ترضية للرئيس الروسي.. خفايا دور السيسي والجيش في ارتفاع أسعار البطاطس

- ‎فيتقارير

يومًا بعد آخر تتكشّف خفايا وأسرار أزمة الارتفاع الجنوني في أسعار الخضراوات، والتي وصلت إلى حدّ جنوني لم يحدث في تاريخ مصر، حيث ارتفعت أسعار البطاطس إلى 15 جنيها، بينما كان متوسط سعرها في العام الماضي ما بين 3 إلى 4 جنيهات!.

وفي مقاله “المصريون في طوابير البطاطس”، يعتبر الخبير الزراعي الدكتور عبد التواب بركات، الطوابير الممتدة للموطنين من أجل الحصول على كيلو بطاطس دليلا جديدا على فشل النظام العسكري؛ فالمصريون عرفوا طوابير الخبز وأنابيب البوتاجاز، لكنهم لأول مرة يقفون في طوابير البطاطس!.

ارتفاع الأسعار غير المسبوق أصاب المصريين بالصدمة، لا سيما أن البطاطس هي الغذاء الرئيس للمصريين مع الخبز والأرز، ويستهلك المصريون 4 ملايين طن في السنة، بمعدل 40 كجم للفرد في العام، ما يفوق استهلاك الأرز الذي يصل إلى 38 كجم في العام، ولا تقل أهميتها عن أهمية الأرز على موائد المصريين، وهي واحدة من أرخص مكونات وجبات المصريين اليومية والتي تتكون في الغالب من الأرز والبطاطس.

بحسب بركات فإن الأزمة لم تقع بالصدفة، لا سيما أن مصر دولة لها مكانتها في سوق البطاطس الدولية، وتتصدر إنتاج البطاطس في إفريقيا، وتحتل المرتبة رقم 14 على مستوى العالم بمقدار خمسة ملايين طن، وفق إحصائيات منظمة الفاو الصادرة في سبتمبر/أيلول الماضي، والفلاح المصري يزرع البطاطس ثلاث مرات أو عروات، طوال السنة تقريبًا مستغلًا المناخ المعتدل والفريد الذي تتمتع به مصر.

من أجل عيون بوتين وروسيا

السبب الرئيس للأزمة، بحسب بركات، هو أن مصر تلقت طلبًا من روسيا، الحليف الاستراتيجي للجنرال السيسي، لمضاعفة وارداتها من البطاطس المصرية بالتزامن مع العقوبات الدولية المفروضة على روسيا، وبالفعل فتحت الحكومة باب تصدير البطاطس على مصراعيه لحساب مصدري البطاطس المقربين من الحكومة، والذين يتبرعون لصندوق تحيا مصر، على حساب السوق المحلية والمواطن المصري، إذ بلغت صادرات هذا العام أكثر من 750 ألف طن، وفق تقرير الإدارة المركزية للحجر الزراعي، الجهة المسئولة عن فحص الصادرات الزراعية بوزارة الزراعة في سبتمبر الماضي.

وضاعف من الأزمة، تراجع إنتاجية البطاطس المصرية بمعدل 30% عن العام الماضي، مدفوعًا برفع الحكومة أسعار الأسمدة والسولار، وارتفاع أجور العمالة الزراعية وإيجار الأراضي، وتضاعف أسعار التقاوي، والتي يحتكر استيرادها بالكامل مافيا من خمسة تجار مقربين من نظام العسكر.

لماذا يصدر الجيش بطاطسه؟

اللافت كذلك ما كشف عنه أمين عام جمعية منتجي البطاطس، أحمد الشربيني، عن قيام القوات المسلحة بتصدير كميات كبيرة من البطاطس وذلك بقوله: “الأراضي التي طرحتها القوات المسلحة حققت إنتاجا جيدا جدا وتم تصدير كميات كبيرة منه”، خلال لقائه الإعلامي الناطق باسم النظام، أحمد موسى.

مصادرة البطاطس

الحكومة لم تعترف بالخطأ، بل اتهمت التجار بافتعال الأزمة وصادرت منتجاتهم من ثلاجات التخزين، ووجهت لهم تهمًا لم ينص عليها قانون، وصادرت الشرطة البطاطس المعدة للبيع، بالإضافة إلى البطاطس المخزنة لأغراض صناعة الشيبسي، والتي لا تناسب طرق الطهي المنزلي، وصادرت كذلك البطاطس المخزنة لأغراض التقاوي والمجهزة للزراعة في العروة الشتوية التي تستمر زراعتها حتى أواخر شهر أكتوبر الجاري، وكذلك زراعتها في العروة المحيرة التي يتم زراعتها في شهر نوفمبر.

مصادرة البطاطس المخزنة لأغراض الزراعة، من دون تفرقة بينها وبين البطاطس المخزنة لأغراض التجارة والصناعة، سوف يتسبب في نقص كميات التقاوي اللازمة للزراعة، وبالتالي تراجع المساحات المزروعة في العروة القادمة، ما يخفض كميات البطاطس التي تنتج في نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول القادم، وتستمر الأزمة وقد يضطر النظام إلى استيراد البطاطس من الخارج كما فعل مؤخرًا مع الطماطم التي استوردها من الأردن في ظل ارتفاع أسعارها.

فشل متواصل

بحسب بركات، فإن مصادرة البطاطس لن تحل الأزمة، سيما أن عدد الثلاجات المعدة لتخزين الخضراوات والفاكهة واللحوم في القطاع العام والأعمال العام والقطاع الخاص، والمُستخدمة في التخزين لحساب الغير، في حدود 250 ثلاجة، ويمثل مخزون البطاطس نسبة 76% من إجمالي مجموعة الفواكه والخضراوات، وسجل رصيد آخر العام في حدود 35 ألف طن، وفق إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء الصادر في مارس الماضي.

وبفرض أن كمية مماثلة ما زالت موجودة في الثلاجات، وهو افتراض مبالغ فيه لأن السحب خلال الشهرين الأخيرين كان كبيرًا مع ارتفاع الأسعار، فإن هذه الكمية لن تغطي فجوة السوق التي نتجت عن تصدير 750 ألف طن، وبالتالي لن تكون كافية لحل الأزمة قبل ظهور إنتاج الموسم الشتوي في ديسمبر/كانون الأول القادم.

توريط الجيش والشرطة

ويتهم الخبير الزراعي، جنرال العسكر باستغلال الجيش والشرطة في أزمة البطاطس، بل توريط المؤسستين في أزمات من صنع الحكومة والجيش الذي خيب آمال السيسي في التعامل مع أزمة الغلاء، وفشل خمس مرات في خفض أسعار السلع، ولن يفلح في حل أزمة البطاطس أيضًا، وإصرار السيسي على اعتماد الحل الأمني في مواجهة الأزمات إنما ينتقص من الكفاءة الأمنية للشرطة والقدرة القتالية للجيش في بسط الأمن ومواجهة الخارجين على القانون، على النحو الذي يفسر الفشل الذي مُنيت به قوات الشرطة في الفرافرة والجيش في سيناء.