بعد اعتقال أسرهم ونهب ممتلكاتهم.. رافضون لـ”السيسي” يطالبون برحيله

- ‎فيتقارير

انتهاكات نظام العسكر وجرائمه بحق المصريين عموما وبحق المعارضين على وجه الخصوص لا تتوقف، من تعذيب واعتقالات وإخفاء قسري إلى قمع وكبت وتجريم التظاهر وخنق الحريات، ومع ذلك لن تؤثر هذه الانتهاكات فى الرافضين لقائد الانقلاب الدموي عبد الفتاح السيسي ومطالبته بالرحيل.

ومن أقبح جرائم العسكر اعتقال أسر وأقارب رافضي الانقلاب ومعارضي الانقلاب فى الخارج، حيث توجه ميلشيات الانقلاب من وقت لآخر حملات مداهمة لمنازل أسر وعائلات المعارضين فى الخارج، وتلقى القبض على الأبرياء الذين لم يرتكبوا أي جرم، وربما لا علاقة للكثيرين منهم بالسياسة، وكل ذنبهم أن أقاربهم يرفضون الانقلاب الدموى وجرائم العسكر بقيادة عبد الفتاح السيسي.

تأتى هذه الخطوة فى إطار الحرب الشرسة التى يشنها نظام السيسي على كل من يعارضه أو يوجه له أية انتقادات، وقد سبقتها خطوات لا تقل عنها قبحًا، منها إقرار قانون يسمح لحكومة العسكر بسحب الجنسية من أي شخص إذا لفقت له اتهامات “مطاطة”، مثل الانتماء إلى جماعة تهدف إلى المساس بالنظام العام للدولة أو تقويض النظام الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي للبلاد، وهو موجه بالأساس للمعارضين فى الخارج، والذين اضطر بعضهم للحصول على جنسيات بلاد أخرى بما يسمح بتسيير شئون حياتهم.

كما تقدم إيهاب غطاطي، أحد نواب برلمان العسكر، بمشروع قانون يستهدف آلاف المعارضين المقيمين في الخارج، ويهددهم بعقوبات قاسية تصل إلى السجن المؤبد؛ بزعم تحريضهم على الدولة المصرية.

وزعم أن هذا القانون سوف يحقق الردع المطلوب، من خلال محاصرة القنوات الموالية لجماعة الإخوان، التي تسعى لزعزعة الاستقرار في مصر.

كما زعم مقدم القانون، في تصريحات صحفية، ضرورة تغليظ العقوبات المقررة على جريمة التحريض ضد الدولة المصرية من الخارج، لتصبح السجن المؤبد، وغرامة مالية قدرها مليون جنيه، لافتا إلى أن قانون العقوبات الحالي يقضي بغرامة لا تزيد على 500 جنيه، أو السجن ستة أشهر، ولا تزيد على 5 سنوات، لكل مصري أذاع عمدا في الخارج أخبارا أو بيانات أو شائعات كاذبة أو مغرضة حول الأوضاع الداخلية للبلاد، وكان من شأن ذلك إضعاف الثقة المالية بالدولة أو هيبتها واعتبارها، أو باشر بأي طريقة كانت نشاطًا من شأنه الإضرار بالمصالح القومية للبلاد.

كانت مليشيات الانقلاب قد كثّفت، خلال الأشهر الأخيرة، حملات اعتقال أسر وذوي المعارضين الموجودين في الخارج، كنوع من الضغط عليهم، لدفعهم للعودة إلى البلاد أو إسكاتهم عن انتقاد نظام عبدالفتاح السيسي .

عقاب جماعي

من جانبها، انتقدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” شن سلطات العسكر حملات اعتقال ومداهمات منزلية واستجوابات وحظر سفر، ضد العشرات من أقارب المعارضين المقيمين في الخارج.

واعتبرت المنظمة، في تقرير لها، أن ذلك يأتي انتقاما على ما يبدو من نشاطهم المعارض في الخارج، مضيفة: “الرسالة التي تريد سلطات العسكر إرسالها واضحة: لا تنتقد ولا تعارض ولا تتكلم، حتى لو كنت تعيش في الخارج، يمكننا أن نؤذي أحبتك”.

ووثقت “هيومن رايتس”، عبر تقريرها، 28 حالة لصحفيين وإعلاميين وناشطين سياسيين ونشطاء حقوقيين انتقدوا حكومة الانقلاب ويعيشون حاليا في الخارج .

وأكدت أنه في كل حالة، قامت سلطات العسكر بمضايقة أو تهديد فرد أو أكثر من أفراد أسرهم في مصر، وفي بعض الحالات تعرض أفراد الأسرة لعقوبات خارج نطاق القضاء، انتقامًا على ما يبدو من نشاط أقاربهم .

