بعد ترسيم الحدود البحرية.. هل يورط السيسي الجيش المصرى فى حرب مع تركيا؟

- ‎فيتقارير

أثار توقيع نظام الانقلاب بقيادة عبد الفتاح السيسي اتفاقية مع اليونان لترسيم الحدود البحرية بين البلدين انتقادات حادة من جانب تركيا ما يهدد باندلاع صراع مسلح بين مصر وتركيا فى البحر المتوسط، وما يزيد من احتمالات نشوب الصراع أن السيسي ينوى التدخل عسكريا فى ليبيا لدعم الانقلابى العميل خليفة حفتر ضد حكومة الوفاق المعترف بها دوليا والتى تدعمها تركيا بالاضافة الى انحياز السيسي الى قبرص اليونانية على حساب قبرص التركية.
كانت وزارة الخارجية التركية قد أصدرت بياناً أعلنت فيه رفضها لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين نظام السيسي وأثينا، مؤكدة أنها باطلة بالنسبة لأنقرة، وإن تركيا لا تعترف بوجود حدود بحرية بين البلدين.

وأكد بيان الخارجية التركية أن الاتفاقية مخالفة للحقوق البحرية الليبية وتخص منطقة تعتبرها تركيا جزءاً من جرفها القاري. وقال إن أنقرة لها الحق في الاستكشاف في المياه القبرصية اليونانية والوصول إلى احتياطات الغاز الطبيعي بالقرب من قبرص، ونشرت تركيا سفن التنقيب والحفر في المياه القبرصية اليونانية وأرسلت السفن البحرية لمضايقة عمليات الشركات الدولية.

اتفاقية باطلة
من جانبه ندد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان باتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين دولة العسكر واليونان مؤكدا انها اتفاقية "باطلة". وقال إن بلاده ستواصل عمليات الحفر في المناطق المحددة في الاتفاق التركي الليبي الذي زعمت اليونان إنه ألغى باتفاقها مع السيسي.

كما قرر أردوغان الغاء المحادثات الاستكشافية مع اليونان التي كان من المتوقع أن تبدأ يوم الجمعة 28 أغسطس. وقال أردوغان ان أنقرة أوقفت مؤخرًا أنشطة التنقيب في المنطقة بمبادرة من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، لكن أنقرة تشرع الآن في استكشاف جديد للطاقة.

وأضاف: طلبت مني ميركل التوقف عن التنقيب وقالت : إذا كنت تثق في اليونان، فسنأخذ استراحة لبضعة أسابيع، لكننا لا نثق بهم. وأكد أردوغان ان اليونانيين لم يفوا بوعودهم والآن ستواصل سفينة بارباروس الحفر في شرق البحر المتوسط.

ضوء أخضر أمريكي
فى المقابل استبعد المحل السيساوى سمير غطاس، رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والأمن القومي وقوع تصعيد عسكري متهور في منطقة المتوسط مع تركيا رداً على الاتفاق المصري اليوناني.. وفق تعبيره.

وزعم غطاس فى تصريحات صحفية أن أردوغان إذا بادر بالصدام العسكري سوف يصطدم بقوة عسكرية ضخمة تردعه إذا تطلب الأمر ذلك. وقال إن أردوغان في النهاية ينسق إجراءاته مع الجانب الأمريكي، وبدون ضوء أخضر أمريكي لن يقدم على شيء، ولا أعتقد أن الولايات المتحدة سوف تسمح بأن تقوم منافسة عسكرية بين دولتين من الناتو وفق تعبيره.

كما زعم غطاس أن هناك تراجعا في الموقف التركي يصحبه مؤشرات على تراجع نسبي للدعم الأمريكي للرئيس التركي يتمثل في القرار الأخير لوزارة الخزانة الأمريكية بفرض عقوبات على ثلاثة ليبيين استخدموا موانئ تقع تحت سيطرة حكومة الوفاق في طرابلس لتهريب النفط والمخدرات عبر مالطا، كما تتمسك الولايات المتحدة بوقف إطلاق النار في ليبيا بحسب تصريحاته .

شرعية الانقلاب
وقال على حسن باكير محلل سياسي ان حسابات تركيا السياسية المتعلقة بالغاز في شرق البحر المتوسط ترتبط بآمالها في أن يتحول اكتشافه إلى دافع لإنجاز مصالحة توحد شطري جزيرة قبرص وتتيح لهما الاستفادة من الثروات المكتشفة. مشيرا الى ان سعي قبرص اليونانية إلى إجراءات أحادية تتجاهل مطالب الجانب التركي والقبرصي التركي حول الغاز قد يحول “الملف التصالحي” إلى ملف خلافي يميل إلى المعادلة الصفرية؛ إذ تعتبر أنقرة أن مثل هذا السلوك كان ولا يزال وراء فشل مفاوضات السلام المتعلقة بالجزيرة في وقت كان من الممكن فيه استغلال ملف الغاز من أجل حشد الدعم اللازم لتوحيد الجزيرة كشرط لاستغلال ثرواتها المشتركة.

