بعد اعتقال “منير”.. غضب بين الصحفيين احتجاجًا على مخطط العسكر لتجريف المهنة

- ‎فيتقارير

أشعل اعتقال مليشيات الانقلاب للصحفي، محمد منير، موجة غضب بين الصحفيين؛ احتجاجًا على الاعتقالات المتواصلة والاتهامات المفبركة التي توجّه لزملائهم.

وقال الصحفيون، إن الاعتقالات ورقة محروقة ولن تخيفنا، ولن تجعلنا نرضخ لنظام الانقلاب الفاشل بقيادة عبد الفتاح السيسي.

وأكدوا أن إسكات الجميع وإشاعة الخوف هو هدف سلطات الانقلاب، ورسالتها ليس إلى الجماعة الصحفية فقط، بل إلى كل من تسول له نفسه أن يجاهر برأي أو موقف مخالف في هذا البلد.

كانت نيابة أمن الدولة قد قررت حبس محمد منير 15 يومًا على ذمة التحقيقات، في القضية 535 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا.

ولفقت النيابة لـ”منير” اتهامات بـ”مشاركة جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام موقع التواصل الاجتماعي، بحسب مزاعمها”.

من جانبها أدانت منظمة “مراسلون بلا حدود” اعتقال محمد منير، وقالت المنظمة في تدوينة على صفحتها على فيسبوك: “تدين مراسلون بلا حدود اعتقال الصحفي المصري محمد منير على خلفية مداخلته في إحدى نشرات الجزيرة، وطالبت بالإفراج عنه فورا دون قيد أو شرط”.

وقال المرصد العربي لحرية الإعلام، إنه تلقى بلاغا حول قيام قوة من شرطة الانقلاب باختطاف الصحفي محمد منير (65 عاما) في الساعة الثالثة فجر الاثنين من مسكنه الخاص في مدينة الشيخ زايد بمحافظة الجيزة، لافتا إلى أنه علم أن الشرطة رفضت الكشف لأسرته عن المكان الذي سيتحركون إليه.

ضربة جديدة

وأكد المرصد، في بيان له، أن “هذا الاعتقال للصحفي المعروف محمد منير هو ضربة جديدة لحرية الصحافة، واعتداء فج على حرية التعبير، حيث جرى ذلك كعقاب لمنير على ظهوره في مداخلة تلفزيونية مع قناة الجزيرة مباشر مصر، تحدث فيها بشكل مهني ووطني عن الأزمة بين الكنيسة المصرية ومجلة روز اليوسف؛ بسبب قيام الأخيرة بنشر صورة أحد كهنة الكنيسة على غلاف المجلة ومعه عنوان “الجهل المقدس”.

وأشار إلى أن قانون تنظيم الصحافة والإعلام المعمول به حاليا، ينص في مادته الثامنة على أنه “لا يجوز أن يكون الرأي الذي يصدر عن الصحفي أو الإعلامي، أو أن تكون المعلومات الصحيحة التي تصدر عن الصحفي أو الإعلامي سببا لمساءلته، كما لا يجوز إجباره على إفشاء مصادر معلوماته”، مؤكدا أن عملية القبض جرت قبل أن تخطر سلطات الانقلاب نقابة الصحفيين.

وكشف المرصد عن أنه قبل القبض على منير، قامت قوات من الشرطة السرية في البداية، ثم قوات مكافحة الشغب، باقتحام مسكنه مرتين للقبض عليه، بينما لم يكن هو موجودا داخله لحظة الاقتحام، وبدت قوات الشرطة مدججة بالسلاح في مظهر يشي بأنها تتعامل مع الصحفيين، كما تتعامل مع الإرهابيين.

وأشار إلى أن الصحفي محمد منير بث فيديو لعمليات المداهمة صورته كاميرات المراقبة في المنزل، وأظهر عددا كبيرا من رجال الشرطة المدججين بالسلاح، وأدوات حادة أخرى، كما نشر منير تعليقا صوتيا آخر له قبيل اعتقاله مباشرة، يؤكد فيه أن كتابته مقالات صحفية في موقع الجزيرة هو عمل مهني يتقاضى عليه أجرا مثل أي صحفي محترف، وأنه لا يعد مخالفا للقانون، كما أن ظهوره على قناة الجزيرة لا يعد مخالفا للقانون”.

