وصفت منظمات حقوقية، الزيارة التي نظمتها الهيئة العامة للاستعلامات التابعة لرئاسة الانقلاب، لصحفيين مصريين وأجانب إلى “مجمع سجون طره”، بأنها “فيلم لتجميل انتهاكات حقوق الإنسان”.
ونشر الناشط محمد سلطان، الذي كان معتقلًا سابقًا، فيديوهات من سجون طره توثق الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها المعتقلون. بينما طالبت منظمة العفو الدولية بالإفراج فورا عن الناشطة إسراء عبد الفتاح.
وقوبلت الزيارة المرتبة للسجون بانتقادات وسخرية واسعة، عقب يومين من إصدار الأمم المتحدة تقريرًا حول الظروف “الوحشية” التي احتُجز فيها الرئيس الشهيد محمد مرسي، والتي أدت إلى وفاته تعسفيًا، وقبل يومين من الاستعراض الدوري الأممي للأوضاع الحقوقية في مصر.
وبحسب بيان لهذه المنظمات الحقوقية، أصدرته مساء أمس الثلاثاء، فإن “زيارة السجون تأتي بالتزامن مع وصول وفد حكومي برئاسة وزير الشئون النيابية عمر مروان إلى مدينة جنيف السويسرية، للمشاركة في آلية الاستعراض الدوري الشامل بـمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الأربعاء”.
وتابع البيان: “أثارت الحملة الإعلامية التي تنظمها وزارة الداخلية بالتعاون مع الهيئة العامة للاستعلامات وعدد من الصحفيين والإعلاميين لتجميل صورة مصر دوليًا، سخرية واستياء الكثير من الحقوقيين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة بعد تصاعد الانتقادات الدولية للحكومة”.
ويُعلّق الصحفي جمال سلطان، عبر موقع “تويتر”، على مسرحية زيارة السجون بقوله: “ضج المصريون بالصراخ من وحشية أوضاع السجون، وتوالي موت المعتقلين، فسدّت الدولة آذانها، فلما أصدرت الأمم المتحدة تقريرها واتهمت السلطة ضمنيًّا بالتسبب في قتل الرئيس مرسي، تحركت الرئاسة والقضاء والإعلام والبرلمان”.
واستنكر الحقوقي جمال عيد، محاولات تجميل صورة حقوق الإنسان قائلاً: “وفد من النيابة زار السجون. اختير له حازم عبد العظيم المسجون 18 شهرا حبسًا احتياطيًّا دون محاكمة. هذا النظام لا يحترم حقوق الإنسان، ولا يرغب في احترامها.. مصر رهينة”.
وطالب عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان السابق، أسامة رشدي، بالسماح للصحفيين بزيارة حقيقية لمقابلة القيادات الممنوعة من الزيارة منذ 3 أعوام، مضيفًا: “الزيارات المرتبة التي يجري فيها نقل سجناء وإخفاء آخرين لن تنطلي على أحد. السجون الوحشية سيئة السمعة في مصر لن تحل مشاكلها بالممارسات المسرحية قبيل المراجعة الشاملة”.
فيديوهات موثقة
من جانبه، نشر الناشط الحقوقي المصري محمد سلطان، مقاطع فيديو مسربة من داخل سجن طره جنوب القاهرة، توضح الظروف المعيشية “غير الإنسانية” التي يعيشها المعتقلون. وجاء نشر الفيديوهات بعد يوم من فتح السلطات المصرية أبواب مجمع سجن طره الشهير في القاهرة، للصحفيين والإعلاميين، في محاولة للرد على الانتقادات المتواصلة ضد النظام بشأن انتهاكات حقوقية في السجون. وقال سلطان إن هناك 60 ألف معتقل في مصر من مختلف الأطياف السياسية يواجهون جميعًا ظروفًا غير إنسانية وإهمالًا طبيًّا، وهم مجردون من أبسط حقوقهم اليومية.
Yest Egyptian gov't staged a "public visit" to the notorious Torah prisons in response to @AgnesCallamard's report re medical negligence in prison & Pres. Mursi's death.
