بعد تصريحات منير.. لهذه الأسباب المصالحة بين الإخوان والسيسي مستبعدة

- ‎فيتقارير

في مقابلة تليفزيونية أكد الأستاذ إبراهيم منير، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، أن الاعتراف بقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، مقابل الإفراج عن سجناء الإخوان هو قرار تملكه قيادات الجماعة داخل السجون.

وأضاف منير، في حوار مع قناة "الجزيرة" أن أحد المقربين من النظام (لم يسمه) تواصل مع الجماعة بين عامي 2015 و2016، وكان يطلب منها اعترافا بالسيسي. مضيفا «عرضنا شروطا على الوسيط قبل مناقشة طلبه، ومنها الإفراج عن السجناء، لكن جميع الشروط رُفضت، وبالتالي كان من المستحيل التواصل معه». وردا على سؤال بشأن قبول الاعتراف حاليا بالسيسي مقابل الإفراج عن سجناء الجماعة، أجاب منير: "سأكون صادقا.. الذي يملك هذا القرار هم القيادات في السجون، أما نحن في الخارج فلسنا أصحاب هذا القرار". وأردف: "عندما يأخذون قرارهم سنخضع لهم". واستدرك: "لكن اتضح أن هذه تكتيتات (من النظام) لجرنا لخندقه لا أكثر".

كلمات "منير" تؤكد استبعاد أي مصالحة مع نظام الانقلاب وهو ما تؤكده عبارة «اتضح أن هذه تكتيتات (من النظام) لجرنا لخندقه لا أكثر». فالجماعة تدرك أن السيسي لا يريد مصالحة بالمعنى المتعارف عليه سياسيا وقانونيا،  بل يريد من الجماعة استسلاما وإقرارا بالهزيمة والقبول بما يتفضل هو عليها به.

مساعي السيسي نحو مساومة الجماعة والضغط عليها بقادتها المعتقلين كانت تستهدف الحصول على صك براءة من جرائمه وأولها الانقلاب وثانيها المذابح الجماعية وجرائم القتل وسفك الدماء، وثالثها الاعتقالات الظالمة، وحملات الدعاية السوداء بحق الجماعة والتي اعتمد فيها على كل وسائل الكذب والبهتان والتدليس.

وحتى ندرك أسباب استبعاد المصالحة بين الجماعة ونظام الانقلاب علينا الإدراك أولا أن أي مصالحة من الجماعة مع هذا النظام تنطوي على القبول مستقبلا -ولو نظريا- بأي انقلاب على مسار ديمقراطي جاء بإرادة الشعب الحرة، وهو ما يناقض المبادئ الإسلامية التي تؤمن بها الجماعة، فموقف الجماعة الأخلاقي والشرعي من هذه القضية هو أساس رفض الانقلاب، وأساس تمايز الجماعة عن التيارات الدينية التي ارتضت الخنوع للنظام حتى لو كان ظالما باطشا مغتصبا للحكم مثل التيار الجامي المدخلي وسلفية ياسر برهامي.

لكن الأخطر والأهم هو الوعي بأن السيسي جنرال جرى "كراه" أي شراؤه بالمال والوعد بالسلطة من أجل ارتكاب عدة جرائم مركبة، أولها الانقلاب على الرئيس المنتخب بإرادة الشعب الحرة، وثانيها إجهاض أي مسار ديمقراطي في مصر، وثالثها العمل على تقليص الهوية الإسلامية للبلاد بشكل تدريجي عبر سحق  الإسلاميين وعلى رأسهم الإخوان باعتبارهم أحد أهم الأضلاع الشعبية ضد المشروع الصهيوني في المنطقة، ورابعها تكريس الاستبداد والطغيان في مصر مصبوغا بعلمانية متطرفة تمضى نحو استنساخ تجربة مصطفى كمال أتاتورك في تركيا. وخامسها قتل الروح الثورية في مصر والتي يخشى الكيان الصيهوني وعروش ممالك وإمارات خليجية من انتشارها وتهديد عروشها. وبالتالي فإن المصالحة لن تكون مع الشخص "المكري" بل مع سادته الذي اشتروه بالمال والسلطة، فهو منزع القرار لأنه ببساطة يتلقى الأوامر من سادته الذين أتوا به على رأس السلطة لضمان مصالحهم في مصر والمنطقة.

وبناء على ذلك، فإن أي مصالحة مع السيسي هي في جوهرها مصالحة مع المشروع الصهيوني الأمريكي في المنطقة، وما عداء هؤلاء للإخوان إلا لأنهم يهددون المشروع الصهيوني والمصالح الأمريكية في المنطقة  رغم أن هذه المصالح في حقيقتها  تناقض القيم التي تدعيها أمريكا باستمرار من تسويق للديمقراطية وحقوق الإنسان.

قبول الإخوان بأي مصالحة مع السيسي في هذه الأجواء معناه صك إذعان واستسلام دون حتى وجود ضمانات لالتزام السيسي بالإفراج عن المعتقلين السياسيين من قادة الجماعة والتوقف عن نهب أموالهم ودون وجود ضمانات تمنع إعادة اعتقالهم من جديد، ودون حتى وجود ضمانات للقصاص للشهداء ودون وجود ضمانات لاحترام حرية الناس ومن بينهم قادة وعناصر الجماعة؛ فالسيسي يريد من الجماعة صك براءة من جرائمه وصك إذعان واستسلام واعتراف بشرعية نظامه الذي اغتصب السلطة بانقلاب عسكري جرى طبخه في واشنطن وتل أبيب وأبو ظبي.

معنى هذا أن أوضاع الجماعة وقادتها وعناصرها ستبقى هكذا إلى حين رحيل السيسي ونظامه؛ فأي نظام سيأتي من بعده على الأرجح سيكون مضطرا إلى فتح أبواب الحريات الموصده وإقامة علاقات جديدة مع كل القوى السياسية بعد تجربة الانقلاب المريرة، فإذا جرى الإطاحة بالسيسي عبر ثورة سيكون الإخوان أكثر الفائزين بذلك، وإذا جرى الإطاحة به عبر انقلاب فإن القائمين على هذا الانقلاب سيكونون حريصين على كسب ولاء الجماعة ودعمها باعتبارهم معادين للسيسي ولذلك أطاحوا به ويحتاجون إلى إقناع العالم برفض الشعب كله للسيسي والجماعة غير من تقوم بهذا الدور الكبير.