تحليل سياسي: فرض “دحلان” على رأس السلطة الفلسطينية قبل تنفيذ صفقة القرن

- ‎فيتقارير

اعتبرت دراسة أن موقف السلطة الصارم إزاء صفقة القرن برفضها، هو موقف متوقع حيث لا يوجد موقف آخر يمكن أن تتخذه، فضلا عن اعتباره موقفًا مراوغًا، والدليل أنه لا أفعال على الأرض إلا بتصريحات هنا وهناك.

وبنت دراسة بعنوان “مستقبل السلطة الفلسطينية في ضوء صفقة القرن” أعدها موقع وصفحة “الشارع السياسي”، على موقف الكيان الصهيوني من السلطة في عدم استغنائه عنها لعدة أسباب، وخوفه من تفككها استنادًا إلى مراكز البحث “الإسرائيلية”؛ التي اعتبرت أن من بين التحديات التي تواجه الاحتلال، خلال العام الجاري 2020، “تفكك السلطة الفلسطينية” وهو ما كشف عنه “مركز أبحاث الأمن القوميّ”، التابِع لجامعة تل أبيب، بعد اختتام مؤتمره السنويّ، فقال إن “الدولة الفلسطينيّة ذات السيادة لن تكون موجودةً، أيْ لن يكون هناك واقع قائم على وجود دولتين. وأنه في غياب الوحدة الفلسطينيّة وتفكّك المجتمع الفلسطينيّ من الداخل، قد تنهار السلطة الفلسطينيّة في عهد رئيس السلطة الفلسطينيّة محمود عباس (أبو مازن).

السيناريو المرجح

وأشارت إلى أن سيناريو فرض محمد دحلان هو الأقرب للحدوث خلال المرحلة المقبلة، وإن كان ذلك لا يمنع من إبداء بعض الصبر على عباس وفق السيناريو الأول، بشرط قبوله بشكل صريح بالصفقة، بدلا من التظاهر برفضها علنًا وتكريسها سرًّا بعدم الإقدام على أي فعل يقاوم الصفقة أو يسعى لإسقاطها.

وذكرت أن ذلك هو السيناريو الأوفر حظا؛ حيث أوشك عباس على الرحيل، إن لم يكن بفعل تدخل مباشر بالتخلص منه فبفعل السن واقتراب رحيله؛ وهو ما يضع المقاومة أمام سيناريوهات تستهدف القضاء عليها، ولن يكون ذلك متاحا بشكل وافر إلا بعد إعادة هندسة السلطة بناء على متطلبات المرحلة الراهنة، مرحلة الركوع التام مع ضغوط من النظم العربية المتواطئة وفق معادلة «خذوا فلسطين ودعوا لنا عروشنا».

مستقبل السلطة

وتوقعت الدراسة 3 سيناريوهات أولها: بقاء السلطة كما هي، مع ضغوط أمريكية وإسرائيلية تستهدف إجبار عباس على مزيد من الخضوع والركوع؛ لأن رفضه الظاهر للصفقة الأمريكية رغم أفعاله وسياساته التي تكرسها بالفعل؛ يضع إدارة ترامب وحكومة الاحتلال في ورطة عدم الاعتراف الدولي؛ لأن الصفقة تعصف بكل معنى للقانون الدولي والشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة.

وأن تعاملها مع عباس سيكون كما تعاملوا من قبل مع عرفات، “فإما يعلن عباس قبوله بالصفقة فيتم الإبقاء عليه، أو يبقى رافضا فيتم التخلص منه”.

غير أن شلومي ألدار، الخبير الإسرائيلي في الشئون الفلسطينية، قال إن الاحتلال  لا يريد التخلص من (أبو مازن) بقدر ما يريد بقاءه ضعيفا أمامها ومسيطرا على الأوضاع في الضفة الغربية، رغم وجود قناعة “إسرائيلية” بأن أي خطوة لضم أراض في الصفة سوف تفضي إلى اندلاع مظاهرات شعبية، ولكن “إسرائيل” تثق في قدرة عباس على منع الشارع الفلسطيني من الذهاب إلى خيارات عنيفة وقاسية ضد الاحتلال.

