تزييف الحقائق وتزوير التاريخ أهم إنجازات العسكر.. ما علاقة الفن؟

- ‎فيتقارير

تعرض قناة “دي إم سي”، المملوكة للمخابرات المصرية، مسلسل “حديث الصباح والمساء”، الذي عُرض قبل سنوات، وهو من تأليف الروائي المصري الحائز على جائزة نوبل، نجيب محفوظ، لكن القناة حذفت مشاهد الممثل المعارض عمرو واكد، الذي يجسّد فيه شخصية “النقشبندي”، والذي يظهر في بداية الحلقات باعتباره الحفيد الأصغر للشخصيات التاريخية التي يدور حولها المسلسل.

وعلَّق واكد- عبر حسابه في “تويتر”- “بلغني أن قناة دي إم سي قامت بإذاعة مسلسل حديث الصباح والمساء مؤخرًا، ولكن بعد حذف كل مشاهدي من المسلسل. وأنا أشكرهم على واجب المونتاج هذا؛ لأنني أفضل عدم الظهور على هذه الشاشة المغتصبة لوعي المشاهدين.. أشكرهم بجد”.

سحب الجنسية

جدير بالذكر أن الفنان عمرو واكد ممثل سينمائي مصري، حقق شهرة عالمية عبر مشاركته بعدة أعمال سينمائية دولية، إلى جانب أهم ممثلي هوليوود أمثال جورج كلوني، وسكارليت جوهانسون، كما أنّ بعض آرائه السياسية المعارضة للانقلاب جعلته معرضًا في عام 2019 إلى سحب الجنسية المصرية منه بعد حملة اتهامات بالخيانة العظمى.

وشارك عمرو واكد في ثورة 25 يناير ضد مبارك عام 2011، كما شارك في تظاهرات الانقلاب عام 2013، ويخالف اليوم عصابة السفيه السيسي في آرائها، ما أدى لإسقاط عضويته في نقابة الفنانين، ورفع العديد من القضايا ضده، منها تهمة الخيانة العظمى لدولته مصر.

وأكدت مصادر من داخل قناة “دي أم سي”، بأنَّه صدرت تعليمات للعاملين داخل القناة، بضرورة عدم عرض أي أعمال درامية تضم بعض الأسماء المحسوبة على المعارضة، والتي تهاجم السفيه السيسي، وعلى رأس تلك الأسماء الفنانَيْن: عمرو واكد وخالد أبو النجا.

وقال مصدر من داخل القناة، إن الأمر لم يقتصر على عدم عرض الأعمال التي تكون من بطولة هذه الأسماء، ولكن أيضا حذف مشاهدهم القليلة في الأعمال الأخرى التي ظهروا بها.

وأضاف المصدر، أن الخوف من أن يتمَّ حذف تلك المشاهد من النسخ الأصلية للأعمال، وعدم الاكتفاء بالمونتاج للنسخة التي تعرض فقط على الشاشة حاليا، ما يهدّد بتدمير النسخ الأصلية.

وأثارت التغريدة تفاعلًا واسعًا بين المتابعين، وعلق أحدهم: “أنت وجودك في المسلسل هو الفكرة الأساسية، وكلامك مع جدك بداية كل حلقة كان رائعا.. اوعي تنسي يوم لما ضيعت الكتاب.. المسلسل ده ملحمة رائعة محفورة في ذاكرة كل اللي شافه مش هيقدروا يمحوك من ذاكرة الشعب كله”.

وأشارت إحدى المعلقات إلى أن إحدى المشارِكات في المسلسل تتبنى آراء معارضة ضد الانقلاب ولم تُحذف مشاهدها، قائلا: “على فكرة إيمان فريد اللي طالعة بدور بنت عبلة كامل في نفس المسلسل ضد الانقلاب وعايشة في أمريكا وفضحاهم.. بس عشان مش مشهورة واعتزلت من زمان ماحذفوش مشاهدها.. وحذف مشاهدك من مسلسل حافظينه يدل على مدى غبائهم”.

الشطب من النقابة

ونشط “واكد” وزميله الممثل خالد أبو النجا، المقيمان منذ فترة خارج البلاد خلال الفترة الأخيرة، في رفض تعديلات طرحت في البرلمان المصري بشأن تعديل الدستور في وقت سابق من هذا العام، وعبرا عن ذلك ضمن وفد مصري معارض في الكونجرس الأمريكي، وعلى إثر ذلك تم شطبهما من نقابة المهن التمثيلية في مصر، وملاحقتهما قضائيا في دعاوى مرفوعة من قبل محامين موالين للعسكر.

يذكر المشهد بما قام به التلفزيون السوري، الذي كان يحذف مقاطع الممثلين المعارضين من المسلسلات الدرامية التي يعرضها عبر شاشاته، وأبرزها مشاهد الممثلة المعارضة سلافة عويشق في المسلسل الكوميدي الشهير “هومي هون”، حيث حذفت مشاهدها حتى في قنوات “يوتيوب” تعرض المسلسل، وتتبع السفاح السوري بدورها.

وليست هذه هي أول مرة يُزيف فيها العسكر الحقائق ويتلاعب بالتاريخ، فالجيش يمارس عملية الخداع المنظم من البداية تماما، منذ انقلاب يوليو ١٩٥٢ الذي صوره الجيش على أنه ثورة شعبية، ومنذ الدعاية الناصرية من أننا على وشك “رمي إسرائيل في البحر”، وإعلام نكسة يونيو ١٩٦٧ الذي كان يبشر المصريين بأن جيشنا الباسل على مشارف تل أبيب في الوقت الذي كان فيه الإسرائيليون على بعد كيلومترات قليلة من القاهرة.

وفي حرب ١٩٧٣ التي صورها الجيش على أنها إنجاز الرئيس المخلوع حسني مبارك، متجاهلا القائد الحقيقي للمعركة، الجنرال سعد الدين الشاذلي، الذي هُضم حقه في أي اعتراف بدوره، والذي توفي في القاهرة- للمفارقة- يوم خلع مبارك عن السلطة.

وبعد ثورة يناير وعملية الخداع مستمرة، أحداث محمد محمود، وأحداث مجلس الوزراء التي تلتها في ديسمبر من نفس العام واستشهد فيها الإمام الشيخ عماد عفت، وعُريت فيها “ست البنات”، وأحداث العباسية في منتصف ٢٠١٢، وأحداث محمد محمود الثانية والتي استشهد فيها جابر صلاح “جيكا” على أيدي قوات الداخلية، في كل تلك الأحداث كان المشترك هو الدعاية التي يزيف بها الجيش ما يحدث.

وبعد أن قتل الجيش أكثر من 5000 مصري أثناء فض اعتصامات مؤيدي الرئيس الشهيد محمد مرسي، وما قبلها في المنصة وعند الحرس الجمهوري، يقيم الجيش نصبا تذكاريا في موقع المذبحة، يمثل يدين ومحجر العين، اليدان هما الجيش والشرطة يحميان الشعب المصري، نعم نصب تذكاري يمثل الجيش والشرطة يحميان المصريين في موقع المذبحة!.