أكدت الولايات المتحدة تطلعها إلى حل سياسي في ليبيا، وانتقدت ما سمّتها التحركات الروسية المزعزعة للاستقرار هناك.
ونشرت صورا لمقاتلات روسية قالت إنها حطت في قاعدة الجفرة الليبية، إلا أن موسكو نفت إرسال عسكريين روس إلى ليبيا، ودعت أيضا إلى تسوية الأزمة بالسبل السلمية.
لماذا تصاعد في هذا التوقيت اهتمام واشنطن بالأزمة الليبية وقلقها من الدعم الروسي لحفتر؟ وما إمكانية التحرك تجاه تسوية سياسية في هذا البلد في ضوء المتغيرات الميدانية وفي ضوء تأكيد كل الأطراف المعنية رغبتها في إنهاء الصراع؟
قال قائد القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا، الجنرال ستيفن تاوسن، إن روسيا تسعى إلى قلب الميزان لصالحها في ليبيا كما فعلت في سوريا .
وأضاف الجنرال الأمريكي أن العالم سمع إعلان حفتر عن قرب حملة جوية جديدة، وهو ما قد يعني أن المرتزقة الروس سيستخدمون الطائرات التي وفرتها موسكو لقصف الليبيين.
من جهته قال قائد القوات الأمريكية الجوية في أوروبا، الجنرال جاف ريجين، إن روسيا إذا استولت على قاعدة عسكرية في الساحل الليبي، فإن الخطوة المنطقية المقبلة ستكون نشر قدرات دائمة بعيدة المدى، مشيرا إلى أنه إذا تحقق ذلك فسيخلق مخاوف أمنية حقيقية للغاية على الجانب الجنوبي من القارة الأوروبية .
وقد أكدت القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا أن طيارِين من الروس حلقوا بمقاتلات ميج وتزودوا بالوقود قرب طبرق، قبل أن يتمركزوا في قاعدة الجفرة الجوية، وقدر المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية عدد المقاتلات التي نشرتها روسيا في ليبيا بـ14 طائرة .
تضليل المجتمع الدولي
من جانبها قالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، إن الأنشطة الروسية المزعزعة للاستقرار في ليبيا واضحة للعيان. وأشارت- في بيان لها- إلى أن المجتمع الدولي والشعب الليبي لن يصدقا ادعاء موسكو بأن مرتزقتها لا علاقة لهم بأجندتها في ليبيا .
وأضافت الخارجية الأمريكية أن روسيا لا تزود قوات حفتر بالأسلحة المتطورة فحسب، بل وتسعى لإخفاء تدخلها في ليبيا، مضيفة أن نشر موسكو لطائرات مقاتلة في ليبيا بعد إعادة طلائها لن يطمس الحقيقة.
من جهة أخرى قالت الخارجية الأمريكية، إن الولايات المتحدة ستعمل مع حكومة الوفاق الوطني الليبية، ومع جميع الأطراف المستعدة للتفاوض للتوصل إلى حل سياسي في ليبيا.
حوار ليبي بناء
في المقابل اتهم رئيس لجنة العلاقات الدولية في مجلس الاتحاد الروسي، الولايات المتحدة بمحاولة تقويض الجهود الروسية الرامية إلى تسوية الوضع في ليبيا، ونفى "جروف" أن تكون بلاده أرسلت عسكريين إلى ليبيا، وأكد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف من جانبه ضرورة إطلاق حوار ليبي بناء في أسرع وقت بمشاركة جميع القوى السياسية الفاعلة لوقف التصعيد العسكري.
وفي مكالمة هاتفية مع رئيس مجلس النواب الليبي في طبرق، عقيلة صالح، أكد لافروف أنه لا يوجد أي أفق لتسوية الوضع في ليبيا عن طريق القوة، معربا عن دعم بلاده لمبادرة عقيلة صالح التي تنص على الوقف الفوري للأعمال القتالية وعلى تفعيل الحوار الليبي الليبي.
وأشارت الخارجية الروسية إلى أن المكالمة تطرقت كذلك للجوانب الدولية المتعلقة بتسوية الأزمة الليبية، بما في ذلك آفاق تنفيذ نتائج مؤتمر برلين .
التدخل في ليبيا
وقال المحلل السياسي الليبي أحمد الروياتي: إن روسيا أول من فتح الباب للتدخل في ليبيا، عندما أرسلت تلك البارجة الحربية المعروفة على السواحل الشرقية للبلاد، والتي وقع على متنها حفتر وأعضاء من مجلس الدومة اتفاقيات خاصة.
وأضاف، في مداخلة هاتفية للجزيرة، أنه عقب ذلك بدأت عناصر "فاغنر" المسلحة بالتوافد لدعم قواته على الأرض، في حين أن تركيا جاءت إلى ليبيا بناء على اتفاقية موقعة مع السلطات الرسمية بعد أكثر من 9 أشهر على المعركة.
وشدد على أن موسكو لم تدخل إلى ليبيا بكل قوتها؛ ليس لأنها "كما تدعي" تهدف للمحافظة على التوازن، بل لكون البلاد لا تتبع "مناطق نفوذها" ولتخوفها من ردة فعل حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وهو ما يفسر ردة الفعل الأمريكية الأخيرة التي شددت لهجتها ضد "التغلغل الروسي السلس".