بعد البراءة.. علامات صدام وشيك بين عصابة مبارك والسيسي

- ‎فيأخبار

كتب- سيد توكل:

كشف حوار أجرته صحفية مصرية مغمورة، مع المخلوع حسني مبارك، أنه يعتبر نفسه رئيس مصر حاليًّا، وليس رئيس الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، وأنه (مبارك) يتعامل مع نفسه، ومع الآخرين، على أنه كذلك.

 


وردًا على سؤال دينا الحسيني، الصحفية بصحيفة "صوت الأمة"، قال مبارك عن نفسه إن "الرئيس عنده مواعيد، ومش فاضي لكم"، يقصد نفسه، وليس رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي.


وجاء الحوار بمناسبة الحكم النهائي الذي أصدرته محكمة النقض المصرية، الخميس الماضي، ببراءة المخلوع مبارك، من قتل الثوار في ثورة 25 يناير، الذين يقدر عددهم بألف شهيد على الأقل، بخلاف آلاف الجرحى، والمفقودين.


دولة العسكر لن تدين قائدها


وقال القيادي بتحالف دعم الشرعية ورفض الانقلاب الدكتور عمرو عادل: “إن النظام الحاكم في مصر من (مبارك للسيسي) كتلة واحدة، وهو حكم عسكري لا يهتم بما نسميه قانونا”، مضيفا أن “كل الأحكام المتعلقة بالثورة هي أحكام السلطة صاحبة كل شيء في مصر، ولا ولن تسمح لأحد أن ينازعها السلطة”.


وأضاف عادل: "براءة مبارك ليست فقط جريمة في حق مصر والدم المصري المنتهك؛ ولكنها تؤكد أن العسكر هم أصحاب السلطة ومبارك في القلب منهم وبالتالي فلا يجب إدانته، أما الرئيس المنتخب فهو يحاكم لأنه رمز لاختيار الشعب المعاكس لإرادتهم”.


وأكد عادل أن “كل من يتحدث باسم الثورة أو يحاول كسر قاعدة سيطرة العسكر ستحاكمه السلطة بعباءة قانونية، سواء سميت القضية (250) أو غيرها، فالهدف النهائي هو إخضاع الجميع للحقيقة التي يريدون تثبيتها في العقل الجمعي؛ أنهم وهم فقط من يحق لهم أن يحكموا وكل من يعارض فمصيره قضية كهذه”.


وتابع عادل: “إن كانت الثورة المضادة استطاعت الانتصار في جولة؛ إلا أن معركة الثورة المصرية لم تنته بعد”، مشيرا لوجود “كتلة صلبة مستمرة في الرفض، تتزايد مع وصول الأمور بالبلاد لوضع أشبه بالجحيم، مؤكدا أن “مقدمات الثورة لا زالت موجودة وأنها ستكون مغايرة تماما لما حدث قبل انقلاب 2013، وأن أحدا لا يعلم متى ستندلع”.


هل ينافس السيسي؟


وقال خبير قانون، رفض ذكر اسمه لبوابة "الحرية والعدالة"، إن حكم البراءة الذي حصل عليه المخلوع مبارك من سلطات الانقلاب، يعفيه من أي ملاحقات سياسية من الممكن أن تمنعه من السفر للخارج أو حتى الترشح على رئاسة الجمهورية مرة ثانية.


وأشار إلى أن الموقف القانوني له – مع الأسف – سليم، ولا يمكن إيقافه عن الترشح على منصب رئاسة الجمهورية إلا بناءً على رغبته، ولا مانع فعلي له من الترشح في انتخابات الرئاسة القادمة في 2018، متوقعًا أن تمنعه الظروف الصحية عن ذلك.


وقبل حصول المخلوع على البراءة بأيام قليلة، قضت المحكمة الدستورية العليا السبت الماضي، برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق بعدم قبول دعوى وقف إجراء انتخابات مجلس النواب الشرعي بمراحلها المختلفة، والتي بدأت في 22 أبريل عام 2013.


ولم تجر الانتخابات في موعدها لصدور أحكام من الإدارية العليا بوقفها، وذلك أثناء فترة حكم الرئيس محمد مرسى، وأعقب ذلك انقلاب 30 يونيو 2013.


القرار اعتبره سياسيون مراقبون غير المتوقع وناتجًا عن صراع خفي في مؤسسات العسكر، سينتج عنه تداعيات كبيرة على المشهد الانقلابي، وفق محمد القدوسي الكاتب والمحلل السياسي المصري.


صراع له أبعاده 


وقال القدوسي في تصريحات صحفية، إن هذا القرار جزء من الصراع الداخلي ما بين طبعة الرئيس المخلوع حسني مبارك وطبعة رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، وهذا صراع له أبعاده.

وأضاف "أن هذا القرار أحد الأمارات بوجود الصراع، ومثله الصراع القضائي حول جزيرة صنافير، والصراع العجيب بين السيسي وشيخ الأزهر".


وأوضح القدوسي أن الصراع القائم ما بين محاولة نظام مبارك الذي يحاول العودة للساحة المصرية، وبين نظام السيسي الذي يقاوم من أجل البقاء، مبيناً أن هناك تبادل للضربات بين النظامين، وانقسام في القضاء والجيش حولهما.