In 2014 I recorded the 1st smuggled footage of Torah prisons. The video was published by @Telegraph👇 pic.twitter.com/DII5LWFg1G
— Mohamed Soltan | محمد سلطان (@soltanlife) November 12, 2019
اختطاف أقارب كنانة وزوبع
إلى ذلك، أعلن المدون تامر جمال، الشهير بعطوة كنانة، عن اقتحام قوات ملثمة من جهاز الأمن الوطني بوزارة الداخلية منزل عائلته، وعائلة زوجته، أمس الثلاثاء، واختطاف أفراد من العائلتين، واقتيادهم إلى جهة غير معلومة، وذلك قبل انتهاء مهلة #مبادرة_الجوكر لحل أزمة سد النهضة الإثيوبي بنحو 28 ساعة.
ودشن مغردون مصريون وسم #ثورتنا_سلمية_خشنة، لدعم خطة “جوكر الثورة المصري” التي دعا إليها جمال، وتستهدف تكوين “خلايا ثورية” في كل المحافظات المصرية، إذ تصدر الوسم قائمة الأكثر تداولا في مصر، وتحول إلى منصة للتدوين عن رؤى “الثورة القادمة وحيثياتها”، قبل ما يقرب من شهرين من ذكرى ثورة 25 يناير. وأخيرا ظهر جمال مبتكرا شخصية “الجوكر المصري”، والتي تهدف إلى تكوين خلايا مستقلة ومكونة من سبعة أفراد فقط، ولا ترتبط بأي نوع من التواصل مع الخلايا الأخرى، بل تحصر تواصلها معه، عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي الفكرة التي لاقت قبولا كبيرا لدى رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
ومنذ يومين، أعلن الصحفي حذيفة حمزة زوبع، عبر حسابه الخاص على موقع “فيسبوك”، أن عمه علاء زوبع، مختفٍ قسريا منذ 19 سبتمبر الماضي، مشيرا إلى أن الأسرة لا تعرف أي معلومة عن مكان احتجازه، أو حالته الصحية، وأن الأسرة والمحامي غير قادرين على الوصول إليه.
وكانت سلطات الانقلاب قد اعتقلت من قبل “حازم غنيم” شقيق الناشط وائل غنيم، والطبيب “عمرو أبو خليل” شقيق مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان هيثم أبو خليل، و”مصطفى ماهر” شقيق الناشط السياسي ومؤسس حركة 6 إبريل أحمد ماهر، ولا تزال تعتقل “علا القرضاوي” دون تهمة سوى أنها ابنة العالم الجليل الدكتور يوسف القرضاوي، وكذلك “عائشة الشاطر” للتنكيل بوالدها المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام للإخوان المسلمين.
وقبل يومين، أصدرت المقررة الخاصة المعنية بحالات الإعدام التعسفي، آنييس كالامار، بيانًا قالت فيه “إن نظام السجون في مصر قد يكون أدى مباشرة إلى وفاة الرئيس محمد مرسي، وإن الآلاف من المحتجزين ربما يعانون من انتهاكات جسيمة، وقد يتعرضون لخطر الموت”.
وأمهلت “كالامار” حكومة الانقلاب ستين يوما للإجابة عن الأسئلة المتعددة التي طرحها خبراء أمميون مستقلون، مشددة على ضرورة إجراء تحقيق مستقل بشأن وفاة مرسي بعيدا عن السلطات، لأن التحقيقات التي أجرتها بعد الوفاة غير كافية، ولم تتوافر فيها صفة الحيادية.
وصوّت نواب البرلمان الأوروبي، نهاية الشهر الماضي، على قرار بإدانة سلطات الانقلاب فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان، ونددوا بمقتل ثلاثة آلاف شخص من دون محاكمات حقيقية، بينهم أطفال ونساء، منذ بدء حكم الطاغية عبد الفتاح السيسي.
وكانت مجموعة “العمل المصرية من أجل حقوق الإنسان” المكونة من 11 منظمة حقوقية، أرسلت تقريرا لمجلس حقوق الإنسان الأممي حول الانتهاكات الخطيرة للسلطات خلال الخمس سنوات الماضية. وحسب ما وثقه التقرير، فإن الأوضاع الحقوقية باتت أسوأ كثيرا عما كانت عليه عندما تعهدت القاهرة باحترام حقوق الإنسان أمام المجلس في جلسة الاستعراض الدوري عام 2014.