بشهادة “التواصل”.. لماذا صارت شارة رابعة الأشهر في التاريخ؟

- ‎فيتقارير

كتب- سيد توكل:

 

اخترقت شارة "رابعة" الحدود الجغرافية، وغزت أعماق البحار، وارتفعت في صحن الكعبة المشرفة بمكة المكرمة، وفي محيط المسجد الأقصى بالقدس الشريف، وباتت تطبع على الملابس والحقائب وتعلق فوق الصدور، ولَوَّح بها العرسان في أفراحهم، واللاعبون في ملاعبهم. 

 

كما انتشر شعار "رابعة" في معظم بلاد العالم وعلى رأسها تركيا بطرق مختلفة، لعل أغربها هو إقدام آلاف الشباب على عمل قصات شَعر تحمل شعار "رابعة"، فأضحت إحدى آخر صيحات قصات الشعر بتركيا، ليصبح الشعار المستوحى من اسم ميدان "رابعة العدوية" في مصر، رمزا للصمود في كل بقاع العالم.

 

وصارت "رابعة" رمز للحرية، ومخاض لولادة حركة حرية وعدالة جديدة، وانهارت أمام أعتابها القيم الغربية الزائفة، وأصبحت رمز لبطولة الأحرار الذين ضحوا بحياتهم، في وجه الاستكبار والظلم والمجازر التي يمارسها الغرب والشرق ضد الإسلام والمسلمين.

 

شعار أردوغان

 

رفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان شعار "رابعة" في مسيرة تضامنية مع أحرار الثورة في مصر، وتبعه مشاهير العالم الذين رفعوا الشعار في ميادين الفن والإعلام وكرة القدم والسياسة وغيرها، في فعل تضامني عالمي. 

 

وعلى نفس النهج التضامني سارت الناشطة اليمنية، "توكل كرمان"، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، والناشط السياسي الفلسطيني البريطاني "عزام التميمي" مدير معهد الفكر الإسلامي بلندن.

 

و كان شعار "رابعة" حاضرا حتى بمدرجات الجماهير الرياضية، حيث فاجأ اللاعب التركي "آمره بل اوزاوغلو" لاعب نادي "فناربخشه"  الجماهير برفعه شارة "رابعة"، وكذلك فعل اللاعب المالي "عمر كانوتيه" الذي وضع صورة له على تويتر وهو يلوح بشعار "رابعة"، وغيرهم كثير.

 

رمزًا للحرية والصمود

 

لقد أصبح شعار "رابعة" بالأصابع الأربعة رمزا عالمياً للصمود، وأحد العلامات الأساسية الوثيقة الصلة في كل الاحتجاجات التي ينظمها معارضو الانقلاب العسكري في كل أنحاء العالم. 

 

وتحول إلى كابوس يزعج عصابة الانقلاب وزعيمهم السفيه عبد الفتاح السيسي ويسبب لهم قلقا كبيرا، لأنه يذكرهم بما اقترفوه من جرائم ضد الإنسانية، وباتوا يعتقلون النساء بجريمة لا يقرها أي نص، لمجرد أنهن يحملن شارات "رابعة" أو يعلقنها على سياراتهن، واعتقال ناشطين آخرين واتهامهم بحيازة شارة "رابعة العدوية" وأعلام مكتوب عليها "رابعة" رمز الصمود. 

 

وفي دولة يحكمها الانقلاب، اللعب ببالونة صفراء عقوبته تتراوح من السجن 5 سنوات إلى الأشغال الشاقة المؤبدة، ومثلها رفع اليد بأربعة أصابع فهي تتراوح من السجن 5 سنوات إلى الأشغال الشاقة المؤبدة وربما إلى الأبد، وحَمْلُ مسطرة "رابعة"، أو دبوس "رابعة"، أو ارتداء تي شيرت أصفر، الحد الأدنى لعقابه 5 سنوات. 

 

وأظهرت مشاهد فيديو تدخل قوات الانقلاب لاعتقال طالبة من الفصل الدراسي رفعت علامة "رابعة"، ردا على قيام الانقلاب باستبدال النشيد الوطني المصري بأغنية "تسلم الأيادي"، و قرار مجلس إدارة أحد النوادي الرياضية بمعاقبة لاعب كرة قدم، بخصم ألف جنيه من راتبه بسبب رفع يده بشارة "رابعة العدوية" وإحالته على التحقيق.

 

ابتكارات ثورية

 

وقامت حركة "شباب ضد الانقلاب" في وقت سابق بإلقاء كميات كبيرة من الفوم المصنوع على شكل "رابعة" في المجرى الملاحي لقناة السويس، حيث طافت على سطح المياه ليراها كل من يعبر المجرى الملاحي. وقد أصاب هذا الابتكار قوى الانقلاب بالحيرة والتخبط فسارعوا بتسيير حملات أمنية على معديات بور فؤاد. 

 

ومع مرور الوقت أصبح شعار "رابعة" لعنة تطارد كذلك كل مفوضي القاتل، خاصة من المشاهير، اللذين يفاخرون بتأييدهم للسيسي، حيث أصيب عدد من الفنانين المصريين المؤيدين للانقلاب العسكري في مصر بذهول كبير أثناء توجههم لمهرجانات عالمية، بعد اعتراضهم من قبل مجاميع من رافضي الانقلاب العسكري، رافعين في وجوههم علامة "رابعة"، ومرددين شعارات مناهضة للانقلاب العسكري.

 

مظلمة إنسانية

 

ولقي شعار "رابعة" إقبالا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انتشرت صورة لشعار يتضمن إشارة "رابعة" بأربعة أصابع، وضعها العديد من مستخدمي "الفيسبوك"، بدلا من صورتهم الشخصية على صفحاتهم الخاصة، وهو الأمر الذي جعل اللون الأصفر يكتسح صفحات "الفيسبوك" بشكل غير مسبوق. 

 

وصار الشعار أيقونة يرفعها علماء ودعاة وأكاديميون، يتزايد عددهم يوما بعد يوم، عبر حساباتهم الرسمية على موقع  التواصل الاجتماعي " تويتر "، حتى أن إحصائية ذكرت أن أكثر من 150 مليون شخص رفعوا هذا الشعار عبر حساباتهم الشخصية في الأيام الأولى.

 

وأصبحت "رابعة" ملحمة عالمية ومظلمة إنسانية تاريخية، اتخذ العالم أبطالها قدوة للأحرار في مختلف أنحاء العالم، حتى صارت تعني الابن الذي فقد أباه، والأم التي تبكي ابنها، والزوجة التي تَرمّلت، والأطفال الذين يُتِّموا، وعقارب الزمن التي توقفت ليوم كامل، حتى مرّت مجزرة في حق متظاهرين سلميين خرجوا دفاعا عن الشرعية ضد من سلبهم صوتهم الانتخابي، ولم يكن أحد منهم يتصور أن أرواحهم ستلحق بصوتهم المسلوب.