وحول تداعيات هذا الصراع على المشهد الانقلابي، توقع أن تشهد الساحة المصرية بعض العنف الميداني، لكن العنف الأكبر سيكون ضمن الصراع المؤسساتي، ومن يستطيع أن يحرز أهدافا أكبر ضد الآخر.


وأشار إلى أن قوى الثورة المصرية وجماعة الإخوان المسلمين لا زالوا ضمن نطاق المتفرجين، "ولا يفوز متفرج، لأن اللاعب هو من يخسر ويفوز"، على حد وصفه.


من جانبه قال السفير معصوم مرزوق، القيادي بالتيار الديمقراطي، إن السيسي ليس له شعبية ولا إرادة، متوقعا أن تشهد الفترة القادمة مفاجآت من الشعب ربما لا يصل معها الأمر لانتخابات رئاسية ثانية إذا استمر نفس نهج القمع والسياسات المتبعة.


وأوضح مزوق، أن الناس "وصلت  لأخرها" بسبب ارتفاع أسعار السلع والخدمات والتضييق عل المجال العام وقمع الحريات، مضيفا أن من يتحدثون عن انتخابات ثانية لا يقرءون الواقع من حولهم والشعور بالغضب لدى تيار شعبي جارف تحت  السطح سيقدم مفاجآت لا يتوقعها أحد.


وتابع: "أتصور أن الفترة القادمة حبلة بالمفاجآت، والذين بدءوا منذ الآن يجهزون للاحتفالات والطبول والزغاريد مبكرا سوف يصدمون بالمفاجآت التي تنتظرهم"، مشيرا إلى وسائل الإعلام بدأت حملة انتخابية مبكرة لرئيس الانقلاب.


وأردف مرزوق، أن كل إمكانيات الدولة توظف حاليا لانتخاب السيسي لفترة ثانية، ولكن هؤلاء لا يدركون أن هناك تيار قوي تحت السطح لا يبدو ظاهرا ولكنه قوي سيلعن عن مفاجأته خلال الفترة القادمة،  وسيجعل أولئك الذين يطبلون تحت عرش أي رئيس إما طمعا في ذهب السلطان أو خوفا من سيفه، يشعرون بخيبة أملهم فيما يخططون .


وأشار إلى أنه لم يكن أحد يتوقع أن مبارك الذي استمر في الحكم 30 عام سيسقط في 18 يوم، مستطردا أن على هؤلاء الذين يخططون لانتخاب السيسي فترة ثانية أن يرجعوا حساباتهم لأن الشعب يجهز لمفاجآت عديدة، "الناس ملوا" من أسلوب الجباية واستنزاف القروش القليلة المتبقية في "جيبوهم".


استغلال السيسي للحكم


واستبعد القدوسي أن يطبق القرار القضائي على الأرض، "لأن القضاء المصري يحتكم وفق سياسات النظام الحالي، وأقصى ما يمكن أين يحدث، هو استغلال السيسي للحكم بحل برلمان الدم الحالي.


من جهته قال محمد القصاص، عضو المكتب السياسي بحزب مصر القوية، إن الساحة السياسية لا تسمح بوجود منافس للسيسي في انتخابات الرئاسة 2018، وذلك حتى الآن لكن قد يكون هناك مرشح قوي العام المقبل، لافتا إلى أن إعلان رئيس الانقلاب ترشحه لفترة ثانية جاء مبكرا دون حاجة تستدعي لذلك .


ورأى القصاص، أن إعلان السيسي الترشح ربما يكون ردا على دعوات بعض القوى السياسية لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة أو طرح البديل السياسي أو تشكيل فريق رئاسي، منوها إلى أن الحكم العسكري يبدو ديمقراطيا من حيث الشكل فقط بإجراء انتخابات ولكنه من غير المتوقع أن يترك الحكم.


وأرجع عدم وجود مرشح قوي أو منافسة حقيقية حتى الآن،  إلى ما وصفه بـ" القتل المتعمد للحياة السياسية وتشويه كل الرموز السياسية وضعف البرلمان"، مضيفا أن انقلاب العسكر عنيف ولن يسمح بوجود أي مرشح أخر أمامه .


من جهته، قال الدكتور أيمن نور مؤسس حزب غد الثورة، إن هذا الحكم يخدم مساراً مغايراً لما اعتادت عليه المحكمة الدستورية من أحكام، ويكشف عن طبيعة الدور الذي تلعبه المحكمة بتأثرها بالشخصيات التي تديرها.


وأوضح نور أن هذا الطعن ليس الأول ولن يكون الأخير في شرعية برلمان الدم الحالي الذي تجرد من كل شرعيته، ليس من ناحية قانونية فحسب، ولكن بفعل ممارساته من أول يوم انعقد فيه، حيث توافق على مئات القوانين ولم ينفذ شيئاً منها.


واتفق نور على أن هناك صراعاً مريراً في دهاليز المؤسسة العسكرية، ويهدد بقاء السيسي الذي فقد الكثير من المؤيدين من أجهزة النظام التي تشعر بخطورته على مستقبل البلاد، ومن المواطنين الذي خدعوا فيه لفترة طويلة.