بعد القبض على رئيس تحرير «مدى مصر».. هذه أوراق السيسي لإرهاب الصحفيين

- ‎فيتقارير
لينا عطا الله

واصل نظام العسكر بقيادة عبد الفتاح السيسي سياسته القمعية ضد الصحافة والصحفيين، وألقت مليشيات الانقلاب القبض على الصحفية “لينا عطا الله”، رئيس تحرير موقع “مدى مصر”، دون رد فعل من نقابة الصحفيين ونقيبها الموالي لنظام الانقلاب ضياء رشوان.

كان موقع «مدى مصر» قد أعلن عن أن قوات أمن الانقلاب ألقت القبض على لينا عطا الله، رئيس تحرير الموقع، أول أمس الأحد، من محيط سجن طره أثناء إجرائها مقابلة مع ليلى سويف، والدة الناشط علاء عبد الفتاح.

وأكد الموقع، في صفحته على (فيس بوك)، أن مسئولي السجن أبلغوا محامي «مدى مصر» أن لينا نُقلت إلى قسم شرطة المعادي وتمت إحالتها إلى النيابة .

يشار إلى أن د. ليلى سويف تحاول منذ أسابيع إيصال أدوات ومستلزمات لابنها المدون المحبوس بطره، والتي قالت إنه مضرب عن الطعام من أكثر من شهر، وبلغت محاولاتها أكثر من 21 مرة، ما دفعها إلى الاعتصام أمام السجن.

كانت مليشيات أمن الانقلاب قد اقتحمت مكتب موقع مدى مصر، في نوفمبر الماضي، واحتجزت صحفيين في مقر الموقع، وأغلقت هواتفهم الشخصية، واحتجز أمن الانقلاب لينا عطا الله رئيس التحرير، والصحفية رنا ممدوح، والصحفي محمد حمامة، بقسم الدقي وأطلق سراحهم بعد ساعات.

سجن كبير

من جانبها أكدت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية، أن دولة العسكر تعد من أكبر الدول التي تعتقل صحفيين في العالم .

وقالت الصحيفة، في تقرير لها عن المصاعب التي يتعرض لها الصحفيون في مصر، إن قوات أمن الانقلاب تقوم وبشكل متزايد باعتقال المعارضين والصحفيين بناء على تهم غامضة، ولأنهم نشروا “معلومات مزيفة”، أو أنهم أعضاء في “جماعة محظورة”، بحسب اتهاماتها المفبركة.

ونتيجة للقمع والتسلط والاعتقالات، تراجعت دولة العسكر للمرتبة 166 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة، الذي تطلقه منظمة مراسلون بلا حدود سنويا، بتراجع 3 مراكز عن ترتيبها في العام الماضي. فيما صعدت السودان للمرتبة (159)، متقدمة 16 مرتبة منذ سقوط نظام عمر البشير.

وأكدت منظمة “مراسلون بلا حدود”، فى تصنيفها العالمي لحرية الصحافة لعام 2020، أن العقد القادم سيكون حاسمًا بالنسبة لمستقبل وسائل الإعلام وحرية الصحافة، حيث جاءت جائحة كورونا لتزيد الطين بلة، وتؤجج الأزمات المتعددة التي تهدد الحق في الوصول إلى المعلومات من مصادر حرة ومستقلة ومتعددة وموثوقة.

وقالت المنظمة، إن دولة العسكر والمملكة العربية السعودية التي احتلت المرتبة 170 متقدمة مركزين عن العام الماضي، تحولتا لأكبر سجون في العالم بالنسبة للصحفيين، بعد الصين التي تتربع على الصدارة في هذا المضمار. مشيرة إلى أن دولة العسكر استخدمت مكافحة “الأخبار الزائفة” ذريعة لتبرير حجب الصفحات والمواقع الإلكترونية من جهة، وسحب بطاقات اعتماد الصحفيين من جهة أخرى.

أسوأ من المخلوع

فيما كشف تقرير صادر عن لجنة حماية الصحفيين الدولية، عن أن حرية الإعلام في دولة العسكر تراجعت ولم تتحقق التطلعات الكبيرة لحرية الصحافة بعد ثورة 25 يناير.

وقالت اللجنة، إنه عقب أحداث 30 يونيو كان أول خرق قام به الجيش لحرية الصحافة هو غلق الكثير من القنوات، وحجز جميع معداتها واعتقال العاملين فيها، مشيرة إلى أنه تم اعتقال 22 صحفيا بتهمة «التآمر» مع الرئيس محمد مرسي، بحسب تعبير نظام الانقلاب الدموى بقيادة عبد الفتاح السيسي.

وأكدت اللجنة، فى تقرير لها، أن الجيش منذ هذه الأحداث لم يبعث رسائل مطمئنة إلى الصحفيين، خاصة أن الصحفيين يعتبرون ما حصل انقلابا وليس ثورة، مشيرة إلى أنه تم إغلاق الكثير من الصحف والقنوات الفضائية وحجب المواقع الإخبارية، كما تم إغلاق مكاتب الجزيرة ووكالة الأنباء التركية «الأناضول»، وطرد بعض مراسلي الصحف الغربية، واعتقال الكثير من الصحفيين الرافضين للانقلاب الدموى.

