تغييب وعي المصريين عن الكوارث.. استراتيجية عسكر السيسي

- ‎فيتقارير

كشفت الوثائق التي نشرها موقع “الجزيرة نت” عن كيفية تعاطي العسكر الذين حولهم السيسي عن مهامهم الحقيقة في الدفاع عن مصر إلى الحرب ضد المصريين وتجهيلهم وقتلهم ومنع من يصرخ او حتى يشتكي او ينقل الأحداث إلى الآخرين.

وأكدت الوثائق أن تلك الطريقة هي التي جربها جمال عبد النصر في ستينات القرن الماضي، بتأميم الإعلام وجعله منبرا واحدا لا يعبر إلا عن شخص الحاكم بامره فقط، وهو ما افرز ظاهرة الاعلامي احمد سعيد الذي غيب المصريين بصوته الحنجوري ، كاذبا عليهم في حرب وانتكاسة 1967 ، بان الجيش المصري على اعتاب تل ابيب، ليتفاجأ المصريون بان الطيران المصري تم تدميره في حظائره على الأرض.

والغريب ان السيسي في حديثه عن الاعلام تمنى مرارا ان يكون لديه اعلام كاعلام عبد الناصر، اعلام النكسة، وهو ما انطلق في تطبيقه عبر شراء الابواق الاعلامية عبر شركات وشخصيات عسكرية وتصفية وسائل الاعلام الخاصة وحرب من يتمسك باستقلالية الاعلام كما يجري مع جريدة “المصري اليوم”.

كل ذلك من اجل تغييب وعي المصريين وجعلهم لا يجدون معلومة سوى التي يوجهها العسكر عبر اعلامه العسكري….فلا معلومة تذاع الا عبر جهاز سامسونج يعمم المعلومات من مكتب عباس كامل، كما جرى في فضيحة قناة اكسترا نيوز، واذاعت المذيعة نبا وفاة الرئيس محمد مرسي، كما وصلها عبر المخابرات.

وثائق الجزيرة

وتكشف الوثائق التي حصلت عليها “الجزيرة نت” طبيعة تعامل الجيش المصري مع وسائل الإعلام وكيف يوظفه للدعاية لصالحه. وحصل الموقع على عدد من التقارير الإعلامية التي يصدرها المركز الإعلامي العسكري في إدارة الشؤون المعنوية بوزارة الدفاع.

وتكشف التقارير آليات التوجيه المباشر للقنوات الفضائية والرقابة على وسائل الإعلام المحلية في مصر، إضافة إلى تحليل أبرز المواقع الإلكترونية الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي، والقنوات التلفزيونية، على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.

وكشفت التقارير التي يعود تاريخها إلى الفترة بين عامي 2016 و2017، استخدام الجيش وسائل إعلامية لمتابعة اتجاهات الرأي العام وأداء القنوات المؤيدة والمعارضة. كما يعترف الجيش في بعض القضايا بتمكن وسائل الإعلام المعارضة من التأثير على الرأي العام وخاصة في وسائل التواصل الاجتماعي، ويقترح الوسائل لمواجهة ذلك التفوق.

كما تقدم التقارير ملخصات من الرصد اليومي للصحافة الإقليمية والعالمية، ونقل مقتطفات تتحدث عن مصر في مختلف وسائل الإعلام، إلا أنها تهتم أكثر برصد الأداء الإعلامي البريطاني والأميركي والإسرائيلي تجاه مصر والشرق الأوسط عموما.

وتظهر التقارير تحسسا شديدا لدى إدارة الشؤون المعنوية من الأفكار المتداولة عبر الإعلام الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي، وفي أكثر من مرة يتم التحذير من رواج دعوات لمناهضة النظام.

ولا تكتفي التقارير بعملية الرصد فقط، وإنما تقدم أيضا مؤشرات بيانية من واقع التغطية الإعلامية للقنوات المحلية المصرية، تحتوي اسم القناة والبرنامج، والمذيع، والمدة التي استغرقها النقاش، وتعطي تقييما لتوجه التغطية بشكل عام هل كان سلبيا أو إيجابيا؟ وهل كانت محايدة تجاه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي والقوات المسلحة وحكومة الانقلاب.

وتشمل عمليات الرصد التي تتحدث عنها التقارير جميع القنوات، بما فيها المحسوبة على المعارضة، التي تمكنت -رغم الحظر والتشويه- من التأثير على الرأي العام باعتراف هذه التقارير.

ومن الأمثلة التي عرضتها التقارير لتأثير وسائل الإعلام المعارضة، ما رصده تقرير يوم السبت 22 أبريل 2017 من استحواذ فيديو بعنوان “تسريب سيناء” نشرته قناة “مكملين” الفضائية على المرتبة الأولى في القضايا التي تناولها رواد وسائل التواصل الاجتماعي في مصر بنسبة تكرار بلغت 2.244 مليون تكرار تشكل 41.5% مما تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي في ذلك اليوم.

كيفية المواجهة

وكانت قناة “مكملين” قد نشرت تسريبا لإعدام طفل في شمال سيناء على يد قوات من الجيش المصري ومعاونين قبليين محليين، وأثار ردود فعل واسعة بسبب العنف المفرط والتصفية خارج إطار القانون للأشخاص الذين ظهروا في الفيديو، ومن بينهم طفل من قرية الماسورة في رفح جرى تصفيته جسديا.