إعادة البناء

أما السيناريو الثاني فكان إعادة بناء وهندسة السلطة بما يتماشى مع المرحلة الجديدة، ولكي تكون أكثر مطاوعة وتكيفا مع الوضع الجديد؛ فقد انتهى أبو مازن (85 سنة) بانتهاء أوسلو، والآن دخلت القضية في مرحلة “صفقة القرن” التي عصفت بكل معنى للقانون الدولي والشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة، بحسب الدراسة.

ورجحت الدراسة أن تنتقي واشنطن وتل أبيب قيادة بديلة من داخل أجهزة السلطة تكون أكثر خنوعا ومطاوعة وتضفي على الصفقة مسحة من مشروعية زائفة. خصوصا وأن الإمارات بدعم من حكومة العسكر في مصر ترى في القيادي المثير للجدل محمد دحلان رجل المرحلة المقبلة القادر على لجم القيادات المتمردة داخل السلطة، وتأسيس مرحلة جديدة تقوم على أساس المزيد من التواطؤ والخيانة.

وأشارت إلى أن الحلم الأمريكي والصهيوني أن يتم توسيع نفوذ السلطة حتى قطاع غزة للتخلص من صداع غزة، واستنساخ تجرية السلطة في الضفة إلى غزة العصية على الاحتلال حتى اليوم.  وإلى جوار دحلان ذكرت أسماء منها؛ صائب عريقات، وماجد فرج.

حل السلطة

وأوضحت الدراسة وجود حل ثالث يتعلق بـ”حل السلطة الفلسطينية”، باعتباره الحل الطبيعي بعد تنصل الاحتلال من اتفاق أوسلو، موضحًا أن السلطة تفهم أن “صفقة القرن” عصفت بكل الأسس التي قامت عليها أوسلو.

ومن جانب آخر أوضحت أن السلطة انهارت بالفعل، حيث فقدت مبرر وجودها وباتت عبئًا على الفلسطينيين، وأضرت بالقضية وانحرفت ببوصلتها من مقاومة مشروعة تحت احتلال إلى سلطة حاكمة تقمع شعبها وتحترف الخيانة في خدمة الاحتلال.

وشددت الدراسة على أن سيناريو الحل لن تسمح به تل أبيب، التي ترى في وجود السلطة ضرورة تقدم لها خدمات شديدة الأهمية والخطورة على مستوى رفع الحرج عنها باعتبارها قوة احتلال، أو عبر التنسيق الأمني الذي جعل من الضفة الغربية كيانا عاجزا بلا حول ولا قوة.

أسباب الاستبعاد

وذكرت الدراسة أن السيناريو الثالث مستبعد لأسباب عديدة، أهمها أن الفجوة بين السلطة ومؤسساتها من جهة والشعب من جهة ثانية؛ قد أوجد قيادة غير مستعدة لدفع أي أثمان في أي معركة مع الاحتلال.

وقالت: “أما إذا حدث وحلت السلطة فعليا، فإن أول ما يترتب على ذلك إلغاء كافة الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال عمليًّا، وبالتالي غياب الضامن لشكل العلاقة مع الاحتلال، وهذا خيار ترفضه أوروبا وأمريكا وإسرائيل أيضا. إضافة إلى ذلك، فإن حل السلطة يعني فورا انتقال التبعية الإدارية للفلسطينيين إلى الاحتلال في كل مناحي الحياة وبكامل التكاليف، بعد نحو ربع قرن من عدم المسئولية المدنية والاحتلال غير المكلف. وثالثا فإن إنهاء اتفاق أوسلو يعني خسارة سنوات من التمهيد والتهيئة لتطبيع عربي وإقليمي من جهة، والتوقف عن التنصل من المسؤولية تجاه الفلسطينيين وإلقائها على عاتق السلطة من جهة ثانية.

ومن الأسباب الأخرى أن سيناريو حل السلطة؛ ربما يفضي إلى حالة من الفوضى العارمة في الضفة، ويخلق أزمة كبرى تتعلق بالحالة المعيشية لموظفي السلطة الذين سوف تتوقف مرتباتهم بحلها؛ وهو ما ليس مسموحا به من جانب الاحتلال.