وطالب المرصد نقابة الصحفيين بالتحرك للدفاع عن محمد منير، حيث إنه عضو قديم بالنقابة، وهو من أنشط الصحفيين، وشارك في كل المعارك النقابية دفاعا عن حرية الصحافة واستقلالها، كما دافع عن نقابة الصحفيين، وقبل كل ذلك فإن قانون نقابة الصحفيين يلزمها بالدفاع عن أعضائها، خاصة إذا كان ما يتعرضون له من انتهاك تم بسبب عملهم المهني وحقهم في التعبير عن الرأي.

كما طالب سلطات أمن الانقلاب بإخلاء سبيل منير على وجه السرعة، مؤكدا أنه لم يرتكب جريمة يعاقب عليها القانون، كما أنه يعاني من أمراض عديدة خاصة وأنه تجاوز الخامسة والستين من عمره.

اتهامات مضروبة

واستنكر محمد سعد عبد الحفيظ، عضو مجلس نقابة الصحفيين، واقعة اعتقال منير، معتبرًا أنها إشاعة خوف.

وقال عبد الحفيظ، فى تصريحات صحفية، إن منير لم يدع يوما إلى عنف ولا يملك سوى الكلمة لمقاومة كل مظاهر القبح والاستبداد التي تحيط بنا، فضلا عن أنه مصاب بالعديد من الأمراض، وباعتقاله يصل عدد المحبوسين من الصحفيين أعضاء النقابة إلى نحو 16 زميلا، ومثلهم تقريبا من غير النقابيين.

وأضاف: “آخر زميل تم اعتقاله قبل منير، كان الزميل عوني نافع الناقد الرياضي، ليس له علاقة بالسياسة من قريب أو بعيد، وكان داعما للسلطة الحاكمة على طول الخط، وكل كتاباته ومشاركاته التلفزيونية تؤكد ذلك”.

وأشار عبد الحفيظ إلى أن نافع عاد من السعودية إلى مقر الحجر الصحي بإحدى المدن الجامعية، وانتقد على استحياء طريقة معاملة وزارة الهجرة للعالقين العائدين من الخارج، وختم حديثه بتوجيه الشكر لقائد الانقلاب، فتوجهت قوات الأمن إلى مقر الحجر الصحي في المدينة الجامعية وألقت القبض عليه، وأحيل للنيابة بالتهم المعتادة، نشر أخبار كاذبة، وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، ومشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أهدافها، وتم حبسه 15 يومًا ويجدد له منذ الأسبوع الأخير من شهر رمضان.

ولفت إلى أنه قبل “عوني” تم القبض على الزميل مصطفى صقر، رئيس التحرير السابق لجريدة البورصة، ومن بعده الزميل سامح حنين، ووجهت لهما ذات الاتهامات المضروبة، ويجدد حبسهما بانتظام.

وأكد عبد الحفيظ أن قائمة المعتقلين من أصحاب القلم طويلة، ولكل منهم حكاية (توجع القلب)، فمن ترك أسرة بلا عائل ومن مات أقرب الناس إليه وهو خلف الأسوار.

وأوضح أن سلطات الانقلاب تعلم أن كل أصحاب الرأي المقبوض عليهم، ليس لهم أي صلة بأعمال عنف أو التحريض عليه، ومنهم من يمارس حقه في النقد ومنهم من لا يكتب في حياته كلمة نقد لأي سلطة.

تأخر نقابي

وحول موقف نقابة الصحفيين من هذه الاعتقالات، قال قطب العربي الأمين العام المساعد السابق للمجلس الأعلى للصحافة: إن النقابة تأخرت كثيرا في التحرك لمنع القبض على منير، رغم أن الصحفي أبلغ النقيب، مؤكدا أن النقيب الحالي متماه مع النظام القائم، ويعتبر كل ما يفعله منير جريمة، سواء تعامله مع قناة الجزيرة أو الكتابة لموقعها.

وأوضح العربي، في تصريحات صحفية، أن ما جرى مع منير وغيره مخالف للقانون، لافتا إلى أن المادة الثامنة من الدستور الحالي تمنع مساءلة الصحفي عن آرائه، وهو ما فعله منير عندما تناول قضية الكنيسة مع مجلة روز اليوسف، ولم يتجاوز أو يهاجم أحدًا.

واتهم النقيب ومجلس نقابة الصحفيين بالتواطؤ ضد منير وزملائه المحبوسين، كون النقيب ومجلسه جزءا من النظام، لافتا إلى أن أعضاء الجمعية العمومية يرفضون ما يجري من قمع، ولكن رد الفعل لن يرقي إلى تحرك جماعي، لأن هذا أمر محفوف بالمخاطر.