“المونيتور”: لماذا صمت السيسي على حظر إثيوبيا الطيران فوق سد النهضة؟

- ‎فيتقارير

نشرت صحيفة المونيتور تقريرا سلطت خلاله الضوء على رد فعل عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري على قرار إثيوبيا حظر الطيران فوق سد النهضة، مستنكرة صمت سلطات الانقلاب على هذه التصرفات العدوانية من قبل أديس أبابا.

وحسب التقرير الذي ترجمته الحرية والعدالة، قررت إثيوبيا حظر الطيران فوق سد النهضة الذي تبنيه على نهر النيل الأزرق في خطوة يعتقد أنها تعميق الصراع المستمر منذ سنوات. وتخوض مصر والسودان وإثيوبيا منذ ما يقرب من عقد من الزمان صراعاً مفتوحاً حول سد النهضة الإثيوبي الكبير، الذي تبنيه أديس أبابا على النيل الأزرق لتوليد الطاقة الكهرومائية. وفي الآونة الأخيرة، قررت إثيوبيا حظر الرحلات الجوية فوق السد لاعتبارات أمنية، حسبما قال المدير العام لهيئة الطيران المدني الإثيوبية، فيسينيله هونيناو، لرويترز في 5 أكتوبر الجاري.

وقال هونيراو إن القرار يهدف إلى تأمين السد، لكن المحللين يقولون إنهم يعتقدون أن هذه الخطوة ستعمق النزاع القائم بالفعل حول السد. وتأمل إثيوبيا أن يجعل المشروع البلد مصدرا أكبر للكهرباء. وفى نفس اليوم قال هونيناو لهيئة الإذاعة البريطانية إنه من الشائع أن تحظر البلاد الرحلات فوق المشروعات الكبرى. وفي الوقت نفسه، تعرب القاهرة عن قلقها من أن السد قد يؤثر سلباً على تدفق حصتها المائية السنوية من نهر النيل، الذي يلبي أكثر من 95% من احتياجات مصر من المياه العذبة.

وتجدر الإشارة إلى أن 85% من مياه النيل تأتي من النيل الأزرق الذي يتم بناء السد الذي يزيد على 4 مليارات دولار وتعتبر أديس أبابا أن السد حيوي لتحريك عجلة الاقتصاد ومحاربة الفقر الذي يعاني منه الملايين.

وفي حين يعتقد السودان أن السد قد يحقق بعض الفوائد من خلال تنظيم مياه النيل الأزرق وتوفير الكهرباء، فإنه يريد ضمانات بشأن التشغيل الآمن والكافي للسد في الوقت الذي تسعى فيه البلاد إلى الحفاظ على سدودها الخاصة، بما في ذلك سد روسيريس، وهو الأكبر في السودان. وجاء حظر الطيران فوق السد المثير للجدل بعد أيام من تحذير قائد القوات الجوية الإثيوبية، اللواء يلما ميرداسا، من أي عدوان عسكري على السد. وقال ميدداسا فى مقابلة مع التليفزيون الإثيوبي يوم 30 سبتمبر إن بلاده مستعدة تماما للدفاع عن السد ، الذى غالبا ما يشار إليه باسم السد العظيم ، من أى هجوم محتمل .

وقال وليام دافيسون، أحد كبار المحللين في مجموعة الأزمات الدولية، لـ"المونيتور": "لم يتضح بعد سبب اتخاذ إثيوبيا هذا القرار، لكن من الواضح أن إثيوبيا تعتبر أن هناك تهديداً أمنياً لـ " السد العظيم " بناء على المواقف والتصريحات الصادرة عن مصر".

وأضاف دافيسون " لن تتمكن أية خلافات دبلوماسية أخرى من المساعدة فى المفاوضات والمطلوب في النهاية أن تتوصل الأطراف الثلاثة إلى التنازلات التي ترغب في تقديمها بشأن المنازعات القانونية والفنية العالقة، ثم تحاول مرة أخرى التوصل إلى توافق حول قواعد الملء والتشغيل". ومع ذلك، قال مسئول مصري لـ"المونيتور" طلب عدم ذكر اسمه إن "القيادة السياسية المصرية متأكدة من أن أزمة سد النهضة ستحل على طاولة المفاوضات".

