تطوران جديدان في ملف “خاشقجي”.. “بن سلمان” سيبقى مهددا لسنوات

- ‎فيعربي ودولي

ثمة تطوران مهمان للغاية في قضية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي في مقر قنصلية بلاده بإسطنبول التركية مطلع أكتوبر 2018 الماضي:

الأول يتعلق بإفادة مديرة المخابرات المركزية الأمريكية أمام مجلس الشيوخ مساء أمس الثلاثاء 04 ديسمبر 2018م.

والتطور الثاني يتعلق بتحويل أحداث مقتل خاشقجي الوحشية إلى فيلم سينمائي أو وثائقي، بالطبع سيكون مشوها للنظام السعودي وضلوع ولي العهد في هذه الجريمة المروعة وسط مخاوف من أن يمتد التناول السينمائي إلى تشويه الإسلام نفسه؛ لولا وجود تركيا التي تحول دون ذلك؛ باعتبارها أكبر دولة مسلمة وهي من فجرت القضية وجعلتها حية باستمرار بهدف الوصول إلى العدالة ومحاكمة جميع المتورطين في الجريمة.

إفادة هاسبل.. إدانة في 30 ثانية

وحول إفادة مديرة وكالة الاستخبارات المركزية “سي آي إيه”، جينا هاسبل، أمام زعماء لجان عدّة في مجلس الشيوخ الأميركي، جاءت ردود الفعل من جانب المشرعين التابعين للحزب الجمهوري الذي ينتمي له الرئيس ترامب، على إفادة هاسبل تؤكد تورط بن سلمان في الجريمة؛ حيث قال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، المقرّب من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، “ألاَ تصل إلى نتيجة مفادها أن هذا تم تدبيره وتنظيمه من قبل أشخاص تحت قيادة محمد بن سلمان، فذلك يعني أنك تغض الطرف عمداً». مؤكدا أ “لديه ثقة كبيرة”، بعد إفادة مديرة “سي آي إيه”، في أن “قتل خاشقجي ما كان ليحصل دون معرفة ولي العهد السعودي”، مضيفاً أن الأخير “ضالع في ذلك على أعلى مستوى ممكن”.

واتهم إدارة ترامب بأنها “لا تريد فيما يبدو أن تعترف بأدلة تورط ولي عهد السعودي في القتل”.
وتوعد غراهام الرياض بإجراءات عقابية منها:

أولا: أنه”لن يدعم صفقات الأسلحة للسعودية” طالما بقي الأخير في السلطة، واصفاً إياه بأنه “مهووس وخطر”.

ثانيا: أنه “سيعمل مع زملائه في مجلس الشيوخ لإرسال بيان بأن ولي العهد السعودي شريك في قتل خاشقجي”، مؤكداً وجوب “فرض عقوبات بموجب قانون ماجنتسكي على الضالعين في القتل”.

وأضاف رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، الجمهوري بوب كوركر، أنه “ليس لديه أي شك في أن ولي العهد أشرف على جريمة القتل، وكان يتم إطلاعه على الوضع طوال عملية القتل”. مشددا على أن بن سلمان متورط بقتل خاشقجي “ولو مثل أمام هيئة محلفين لأُدين خلال 30 ثانية”. مهددا بأن الكونغرس سيتحرك لو لم “يقف ترامب ويقول في الأيام القليلة المقبلة إن أميركا لا تؤيد القتل”.

وامتدت ردود الفعل حول إفادة “هاسبل” إلى الحزب الديمقراطي، حيث قال السيناتور الديمقراطي بوب مينينديز، بعد الاستماع لإفادة الاستخبارات أيضاً، إنه “ينبغي على أمريكا أن تبعث برسالة واضحة لا لبس فيها للسعوديين”، مطالبا بفرض عقوبات أعلى من المفروضة حاليا على الرياض.