وأشار التقرير إلى أن وضع الإعلام في دولة العسكر أصبح أسوأ من عهد المخلوع مبارك، مؤكدا أن الكثير من الانتهاكات تُمارس ضد الصحفيين .

80  معتقلا

حول هذه الأوضاع أكد قطب العربي، رئيس المرصد العربي لحرية الإعلام، أن هناك أكثر من 80  صحفيا معتقلا، مشيرا إلى أن النظام حجب 3 مواقع جديدة هي (درب)، و(الشورى)، و(ديلي موشن)، إضافة إلى مئات المواقع والصفحات التي تم حجبها من قبل.

وكشف العربي، فى تصريحات صحفية، عن أن سطوة المجلس الأعلى للإعلام تزايدت مؤخرا بصورة كبيرة، في الوقت الذي غاب فيه دور نقابة الصحفيين .

وأشار إلى أن نظام الانقلاب لن يتوقف عن اعتقال الصحفيين طالما أنه ليست هناك جهة تستطيع محاسبته أو محاكمته .

غرفة إنعاش

وقالت الكاتبة الصحفية مي عزام: إن الصحافة المصرية في غرفة الإنعاش، لا أحد يعلم هل سيُكتب لها النجاة أم تقضي نحبها .

وأكدت مى، فى تصريحات صحفية، أن الصحافة المهنية التي تخدم الناس وتزيد من وعيهم بالأحداث التي تمر بهم، لا يمكن أن تقوم بواجبها دون حرية تعبير.

وشددت على أن حرية التعبير لم تعد فقط رفاهية، لكنها أصبحت تهمة في دولة العسكر قد تصل بصاحبها للمحاكمة بتهمة الخيانة العظمى .

وأعربت مي عن مخاوفها على مستقبل الصحافة، متسائلة: “هل يمكن أن يتحمل الكُتاب المزيد من الرقابة؟ أم إنهم سيهربون للكهوف بحثا عن موضوعات بعيدة كل البعد عن حياتنا وأزماتنا الحقيقية؟ .

وأشارت إلى أنهم يفرّون بأنفسهم من مصير لن يتحملوه، مؤكدة أن عددا من الكتاب يفكرون في الابتعاد تماما عن الكتابة .

أعداء الحقيقة

وقال الكاتب الصحفي عماد أبو زيد: إن الصحافة فى دولة العسكر لا تتمتع بأي حماية قانونية أو تشريعات تحميها من جبروت السلطة والمال، مؤكدا أن ظروف عمل الصحفي غير مواتية للقيام بعمله وأداء مهمته.

وأوضح أبو زيد، فى تصريحات صحفية، أن مهمة الصحافة هي البحث عن الحقيقة وكشفها، لذلك فإن أعداء الحقيقة هم بطبيعة الحال أعداء حرية الصحافة، وفي مقدمتهم أنظمة العسكر الديكتاتورية التي تخشى الحقيقة .

وأشار إلى أن جنود البحث عن الحقيقة تعرضوا للمصاعب والمخاطر والاعتقالات والقتل أحيانا؛ معربا عن أسفه لأن حرية الصحافة في دولة العسكر تسير نحو الأسوأ .

وأكد أبو زيد أن حكومة الانقلاب دائمة التعدي على حرية الصحافة وعرقلة الصحفيين بالقوانين المكبلة، والاعتقالات العشوائية، وتلفيق التهم بنشر الأخبار والشائعات الكاذبة؛ موضحا أنّها تحت ستار الحفاظ على الأمن ومصلحة البلاد والوحدة الوطنية، تنتهك حرية الصحافة، وتقيد حرية الرأي، وتعرقل دور الصحفي فى كشف الحقيقة .

وأضاف: هناك أكثر من 500 موقع إلكتروني ووسيلة إعلامية محجوبة، وأغلقت بعض الصحف المعارضة مع التهديد بغلق الباقي، وهناك أكثر من 80 صحفيا وإعلاميا معتقلون، وبعضهم مات فى السجون والمعتقلات، مؤكدا أنه لم يبق من حرية الصحافة إلا اسمها .

ولفت أبو زيد الى أن الصحفيين فى دولة العسكر لا يستطيعون الكتابة عن الفساد والخيانات والاعتقالات والثروات الضائعة والأموال المهدرة، وإصلاح المؤسسات، والاتفاقيات الخارجية وصفقات السلاح والعمالة مع الصهاينة مشيرا إلى أن هذه الأوضاع التى غابت فيها الحقيقة وانتهكت حرية التعبير وأغلقت الصحف أوصلت البلاد لاقتصاد يترنح، وديون خارجية نحو 112 مليار دولار، وديون محلية بـ4 تريليون جنيه .