تشويه المساجد.. إلى أين تتجه سعودية بن سلمان؟

- ‎فيتقارير

الدولة السعودية الحديثة قامت بتحالف يستند على سلطة دينية تشرِّع له وتجدد لنسله أحقية الملك وواجب الحكم، وبات الوضع قائمًا على تلك المعاهدة إلى أن استوعب الملك وعائلته في سبعينيات القرن الماضي أن أحوال المنطقة العربية تتغير من حوله، والسياسة العالمية كل يوم في ثوب جديد، لذلك قررت المملكة تجديد الخطاب الديني بشكل أو بآخر لتثبيت أركان الملك للعائلة، وتَسييس قوانين المملكة لما يتماشى مع العالم حين التقلب والتغيير، لا صوت ديني يعلو الآن فوق صوت علماء السلطان الآمرين بطاعة ولي الأمر الناهين عن الخروج عليه.

ومنذ تقليص ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لصلاحيات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المملكة، واستحداث هيئة الترفيه، بدأت تنتشر مظاهر كانت تعتبر من المحرمات في المجتمع السعودي، لعل آخرها كان افتتاح “ديسكو جدة” واستقدام المعنية الإباحية التي أساءت للإسلام “نيكي ميناج” لإحياء حفل في الـ18 من الشهر الجاري، وكلها مشاهد تدلل على سقوط المملكة.

تشويه المساجد

وانتشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعيّ، أثار ضجةً وغضباً واسعين، بعد قيام هيئة الترفيه السعودية التي يرأسها تركي آل الشيخ، بعرض لوحة تشكيلية مصحوبةً بموسيقى على جدران أحد مساجد المملكة، وعبّر مغرّدون سعوديون وعرب عن غضبهم من تصرفات هيئة الترفيه، وتماديها في الإساءة للدين الإسلامي، معتبرين أن ذلك ما كان ليتمّ لولا ضوء أخضر منحه بن سلمان للمسئولين عن الهيئة وفي مقدمتهم تركي آل الشيخ.

يوم 21 يونيو من عام 2017م، كان يوماً حزيناً على محمد بن نايف الذي سُلبت منه ولاية عهده للعاهل السعودي، وقد تسلمها الشاب محمد بن سلمان ولي العهد الجديد البالغ من العمر حينها 31 عامًا، ووزير دفاع المملكة السعودية، والحقيقة الدارجة أنه هو الرئيس الفعلي للمملكة نيابة عن والده الذي تخطى من العمر 82 عامًا.

ومنذ ذلك الوقت وقد بدأت المملكة مشوارها في طريق الأشواك المنقلب رأسًا على عقب مما كانت عليه، بدا على ابن سلمان وجه الاستبداد منذ البداية، فقد ولى زمن النصح علانية أو حتى سرًّا، فلا قول سوى الولاء والطاعة علنًا، واتجه نحو القضاء على ما تبقى من الوهابية المتمثلة في شيوخ الوسطية أي الصحويين.

وفي أقل من أربعة شهور من تربعه على الولاية، بدأ في اعتقال شيوخ الصحوة، فبدءًا بالداعية الأشهر سلمان العودة مرورًا بعلي العمري وعوض القرني وصولًا إلى إبراهيم الحارثي وحسن المالكي، حتى وصل عدد الدعاة والشيوخ المعتقلين قرابة 40 معتقلًا.

السراديب السوداء

وبالتوازي مع صراع الدين يأتي بطش ابن سلمان لمن هم محسوبين على صراع السلطة لديه، فنال اعتقاله العشرات من أمراء ورجال أعمال، أشهرهم الأمير تركي بن عبد الله أمير الرياض السابق، ووزير الحرس الوطني الأمير متعب بن عبد الله، ورجل الأعمال الوليد بن طلال، تحت ما سُمي تُهم الفساد الإداري وغسل الأموال التي تكافحها لجنة مكافحة الفساد التي تأسست برئاسة ولي العهد، حتى تفاقمت الأزمة وانتهت بالإفراج عن أغلبهم بعد مفاوضات أدت إلى جزية دفعها الأمراء للإفراج عنهم وتسوية الأمر.

وبدأت الرياض بتقليص دور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأسست هيئة الترفيه، لتكون المؤسسة الرائدة لاتخاذ القرارات التنويرية التي تثير جدلًا وسط المجتمع السعودي، وحتى على المستوى الديني الرسمي  فشيوخ هيئة كبار العلماء أو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المحسوبين على الفكر الوهابي لن تغفر لهم أدعيتهم لولي العهد في الحرم والقنوات التلفزيونية، بل سيلحقون إما بتيار الصحوة في السراديب السوداء أو سيخرجون من المشهد بشكل أو بآخر، ولن يبقى لابن سلمان سوى التيار المدخلي القائم منذ بدايته على تحريم الخروج على ولي الأمر ووجوب طاعته وتنفيذ ما يأمر به.