المياه ليست السبب.. لماذا يحارب السيسي زراعة الأرز؟

- ‎فيتقارير

رغم أهمية الأرز كمحصول غذائي للمصريين بجانب كونه مصدرًا للعملة الصعبة من خلال تصدير كميات كبيرة منه، بالإضافة إلى أن ملايين الأسر تعتمد عليه فى توفير لقمة العيش لأبنائها، إلا أن عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب الدموي يحارب هذا المحصول بشراسة، ويخطط لمنع زراعته فى مصر والاعتماد على الاستيراد من الخارج.

السيسي ليس هدفه توفير المياه– الأرز محصول يستهلك كميات كبيرة من المياه- خاصة بعد أزمة سد النهضة وتفريطه فى الحقوق التاريخية لمصر فى نهر النيل لصالح إثيوبيا، وإنما يخضع لإملاءات الخارج ويتآمر لحرمان المصريين من محصول أساسي كالأرز، مثلما فعل المخلوع حسنى مبارك مع القطن الذى لم تقم له قائمة بعد أن كان القطن المصري علامة بارزة فى العالم كله.

وزارة الموارد المائية والري بحكومة الانقلاب كشفت عن أحد محاور هذه الحرب من خلال تحديد المساحة المسموح بزراعتها بـ724 ألفا و200 فدان فقط، بتخفيض يصل إلى 300 ألف فدان عن العام الماضي.

كما فرضت غرامات على المخالفين من المزارعين تصل إلى 3700 جنيه عن الفدان الواحد، وأكدت الوزارة ارتفاع إجمالي غرامات زراعات الأرز بمحافظات الجمهورية إلى نحو 3 مليارات جنيه.

من جانبه اعترف حسين عبد الرحمن أبو صدام، نقيب الفلاحين، بأن الأرز يحارب رغم أهميته الكبيرة كمحصول غذائي أساسي على موائد المصريين، مشيرا إلى أن الأرز بات مضطهدا لاتهامه بكثرة استهلاك المياه، ولذلك حددت وزارتا الري والزراعة بحكومة الانقلاب مساحات الأرز في أحواض بعينها داخل مراكز معينة في تسع محافظات فقط، هى: الإسكندرية، دمياط، بورسعيد، الإسماعيلية، الدقهلية، الشرقية، الغربية، كفر الشيخ، البحيرة، وبأصناف معروفة، بإجمالي مساحة مليون وأربعة وسبعين ألف فدان .

خطأ فادح

وقال أبو صدام، في تصريحات صحفية: “أيضا يُتهم قش الأرز بتلويث الهواء والتسبب في ظاهرة السحابة السوداء، عقب قيام مزارعي الأرز بحرق القش للتخلص منه”، معربا عن أسفه لأن حكومة الانقلاب تعمل على إغراق السوق بالأرز المستورد الذي يؤدي إلى انخفاض أسعار الأرز المصري بصورة كبيرة.

وأشار إلى أن المساحات المزروعة بالأرز على أرض الواقع لعام 2020 قد تزيد على مليون  ونصف المليون فدان، موضحًا أن المزارعين اتجهوا لزراعته بالمخالفة عقب تقلص مساحة القطن بسبب فشل تسويقه خلال الأعوام الماضية، وعدم جدوى الزراعات الصيفية الأخرى اقتصاديا بالمناطق القريبة من البحر، مما جعل بعض المزارعين يضطرون لزراعة الأرز .

وأكد أبو صدام أن المساحة المزروعة بالأرز عام 2020 تحقق الاكتفاء الذاتي محليا والتصدير أيضا، معتبرا أن استيراد الأرز بكميات كبيرة خطأ فادح؛ لأنه يؤدي إلى انهيار أسعار الأرز المحلي وإلحاق أضرار جسيمة بمزارعيه.

وحذر نقيب الفلاحين من أن مزارعي الأرز الذين التزموا بزراعته، طبقا لقرارات وزارتي الزراعة والري بحكومة الانقلاب، مهددون بخسائر فادحة من التدني المحتمل فى أسعار الأرز؛ نتيجة إغراق السوق بالأرز المستورد .

غرامات كبيرة

وطالب عصام الصافي، عضو مجلس نواب الدم، وزيري الزراعة والرى بحكومة الانقلاب بحصر الأراضى التى لا تصلح سوى لزراعة الأرز على مستوى الجمهورية، ووضعها ضمن الأراضي المستهدف زراعتها بالمحصول كل عام، على أن يتم استكمال باقى المساحات المطلوبة من الأراضي المجاورة، وتفعيل نظام المحاصصة بين هذه الأراضى للحفاظ على التربة وضمان عدم المخالفة.