واستبعد عبد الفتاح السيسي، قائد الانقلاب العسكري أن تلجأ بلاده إلى حل عسكري في أزمة السد وقال في 28 يوليو إن الخيار العسكري ليس حلا لهذا النزاع وان المفاوضات هي السبيل الوحيد لحل الأزمة. وقال حمدي بخيت، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي البرلمانية، لـ"المونيتور" إن حظر الطيران الذي فرضته إثيوبيا على السد هو مجرد حيلة أمام المجتمع الدولي. مضيفا أن الحظر يشكل تهديداً وقائياً يهدف إلى اتهام مصر بنية استخدام القوة العسكرية لإنهاء النزاع.

ووفقاً للمادة 152 من الدستور، يحتاج الجيش المصري إلى موافقة مجلس النواب لإعلان الحرب أو إرسال قوات للقيام بمهمات قتالية خارج الحدود. وقال بخيت " إن ما دفع إثيوبيا إلى اتخاذ هذا القرار هو أنها تعيش حالة من عدم الاستقرار الداخلى حيث أنها تعانى من صراعات عرقية وان النظام يحاول حشد الرأى العام الداخلى حول قضية وطنية يمثلها سد النهضة".

وتصاعدت الأزمة بشأن السد أكثر بعد أن أعلنت إثيوبيا في يونيو أنها تعتزم استكمال مرحلة الملء الأولى للسد بغض النظر عما إذا تم التوصل إلى اتفاق مع مصر والسودان ودفع ذلك مصر والسودان إلى اللجوء إلى مجلس الأمن في محاولة لحمل أديس أبابا على العودة إلى المفاوضات ووقف أي خطوة أحادية الجانب قبل التوصل إلى اتفاق شامل على قواعد ملء السد وتشغيله وفي الوقت نفسه، تدهور التوتر الدبلوماسي بين مصر وإثيوبيا إلى تبادل للتهديدات العسكرية.

وفي حين نجح الاتحاد الأفريقي في إعادة البلدان الثلاثة إلى طاولة المفاوضات في 26 يونيو – بعد قمة أفريقية حضرها قادة البلدان الثلاثة – فوجئ الجميع بإعلان أديس أبابا في 21 يوليو أن الأمطار ساعدتها على إكمال المرحلة الأولى من ملء خزان السد بـ 4.9 بليون متر مكعب من المياه ومع ذلك، واصلت البلدان الثلاثة التفاوض. وصرحت الرئيسة الإثيوبية ساهل- ووك زيود للبرلمان يوم 5 أكتوبر بان بلادها تسعى لاستكمال المرحلة الثانية من ملء السد خلال الأشهر ال12 القادمة.

وفي سبتمبر الماضي قررت الولايات المتحدة خفض جزء من مساعداتها لإثيوبيا بسبب المخاوف الأميركية من قرار أديس أبابا الأحادي الجانب بملء السد قبل التوصل إلى اتفاق. وفي فبراير، تعثرت المحادثات التي توسطت فيها الولايات المتحدة بحضور البنك الدولي، حيث قامت مصر من جانب واحد بالأحرف الأولى بالأحرف الأولى على اتفاق يشمل آليات لملء وتشغيل السد عندما لم تُعرض إثيوبيا على اجتماع حول هذه المسألة. وفى يوم 28 أغسطس فشلت إثيوبيا ومصر والسودان فى التوصل إلى اتفاق فى الجولة التفاوضية الماراثونية الأخيرة التى قام بها الاتحاد الإفريقي بمشاركة خبراء ومراقبين من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة . ولم تحدد الدول الثلاث بعد موعدا لاستئناف المفاوضات.

وتسعى مصر والسودان إلى التوصل إلى اتفاق ملزم قانوناً بشأن السد شريطة أن يتضمن آلية فعالة وملزمة لتسوية النزاعات المستقبلية قبل أن يبدأ تشغيل السد. بيد أن إثيوبيا تصر على التوصل إلى اتفاق يتضمن مبادئ توجيهية غير ملزمة. وتتعلق القضايا الفنية المتنازع عليها بشكل رئيسي بتشغيل السد خلال سنوات الجفاف، وسط مخاوف من انخفاض كمية المياه التي ستفرج عنها أديس أبابا إلى مصر والسودان.

وفي خطاب ألقاه السيسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 سبتمبر، حذر السيسي من تداعيات تعثر المفاوضات بين الدول الثلاث وقال السيسي إن استمرار تعثر المفاوضات سيكون له انعكاسات سلبية على الاستقرار والتنمية في المنطقة ودعا المجتمع الدولي إلى القيام بدوره وحث جميع الأطراف على إبداء المرونة في المفاوضات للتوصل إلى حل يرضي الجميع.

رابط التقرير:

https://www.al-monitor.com/pulse/originals/2020/10/egypt-ethiopia-gerd-conflict-ban-flights-negotiations.html