بعد لقاء فتح وحماس في إسطنبول.. هل تحقق تركيا المصالحة الفلسطينية بدلا من مصر؟

- ‎فيتقارير

نشرت صحيفة "المونيتور" تقريرا سلطت خلاله الضوء على تصاعد الدور التركي في محادثات المصالحة بين حركتي فتح وحماس في ظل في ظل صفقت التطبيع التي تعقدها الدول الخليجية مع الاحتلال الصهيوني.

وقال التقرير الذي ترجمته "الحرية والعدالة" إن محادثات المصالحة بين فتح وحماس في إسطنبول قد غذت النقاش حول ما إذا كان بإمكان تركيا زيادة نفوذها على الفلسطينيين، الذين هم في حاجة ماسة إلى الدعم الإقليمي وسط صفقات التطبيع بين الدول العربية والكيان الصهيوني.

وكانت مصر المضيف التقليدي لمحادثات المصالحة بين حركتي فتح وحماس، لكن الجولة الأخيرة من المحادثات بين المجموعتين الفلسطينيتين المتنافستين جرت في إسطنبول، مما أبرز الدور التركي المتنامي في القضية الفلسطينية وقد أدت مجموعة من العوامل – طموحات تركيا في الشرق الأوسط، وتزايد وجود حماس في إسطنبول، والتحول الكبير في العلاقات الصهيونية العربية التي تحرم فتح من الدعائم المالية وتعمق من يأسها – إلى إبراز مكانة تركيا، ولكن إلى أي مدى يمكن أن يذهب دورها إلى حد التسائول.

وقد اختتمت المحادثات التى استمرت ثلاثة أيام فى إسطنبول بإعلان يوم 24 سبتمبر أن فتح وحماس اتفقتا على إجراء اول انتخابات فلسطينية منذ ما يقرب من 15 عاما. وسبق المحادثات اجتماع غير مسبوق يوم 3 سبتمبر بين قادة الفصائل الفلسطينية الرئيسية فى رام الله وبيروت ومكالمة هاتفية بين الرئيس الفلسطينى محمود عباس والرئيس التركى رجب طيب أردوغان.

واتفق الوفدان -برئاسة جبريل الرجوب، أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، وصالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحماس- على إجراء انتخابات تشريعية في القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة في غضون ستة أشهر، ثم المضي قدما في الانتخابات الرئاسية وانتخابات المجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية ومن المتوقع أن يجتمع قادة جميع الفصائل الفلسطينية مرة أخرى تحت رعاية عباس فى أوائل أكتوبر لوضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل المصالحة والانتخابات.

ومنذ انسحاب فتح من غزة في عام 2007 الذي ختم الانقسام الفلسطيني، عقد الجانبان العديد من جولات المحادثات ووقعا على نحو 12 اتفاقًا لكنهما لم يحققا بعد هدف الوحدة.

وقال مصدر فلسطيني تابع عن كثب لمحادثات إسطنبول لـ"المونيتور" إن تركيا لعبت دورًا ميسرًا على الرغم من سياساتها المئويدة لـ "حماس" وقال المصدر "بشكل عام، تفضل تركيا أن تكون حماس المجموعة الحاسمة في فلسطين، ولكن نتيجة لعوامل مثل انتقال السفارة الأمريكية إلى القدس وتطبيع الإمارات العربية المتحدة والبحرين للعلاقات مع الكيان الصهيوني، أصبحت فتح أيضا أكثر ميلا إلى [التعامل] مع تركيا"، مضيفا أن "تركيا تستخدم هذا الأمر بشكل جيد، لقد لعبت دورًا مصالحة في المحادثات، لكنني لا أستطيع القول إنها تتدخل في الشئون الفلسطينية".

وردًا على سئوال حول اختلاف الوساطات المصرية والتركية، قال المصدر إن "المحادثات في مصر ستجري في مبنى جهاز المخابرات بمشاركة مسئولين في المخابرات [المصرية]"، وكانت مصر دائمًا تفضل فتح ولم تكن وزارة الخارجية في هذه الدول معنية بذلك، وذلك لأن مصر تنظر إلى فلسطين على أنها قضية أمنية وليست سياسية.

ومن ناحية أخرى، عقدت المحادثات في تركيا في القنصلية الفلسطينية في إسطنبول ولا شك أن لتركيا نفوذًا على العملية، لكن المسئولين الأتراك لم يحضروا المحادثات إلى جانب ذلك، لا تدرك تركيا التفاصيل بقدر ما لدى مصر".

وأشار المصدر إلى أن مصر لم تبد أي رد فعل سلبي على المحادثات ويبدو أنها أضاءتها، وقال المصدر: "يمكن لمصر إغلاق معبر [رفح] الحدودي [مع غزة] إذا رغبت في ذلك، لكننا نرى أنها فتحت المعبر منذ عدة أيام" وقال "سافر فريق فتح إلى قطر من إسطنبول، ثم سيتوجه إلى القاهرة لإطلاع المصريين ومن المرجح جدًا أن تكون مصر قد أعطتهم الضوء الأخضر ولم تكن فتح لتمضي قدمًا بمفردها".

وقال الرجوب عقب اجتماعه مع عضو حماس البارز خالد مشعل فى الدوحة يوم 26 سبتمبر إن فتح اتخذت "قرارا استراتيجيا لتحقيق مصالحة وطنية مع حماس تقوم على الشراكة السياسية "، ومع ذلك، بدا أن المسئول في حماس حسام بدران ألقى ببعض الشكوك على الإجماع حيث قال في اليوم نفسه إن "التصريحات المتداولة حول الاتفاقات والجداول الزمنية المئوكدة غير صحيحة"، وأضاف أن الحوار مع فتح "ليس بديلا عن حوار وطني شامل يجب الإعداد له".