وكشف الصافي، فى تصريحات صحفية، عن أن هناك العديد من الأراضى التى لا تصلح سوى لزراعة الأرز بسبب طبيعة التربة، وفى حال استثنائها من الأراضي المراد زراعتها بالأرز لا تصلح لزراعة محاصيل أخرى، وهذا يعود لزيادة نسبة الملوحة فى التربة، أي أنها ستظل ” أرض بورٍ”.

وأشار إلى أن أصحاب هذه الأراضى يقومون بزراعة أراضيهم بالأرز بالمخالفة لقرارات وزارة الرى بحكومة الانقلاب، وبالتالى توقع عليهم غرامات، وتتكاثر الفوائد عليهم نتيجة عدم قدرة البعض على السداد، مما يستوجب أن يكون هناك حلول جذرية لهذا الأمر.

وشدد الصافى على ضرورة إعادة النظر فى تحصيل الغرامات، على أن يتم رفعها فى حال إمكانية تحقيق ذلك، وفى حال عدم القدرة لا بد من رفع نسبة الفائدة وتقسيط قيمة الغرامة الأصلية دون فوائد على الفلاحين لعدم إثقال كاهلهم بالديون، وفى نفس الوقت لا بد من توفير المحاصيل البديلة لهذه الأراضي، ويجب مراعاة أن المزارعين يعتمدون على الأرز كوجبة أساسية.

أنواع محددة

من ناحية أخرى تفرض حكومة الانقلاب على مزارعى الأرز نوعا محددا من التقاوى، وهذا  يجعلهم يواجهون صعوبات تحول دون إحلال تقاوي الأرز الجديد التى تزعم حكومة الانقلاب أنها موفرة للمياه “سوبر سخا 300″، بدلا من الأصناف التقليدية التي تزرع منذ عشرات السنين، وتتمثل الصعوبات فى انتشار الحشائش في الأرز ونقص خبرة المزارعين في التعامل مع تلك النوعية التي يسمى أرز الجفاف.

وأكد وائل أبو إسلام، مزارع من الشرقية، أنه عند زراعة الأرز الجديد فوجئ بانتشار الحشائش الضارة التي أتت على محصوله وتغلبت عليه، مشيرا إلى أن المبيدات المختصة بالقضاء على الحشائش أخفقت في القيام بدورها.

وقال أبو إسلام، فى تصريحات صحفية: إنه مع استمرار وجود الحشائش في الأرز قام بتركيز جرعات الرش، مما أدى إلى تدمير ما تبقى من الأرز، حيث تم القضاء على ثلثي إنتاجية المحصول بسبب الحشائش، مؤكدا أنه لا توجد خدمات إرشادية لهذه النوعية من الأرز من جانب وزارة الزراعة بحكومة الانقلاب.

العملة الصعبة

ومع تقليص المساحات المنزرعة بالأرز كشف مجدى الوليلي، رئيس لجنة الأرز بالمجلس التصديرى للحاصلات الزراعية، عن أن البنك المركزى المصرى سوف يتحمل عبئا جديدا فى توفير العملة الصعبة لاستيراد محصول الأرز من الدول الأجنبية.

وقال الوليلى، فى تصريحات صحفية: إنه كان يجب على حكومة الانقلاب أن تقوم بحملة توعية لتغيير ثقافة المواطن لترشيد استهلاك الأرز واللجوء إلى مصادر بديلة، حيث تتجه العديد من الدول الأوروبية لاستهلاك البطاطس والمكرونة ليكون بديلا نشويا بعيدا عن الأرز ويملك نفس القيمة الغذائية ومتعدد الطعم وطرق التحضير.

وأشار إلى أن قرار تقليص مساحات الأرز هو إجباري؛ لأننا نعانى من نقص الموارد المائية التى لا تسمح بالتوسع فى زراعة مساحات كبيرة بالأرز .

وأضاف الوليلى أن هناك بدائل مطروحة أبرزها استنباط سلالات تتحمل الرى بالتنقيط، وأخرى تتحمل مياه بنسبة ملوحة يتم معالجتها عن طريق محطات خاصة، موضحا أن ارتفاع أسعار الأرز أو عدم ارتفاعها سيكون على أساس الكميات المنتجة داخليا والسماح بفتح باب الاستيراد من الخارج.