وفي مواجهة هذا الفيديو وما أثاره من تداعيات، كشف التقرير أنه تم توجيه وسائل الإعلام التابعة للنظام نحو التركيز على ما سماها “نقاطا إيجابية” للرد على فيديو “تسريب سيناء“.

وبشأن طبيعة “النقاط الإيجابية” التي مررت من خلال وسائل الإعلام، أشار التقرير إلى أنه تم التركيز على رفع وعي المواطنين بمحاولة ما أسماها التقرير “وسائل الإعلام الإخوانية” إحداث وقيعة بين القوات المسلحة وأهالي سيناء عبر نشر قناة “مكملين” فيديو بعنوان “تسريب سيناء” الذي سعى -وفقا للتقرير- إلى إعطاء انطباع بأن عناصر إنفاذ القانون من قوات الجيش والشرطة تستهدف أهالي سيناء وتصفّيهم دون محاكمة.

والغريب ان اذرع العسكر لا ترى في واقعة القتل اي غصاصة بل تجعل مشكلتها الاساسية والتي تستوجب التحرك هو تغييب الوعي، فبدلا من محاسبة المخطئين وقاتلي اطفال سيناء ينصب الاهتمام على مواجهة ما ينشره الاعلام المعارض فقط..

وهو ما يعني استباحة دماء الشعب المصري وقتلهم خارج اطار القانون بلا محاسبة…وهو نفس ما كان يحصل في عهد عبد الناصر، حتى وصلنا الى نكسة يونيو. وهو امر ليس بعيدا عن مصر بعهد السيسي.

رعب السوشيال

ورصد التقرير ذاته أبرز الانتقادات التي حفلت بها وسائل الإعلام ضد سياسات النظام، وتمثلت في “اعتراض بعض أهالي بورسعيد على الشروط الجديدة للإسكان الاجتماعي، وزيادة مبالغ التعاقدات مع البنك، فضلا عما وصفته باستغلال البعض -وعلى رأسهم “جماعة الإخوان  للأزمات الراهنة بالتحريض على التظاهر ضد نظام الحكم”.

وتظهر التقارير تحسسا شديدا لدى إدارة الشؤون المعنوية من الأفكار المتداولة عبر الإعلام الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي، وفي أكثر من مرة يتم التحذير من رواج دعوات لمناهضة النظام.

الإعلام الخارجي

لا تقتصر المتابعة والرصد على ما يبث وينشر في وسائل الإعلام المحلية، بل يشمل وسائل الإعلام الإقليمية والدولية، حيث تقدم التقارير ملخصات من الرصد اليومي للصحافة والعالمية، وتنتقي مقتطفات تتحدث عن مصر في مختلف وسائل الإعلام مثل فايننشال تايمز، وموقع ميدل إيست آي، وموقع ميدل إيست مونيتور، وصحيفة واشنطن بوست الأمريكية، وموقع ديلي تايمز الأمريكي، ووكالة الأنباء القطرية وغيرها، بيد أنها تهتم أكثر برصد ما يرد في الإعلام البريطاني والأميركي والإسرائيلي تجاه مصر والشرق الأوسط.

وفي هذا السياق يورد تقرير الخميس 20 أكتوبر 2016 ما كتبته “فايننشال تايمز” عن محاولة الحكومة المصرية إقناع الشعب بمزايا الإصلاح الاقتصادي في حين أنها تحضر لقرارات ستؤدي إلى صدمات وشيكة في الأسعار، ضمن إطار سعيها لإتمام الحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.

ونقل التقرير عن الصحيفة قولها إن المصريين -الذين تحملوا ارتفاع قيمة الضريبة المضافة- يستعدون لزيادة أخرى في الأسعار، حيث يتنبأ المحللون بخفض قيمة الجنيه قريبا وقطع الدعم عن الوقود، وهما الإجراءان اللذان شددت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد على تطبيقهما قبل إتمام صفقة القرض.

وأوضحت الصحيفة أن ما تُقدِم عليه الحكومة المصرية مخاطرة كبيرة كانت تحاول أن تتفادها، إلا أنه لم يعد أمامها الآن مجال للمناورة، فهي بحاجة ماسة إلى معالجة نقص الدولار واستعادة ثقة المستثمرين. وبحسب الصندوق فإنه يُتوقع أن تزيد هذه الإجراءات من حجم التضخم إلى 17 أو 18%.

وتضيف التقارير المسربة مزيدا من الأدلة حول دور إدارة الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة في توجيه الإعلام خلال الفترة التي تلت الانقلاب العسكري يوم 3 يوليو013.

وكان السيسي قد ظهر في تسريب بالفيديو يعود إلى فترة ما قبل انقلاب 2013، يتحدث فيه عن تكوين “أذرع إعلامية” يمكن توجيهها والتأثير عليها لصالح ما يريد الجيش المصري توجيه الرأي العام إليه.

وهكذا ترى ادارة السيسي واذرعه المصريين مجرد كائنات يجوز الضحك عليها وتغييب وعيها كي تستقر اوضاع البلاد الامنية والسياسية لصالح بقاء العسكر في الحكم. فيما خلت لتسريبات من اية انتقادات لممارسات العدو الصهيوني الذي بات صديقا حميميا للسيسي .

كما لم تصدر توجيهات من قبل المؤسسة العسكرية بالتحفيف عن المصريين او العمل على تحقيق اية امال او  مطالب لهم، وذلك لتيقن العسكر ان الشعب المصري لا ينفع معه سوى العصا وهو ما يمارس بقوة ضد كل من يحاول التعبير عن رايه.