادة الدين العام إلى مرتبات الموظفين وفوائد الاقتراض من الخارج.

وزعم أن الحاجة الفعلية للعمل لا تحتاج ملايين الموظفين، وقال إنه تم توظيف مليون شخص في 2011 لا تحتاجهم الدولة لأن الجهاز مشبع، ثم وظفوا مليونا آخر.
وقبل عامين، قال السيسي إن الحكومة لا تحتاج سوى مليون موظف من أصل سبعة ملايين.

وكشف وزير المالية بحكومة الانقلاب محمد معيط في أغسطس الماضي أن السيسى أمر بدراسة أجور موظفي الدولة، دون إشارة لأسباب الدراسة أو ما سيترتب عليها من نتائج، وقبله بشهور قالت وزيرة تخطيط الانقلاب هالة السعيد إن الجهاز الإداري يضم موظفا لكل 22 مواطنا، بينما تستهدف الحكومة الوصول إلى موظف لكل 80 مواطنا خلال السنوات المقبلة.

أما رئيس برلمان العسكر علي عبد العال فذهب لأبعد من ذلك، حيث زعم إن صغار الموظفين يعيقون حركة العمل!

رسالة سلبية

يرى الخبير الاقتصادي المؤيد للانقلاب الدكتور عبد النبي عبد المطلب ان التوجه الحكومي الأخير رسالة سلبية للاستثمار المحلي والأجنبي. لافتا إلى أن الاستثمار الأجنبي المباشر عادة يبحث عن الاقتصاد الذي يحقق له أقل تكاليف ممكنة وأكبر قدر من الأرباح.وأضاف أن “الاستثمار يحصل على احتياجاته من الأيدي العاملة الماهرة والمدربة من الاقتصاد الذي سيذهب إليه”.

لذا فتخفيض الحكومة إنفاقها على التعليم أو الصحة، أو وقف عرض الوظائف في قطاعاتها وأجهزتها الإدارية ووحداتها الادارية لا يساعد على تحفيز الاستثمار، وفق قول عبد المطلب.

ومن جانبه لم يجد البرلماني السابق الدكتور جمال حشمت في تقليص عدد الموظفين أو عدم تعيين عمالة جديدة أي تصرف مستغرب من قبل الحكومة، بل رأى في التوجه الحكومي اتساقا شديدا مع أفعال السلطة منذ الانقلاب العسكري في 3 يوليو2013.

وقال: “لم يلمس المواطن أي مكسب منذ خمس سنوات.. لقد حرم المواطن من خدماته المستحقة تعليميا وصحيا ومعيشيا، وازداد مستوى الفقر وقلّ الإحساس بالأمان النفسي والاجتماعي والأمني، وزادت نسب البطالة والجرائم”.

لكن ما تداعيات التخلي عن ملايين الموظفين؟ يجيب حشمت أن الحكومة بالفعل تتخلى عن موظفيها في كل المؤسسات منذ الانقلاب العسكري لأسباب وصفها بالواهية.

المعاش المبكر

أشار رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة محمد جميل إلى أن الدولة تسعى لأن يكون هناك موظف لكل 26 مواطنا خلال عام 2020 ليصل عدد العاملين إلى3 ملايين موظف، مؤكدا أن النسبة الحالية للعمالة الحكومية هي موظف لكل 13 مواطنا.

ومن ضمن خطط حكومة الانقلاب لتقليص الجهاز الإداري فتح المجال للموظفين للخروج على المعاش المبكر في سن الخمسين بدلا من ستين، ووقف التعيينات في الجهاز الإداري بالدولة، وهو ما بدأ منذ عامين باستثناء الجيش والشرطة، خاصة أن هناك نحو 200 ألف موظف يخرجون على المعاش سنويا، وأن نحو 38% من الموظفين بين الخمسين والستين عاما، كذلك اللجوء إلى تنفيذ بنود قانون الخدمة المدنية الجديد رقم 18 لسنة 2015، وإنهاء خدمة كل موظف ينقطع عن العمل ١٥ يوما متصلة، أو من ارتكب جريمة مخلة بالشرف، كما أن منح الموظف تقريرا ضعيفا لمدة عامين متتاليين من خلال الجهة التي يعمل بها يتم نقل الموظف بعدها لجهة أخرى وفى حال حصوله على تقرير ضعيف في الجهة المنقول إليها يتم فصله نهائيا.

وبحسب عاملين شهدت الأيام الماضية إحالة الكثير من الموظفين لـ “القومسيون الطبي”، لإحالتهم للتقاعد رغم أن حالتهم لا تستدعي ذلك، وتعرض موظفون آخرون لمضايقات إدارية؛ لإجبارهم على الخروج على المعاش المبكر، خاصة من تخطي الخمسين عاما.