ووفقا لمصدر فلسطينى آخر فإن الفصائل الأخرى انزعجت من الإعلان عن خريطة طريق فى إسطنبول لأنها تعنى أن العملية السياسية الفلسطينية هى قضية بين فتح وحماس فقط.
وقال المصدر لـ"المونيتور" إن "تجاهل الفصائل الأخرى هو في الواقع شيء تفضله تركيا أيضًا لأنها على علاقة جيدة مع كل من فتح وحماس، وتمثل العلاقات مع حماس الجانب المتشدد من سياسة تركيا ضد الكيان الصهيوني، في حين أن العلاقات مع فتح تمثل جانبها التصالحي ومع ذلك، يجب أن يشمل الحوار الوطني الجميع".

إن العديد من الفصائل الفلسطينية، وخاصة اليسارية منها مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، منزعجة من أن سياسة أنقرة الفلسطينية تقوم على "حماس" وبالتالي على "الإخوان المسلمين" ولكن مع تزايد الضغوط على الفلسطينيين للتوحد، يتم دفع الاعتراضات على رعاية تركيا إلى الاحتراق.

وعلاوة على كل ذلك، تُزهّد التكهنات حول مخططات الإمارات العربية المتحدة، التي يُزعم أنها أيدتها واشنطن، لدعم محمد دحلان – الزعيم الفلسطيني المثير للجدل الذي كان في خدمة ولي العهد الإماراتي منذ طرده من حركة فتح في عام 2011 – كرئيس فلسطيني قادم.
ويعتقد المراقبون الفلسطينيون أن دحلان لا يحظى بفرصة كبيرة لانتخابه على الرغم من تمتعه بدرجة من التأييد الشعبي، لكن احتمال عودة دحلان نتيجة للضغوط الإماراتية السعودية والأمر الواقع ليس مستبعدًا. كما أن الصمت الأمريكي والصهيوني بشأن محادثات إسطنبول أمر رائع.

وكان رد فعل واشنطن قاسيًا عندما استضاف أردوغان عاروري وإسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس، في إسطنبول في 22 أغسطس وشددت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية مورغان أورتاغوس على أن كلا من قادة حماس "إرهابيان عالميان تم تصنيفهما بشكل خاص" وحذرت من أن "تواصل الرئيس أردوغان المستمر مع هذه المنظمة الإرهابية لا يئودي إلا إلى عزل تركيا عن المجتمع الدولي".

يقيم العاروري، الذي كان مسئولًا عن العمليات المسلحة لحماس في الضفة الغربية ولديه مكافأة أمريكية قدرها 5 ملايين دولار على رأسه، حاليًا في لبنان بعد أن أمضى بعض الوقت في قطر وتركيا منذ إطلاق سراحه من سجن الكيان الصهيونيي في عام 2010.

وقد أثار الكيان الصهيوني أيضًا قلقًا من إيواء تركيا لمسلحي "حماس" حيث أصبحت إسطنبول قاعدة بارزة لحماس في الخارج، إلى جانب الدوحة. وكانت الكيان الصهيوني اتهمت الشهر الماضي بان تكون أنقرة أعطت جوازات سفر إلى عشرة من أعضاء المجموعة.

إن صمت الجهات الفاعلة الرئيسية على دور تركيا في المصالحة الفلسطينية قد لا يدوم طويلًا.
إن العداوة بين تركيا والمحور السعودي الإماراتي المصري، علاوة على التوترات القائمة بين دول الخليج وإيران، تحمل الفلسطينيين مباشرة، الأمر الذي يئودي إلى كسر الحلقة العربية حول الكيان الصهيوني. لقد بات لزاما على الفلسطينيين أن يفكروا في الخروج من الصندوق حتى يتسنى لهم أن يرفعوا من دعمهم لقضيتهم، ولكنهم لا يستطيعون أبدا أن يتجاهلوا مصر.

إن الضفة الغربية وقطاع غزة يعانيان ضائقة مالية، والسلطة الفلسطينية، التي تتخذ من الضفة الغربية مقرا لها، غير قادرة على دفع الرواتب الكاملة للموظفين العموميين، وتعتمد الإدارة في غزة على المساعدة المقدمة من قطر.
وربما كان "النظام الجديد في الشرق الأوسط" يضغط على الفلسطينيين للتطلع إلى تركيا وقطر، لكنه لا يسمح لهم بإقامة تحالفات كما يحلو لهم.

إن ميل أردوغان إلى جانب أحد الأطراف هو عامل آخر يحول دون التوقعات المتفائلة حول ما إذا كان بإمكان تركيا الحفاظ على دورها وتوسيعه على الطريق وعلاوة على ذلك، تبقى الفصائل الفلسطينية، غير "حماس" حذرة بشأن تورط تركيا، قد تقدر فتح قطر كمئويد مالي، لكن الإمارة الخليجية المعزولة ليست في وضع يسمح لها بمقاومة جميع أنواع الضغوط من الولايات المتحدة وحلفاء الولايات المتحدة في الخليج.

وعلى نحو عام، فإن أي توقع لتوسيع كبير للوساطة التركية والدور المالي لقطر قد يكون في غير محله وقد أظهرت الأزمة السورية والصدع في الخليج بالفعل لحماس كيف يمكن لتمسكها بمحور إقليمي في حروب النفوذ الإقليمي أن يجعلها تنجرف من عاصمة إلى أخرى ويعرف الفلسطينيون أن قطع صلاتهم بمصر والخليج والاتكاء على تركيا وقطر لن يكون بدون عواقب.

اضغط لقراءة التقرير