وأكد باكير فى تصريحات صحفية أن الغاز لا يحمل قيمة اقتصادية فقط بالنسبة لنظام السيسي، بل يعتبر أداة من أدوات تثبيت نظام الانقلاب والحصول على شرعية إقليمية ودولية مطلوبة في ظل غياب شرعية داخلية تتيح للشعب المصري الاستفادة المثلى من ثروات البلاد.
وأشار الى أن أحد أهم المؤشرات التي تؤكد توجه السيسي للحصول على اعتراف بشرعيته سرعة توصل نظامه إلى اتفاقات مع كل من إسرائيل وقبرص اليونانية واليونان مؤكدا ان هذه الاتفاقات التى ترتبط بمصالح مكتسبة لكل من تل أبيب ونيقوسيا وأثينا تهدف الى الحفاظ على بقاء نظام السيسي

وأضاف باكير: نظرًا لأهمية إسرائيل واليونان وقبرص اليونانية لكل من الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا، فإن نظام السيسي يضمن من خلال هذه الاتفاقات الحصول على دعم دولي غير مباشر له، على اعتبار أن رحيله قد يقوض المكاسب التي حصلت عليها هذه الأطراف بفضله.
ولفت الى ان هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية قدَّرت في العام 2010 احتمال وجود ما يقرب من 122 تريليون م3 من مصادر الغاز غير المكتشفة في حوض شرق المتوسط قبالة سواحل سوريا ولبنان وإسرائيل وغزة وقبرص، بالإضافة إلى ما يقارب 107 مليارات برميل من النفط القابل للاستخراج ومع توالي الاكتشافات أصبحت دول المنطقة أكثر اهتمامًا بتكليف الشركات الأجنبية بالقيام بأعمال الاستكشاف وهو ما يدفع الى صراعات وربما إشعال حروب.

اكتشافات الغاز
وأرجع اللواء طلعت مسلم، خبير عسكري واستراتيجي، موقف تركيا تجاه مصر الى انزعاجها من اكتشافات الغاز التي قامت بها قبرص، وهي تحاول أن يكون لها من هذه الاكتشافات نصيب، وأن تذكر العالم بأن هناك سيادة لتركيا على شمال قبرص.

ولا يستبعد نشوب نزاع مسلح بين الطرفين، لاسيما وأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يتصرف على أنه عضو في حلف الناتو، وبالتالي هو يستقوى بالحلف في أي مواجهة عسكرية مع مصر.

وقال «مسلم» فى تصريحات صحفية ان المواجهة قد تندلع فى حالة واحدة تتمثل فى قيام تركيا بالاعتداء على المنشآت البترولية خاصة حقل ظهر، وهذا سوف يدفع نظام السيسي إلى المواجهة وبالتالي قد يتطور الأمر إلى اشتباك عسكري لا أحد يعرف نهايته.
وتوقع مسلم أن تكتفي القوى الكبرى مثل روسيا والولايات المتحدة الأمريكي فى حالة وقوع هذا الاعتداء باستنكار العمل التركي، دون اتخاذ أي إجراءات ضد أنقرة.

قانون البحار
وقال العميد صفوت الزيات، خبير عسكري إن هناك مشكلة في ترسيم الحدود البحرية، موضحا أن نظام السيسي عقد اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع قبرص، ولكن هناك طرفا ثالثا له مصالح متماسة في هذه الحدود البحرية و"هي تركيا وقبرص التركية"، وأوضح الزيات فى تصريحات صحفية أن هذه الأمور ليس فيها مجال للمساومة، وانما هناك قانون البحار الصادر من الأمم المتحدة، هذا القانون سوف يعطى لكل طرف حقه كاملا، وبالتالي الذي سيحكم بين الأطراف المتنازعة هو قانون البحار، والأمر في النهاية سوف يحسم بالقانون الدولي، ولن يستطيع أى طرف من هذه الأطراف تعدي قانون البحار الدولي.

وأكد أن هذه المشكلة سوف يتم حسمها بواسطة الأمم المتحدة وقانون البحار، مشيرا إلى أن تركيا عضو في حلف الناتو، وبالتالي إذا أرادت أن تنال دعم الحلف عسكريا فلابد وأن تقوم بتقديم ملف النزاع على الحدود البحرية بما يتماشى مع قانون البحار التابع للأمم المتحدة.

واستبعد الزيات أن يصل الأمر بين الطرفين إلى المواجهة العسكرية، لافتا إلى أن هذه المواجهة ليست في صالح الطرفين، مؤكدا أن الأوضاع السياسية والعسكرية والسياسية لدولة السيسي لا تسمح لها بالدخول في نزاع مسلح مع أي دولة، كما أن ظروف تركيا السياسية والعسكرية وتورطها في الملف السوري ومشاكلها مع الأكراد في الداخل ومع بعض دول الخليج لا يسمح لها بالدخول في نزاع مسلح أيضا مع أي دولة، وبالتالي الطرفان لديهما قضايا ومشكلات مرهقة.

ولفت إلى أن استخدام القوة العسكرية من أي طرف ضد الآخر لابد وأن يكون متوافقا مع قانون البحار الصادر من الأمم المتحدة مستبعدا نشوب نزاع عسكري بين مصر وتركيا بسبب الخلاف على ملفات المنطقة، لاسيما وأن هناك مصالح اقتصادية كبرى بين البلدين، وتركيا عضو في حلف الناتو، وهو أكبر حلف عسكري في العالم، ومصر ليست عضوا في أي حلف عسكري، وبالتالي التفوق العسكري يصب في صالح الجانب التركي، إذا تطور الأمر إلى مواجهة عسكرية بين الطرفين.