برلمان المحاصصة الأمنية.. تهميش المواطنين وانتعاش الرشاوى والفساد

- ‎فيتقارير

بعد استبعاد الشعب من المعادلة نهائيا، واقتصار حسم مستقبل مصر السياسي والبرلماني والتشريعي في مكاتب الأمن الوطني والمخابرات، باتت كل مؤسسات مصر في يد حفنة من الضباط الذين لا يهمهم الشعب في شيء، حيث ينحصر دورهم في تأميم أصوات المصريين نحو حماية النظام العسكري القائم.

المحاصصة السياسية

وباتت المحاصصة هي لغة السيسي ونظامه في تشكيلات المؤسسات السياسية بمصر.. وهو ما بدا واضحا خلال تشكيل مجلس شيوخ العسكر، وهو ما يتكرر الآن في هزلية مجلس نواب العسكر، وصار تشكيل المجلس رهنا برغبة المؤسسات الأمنية وفق مخاصصة سياسية تقضي بتخصيص 35% منه للأمن الوطني و35% للمخابرات العامة، و30% للرقابة الإدارية وانتصار السيسي.. وهو ما يعني أن الشعب لم يعد في حسبان السيسي ونظامه على الإطلاق، وهو ما يؤشر لسنوات عجاف أخرى، يشرع فيها البرلمان لخدمة النظام، وليس تحقيق مصالح الشعب، من عينة تقنين الضرائب والرسوم الجديدة وفرض سياسات توحش راسمالي يأكل مدخرات المصريين وأقواتهم، كما جرى في برلمان علي عبد العال.. فساد ورشى مالية. وأمام تلك الحالة الاستبدادية يترعرع الفساد والرشاوي مقابل الاختيار الأمني للمرشحين. 

وفي هذا السياق، كشف سياسيون ومراقبون للانتخابات التشريعية المقبلة، عن عمليات فساد مالي كبيرة ورشى انتخابية بملايين الجنيهات داخل ائتلاف "القائمة الوطنية من أجل مصر" المقربة من نظام السيسي. السفير الأسبق محمد مرسي، تحدث عن دفع المرشحين لمجلس النواب مبالغ مالية كبيرة حتى يتم ضمهم للمرشحين فيما يسمى "القائمة الوطنية" التي يقودها حزب "مستقبل وطن" ومعه بعض الأحزاب الصغيرة تمثيلا بالقائمة.

تسعيرة العضوية

وقال مرسي، عبر صفحته بـ"فيسبوك": "ما زلت أشعر بالدهشة وعدم التصديق بعد ما علمت أن بورصة الانضمام للقوائم الحزبية الكبيرة أو الترشيح لتمثيل حزب كبير للمنافسة على المقاعد الفردية، قد تجاوزت 6 ملايين جنيه يدفعها المرشح الراغب في عضوية المجلس الموقر". فيما أكد مراقبون أن دفع تلك المبالغ يأتي تحت سمع وبصر السلطات الأمنية والرقابية بحجة أنها تبرعات للحزب وللدولة، وصولا لقائمة الأحزاب التي تضم 12 حزبا بجانب "تنسيقية شباب الأحزاب"، وهي: "مستقبل وطن، والوفد، والشعب الجمهوري، والعدل، والحرية المصري، والتجمع، وإرادة جيل، وحماة الوطن، والمصري الديمقراطي، ومصر الحديثة، والمؤتمر، والإصلاح والتنمية". وحول مدى صحة ذلك الحديث، قال رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام "تكامل مصر" الباحث مصطفى خضري: "نعم، فحسب رصدنا الأمر حقيقي، وهناك تسعيرة محددة للترشح على القائمة التي يقودها (مستقبل وطن) حسب معيارين: الأول، الترتيب في القائمة والثاني، الدائرة الانتخابية نفسها".

وأشار خضري إلي أن الحصول على الترتيب الأول أو الثاني بالقائمة يضمن النجاح، ولذلك كان الحصول على المراكز المتقدمة بالقائمة؛ يستلزم دفع مبلغ أكبر، أما الدوائر الانتخابية نفسها فلها تصنيف يؤخذ في الحسبان عند التقدير، فترتفع التسعيرة في قوائم العاصمة والإسكندرية عن الأقاليم، وفي المحافظات الاقتصادية مثل بورسعيد ودمياط عن المحافظات الزراعية. المواطن يسدد الرشاوى ولعله من جملة الكوارث المجتمعية التي يدفع ثمنها المواطن، أن تلك الأموال والرشى يسددها المواطن لاحقا من جيبه، عبر الفساد وتقليص الخدمات والمحاباة التي تسود علاقة المرشح بالدائرة الانتخابية، من تعطيش للخدمات، وتحصيل أموال وعمولات للنواب ومن ينوب عنهم في المناقصات الحكومية التي يمررها النائب مستقبلا.. كما يتهدد المواطن ضياع حقوقه ونهب أمواله وتعطيشه من الحدمات في مجالات الصحة والتعليم والاقتصاد.