في الأثناء، نقلت وكالة “رويترز” عن مصدر لم تحدّده أن إدارة الرئيس ترامب ستطلع كل أعضاء مجلس النواب على وضع السعودية يوم 13 ديسمبر المقبل. وأضافت الوكالة، نقلا عن المصدر ذاته أيضاً، أنه “من المتوقع أن تقدم هاسبل إفادة لزعماء مجلس النواب بشأن مقتل خاشقجي”، بعد أن قدّمت الإفادة الأولى لأعضاء من مجلس الشيوخ، الغرفة العليا من البرلمان الأمريكي.

 

فيلم سينمائي أو وثائقي

أما التطور الثاني، الذي سيبقي جريمة اغتيال خاشقخي حية للأبد وتهدد “بن سلمان” لسنوات كثيرة قادمة، فهو تحويل الجريمة الوحشية إلى فيلم سينمائي؛ وبحسب صحيفة Sabah التركية، وصل الممثل الأميركي “شون بن” إلى الأراضي التركية وبدأ بإجراء لقاءات مع المسؤولين فيها.

وذكرت الصحيفة في خبرها الذي نقلته عن موقع Ayaklıgazete الإلكتروني، أن الممثل الحائز على الأوسكار، أكد أنه يريد أن يُسمِع حقيقة مقتل خاشقجي للعالم كله. وقد بدأ الممثل الهوليوودي مقابلاته مع المسؤولين الأتراك، ومن المقرر أن يلتقي بخطيبة خاشقجي. كما يخطط لإجراء العديد من المقابلات الاجتماعات مع أسماء أخرى.

ويخطط “شون بن” لاستخدام الصور والمحتوى المرئي الذي سيجمعه خلال زيارته، لتحويل قصة مقتل خاشقجي إلى فيلم وثائقي أو سينمائي. كما أكد شون بن أنه سيعرض المحتوى المرئي الذي سيجمعه خلال الزيارة على الرأي العام في أسرع وقت ممكن. ومن المنتظر أن يغادر ممثل هوليوود إسطنبول متوجهاً إلى أنقرة خلال الأيام القليلة المقبلة. ونقلت الصحيفة عن شون بن قوله أنه مستعد لتقديم جميع أشكال التعاون مع المسؤولين الأتراك، لينقل للعالم كله حقيقة ما حدث مع خاشقجي داخل سفارة بلاده، وعبر عن سعادته بالقيام بمثل هذا العمل.

ابتزاز متواصل

وحول مآلات جريمة اغتيال خاشقي على مستقبل نظام الحكم السعودي وعلاقته بالغرب عموما، فالأرجح أن القضية ستبقى معلقة؛ لأن مصالح الغرب تكمن في هذا التعليق بهدف ابتزاز المملكة باستمرار ما دام “بن سلمان” وليا للعهد أو حتى لو صار “وريثا للعرش”.

فوضع حد لنهاية بن سلمان سريعا يعني نهاية الابتزازات الغربية للسعودية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التي تتعامل مع الرياض على أنها “بقرة حلوب” تدر المليارات على واشنطن كلما لزم الأمر؛ ولعل هذا ما يفسر ما يمكن تسميته بتوزيع الأدوار داخل مؤسسات الحكم الأمريكية.

ففي الوقت الذي يدافع فيه البيت الأبيض باستماتة عن ولي العهد السعودي من أجل ضمان المصالح الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة وعبر عن ذلك صراحة وعارض ما انتهى إليه تقييم المخابرات المركزية الأمريكية في هذا الشأن نجد أن مؤسسات التشريع الأمريكية تتعامل باحترام واسع مع تقييم “السي آي إيه” بما يضمن لدونالد ترامب فرصة أكبر لابتزاز الرياض على اعتباره يواجه ضغوطا شديدة من جانب المشرعين من جهة والإعلام الأمريكي من جهة ثانية وهو ما يستلزم معه أن تدفع الرياض باستمرار حتى تضمن دعم الرئيس الأمريكي وإدارة البيت الأبيض.