وأكَّدت أنَّ قوات أمن الانقلاب داهمت منازل أقارب 14 معارضا، ونهبت ممتلكات أو أتلفتها في 5 منها، مشيرة إلى أنه خلال تلك الحملات، لم تظهر قوات أمن الانقلاب أي مذكرات اعتقال أو تفتيش في أي من الحالات الواردة في تقريرها.

وأشارت إلى أنَّ سلطات العسكر منعت سفر 20 من أقارب 8 معارضين أو صادرت جوازات سفرهم، واحتجزت 20 من أقارب 11 معارضا أو حاكمتهم، موضحة أنه في 13 حالة أخرى اتهمت السلطات الأقارب أنفسهم أو أدانتهم، بما في ذلك حالة لطفل اتهم بالانضمام إلى الجماعات الإرهابية ونشر أخبار كاذبة.

سياسة القمع

وأكد المحامي والناشط الحقوقي إسلام مصطفى، أن مصر تعيش الآن أسوأ مراحلها التاريخية على الإطلاق؛ بسبب سياسة القمع التي يتبعها النظام ضد معارضيه.

وقال إن النظام يقضي بهذه الطريقة على كل صور الحياة الطبيعية في البلاد، وينتهك أبسط قواعد حقوق الإنسان، وأصبح أي مواطن يتجرأ على معارضة النظام مهددًا إما بالسجن أو بسحب الجنسية منه .

وأشار مصطفى إلى أن نظام العسكر دفع بعض الأشخاص إلى أن يعيشوا بدون جنسية ليطلق عليهم “البدون”، وهي فئات موجودة في بعض الدول الخليجية، وبعضهم يعيش في سيناء وحلايب وشلاتين والحدود الغربية .

وأضاف أن هذه الفئات تعامل داخل البلاد معاملة غير المصريين، ولن يحصلوا على أي خدمات يحصل عليها المواطنون مثل التعليم أو الصحة أو العمل، كما يمكن للسلطات أن ترفض إقامتهم في مصر وتطردهم خارج البلاد  .

وقال مصطفى، في تصريحات صحفية، إن القوانين التى يصدرها السيسي وبرلمانه ليس لها أي مبرر؛ لأن هناك عدة مواد في قانون العقوبات تنظم هذه المسائل، وتعاقب المتهمين بالتخابر مع دول أجنبية ضد مصر، سواء كانوا مصريين أو أجانب مقيمين في البلاد أو خارجها، مشيرا إلى أن نظام السيسي لجأ لإدخال تعديل لبعض المواد، بحيث تكون عقوبة التخابر هي المؤبد بدلا من السجن لخمس سنوات.

ووصف إجراءات مجلس نواب العسكر ضد المعارضين في الفترة الأخيرة بأنها استمرار لحملة القمع والتنكيل، مؤكدا أن الهدف من هذا كله هو تجريف الحياة السياسية، وتهديد كل من يفكر في معارضة النظام. وأكد مصطفى أن النظام يثبت للعالم أنه مستمر في ممارسة الانتهاكات وإهدار حقوق الإنسان، سواء من الداخل أو الخارج، مشددا على أن هذه المحاولات لإخراس الأصوات التي تنتقد النظام لن تفلح .

تلفيق الاتهامات

من جانبه، قال الدكتور عبد الخبير عطية، أستاذ العلوم السياسية، إن مصر تعيش حالة من القمع منذ 6 سنوات، مشيرا إلى أنه أصبح من السهل تلفيق الاتهامات ضد أي شخص يعارض النظام، ومنها اتهامه بالتخابر مع دول أجنبية. وانتقد القوانين التى يصدرها مجلس نواب العسكر والتى تهدف لشرعنة القتل والاعتقال والديكتاتورية، مشيرا إلى أن هذه القوانين تتواكب مع حالة القمع التي تواجه بها السلطات كل الأنشطة السياسية.

وأشار عطية، في تصريحات صحفية، إلى أن أعضاء برلمان العسكر لا يخطون أي خطوة ولا يقترحون أي قانون من تلقاء أنفسهم، مؤكدا أنهم ينفذون توجيهات تأتي إليهم من أجهزة أمن الانقلاب. وأوضح أن القوانين تطلبها الأجهزة الأمنية فى الفترة الأخيرة، تهدف إلى خدمتها في التحقيقات ضد أي شخص يعارض النظام ويسهل اتهامه بالتخابر مع دول أجنبية.

وأكد أن مجلس نواب الدم يضم عددا كبيرا من النواب غير المتمرسين في العمل السياسي، وليس لديهم الخبرة الكافية في تشريع القوانين، وكثير منهم يمارس العمل النيابي لأول مرة، لكن الغالبية العظمى من النواب يشتركون في صفة واحدة، وهي الولاء لأجهزة أمن الانقلاب وبالتالى لن يعارضوا أية قوانين يريدها نظام العسكر لتبرير أو شرعنة جرائمه .