ثلاث دلالات لحضور رئيس أركان “القسام” للقاهرة

- ‎فيتقارير

 ..أحكام القضاء "مسيسة" وتبادل سجناء وأسرى قريبًا

كتب– كريم محمد:

 

قبل حوالي ساعة من غلق معبر رفح مساء الثلاثاء الماضي، حضر وفد أمني رفيع في موكب عربات ومر من قطاع غزة عبر معبر رفح البري إلى مصر، ليبدأ رحلة بحث تفاصيل الملفات الأمنية التي ناقشها وفد الحركة السياسي الذي زار مصر الشهر الماضي بقيادة إسماعيل هنية نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، وعضوي المكتب موسى أبو مرزوق، وروحي مشتهي.

 

الوفد الامني الحمساوي، أعلن رسميا من قبل الحركة أنه يقوده اللواء توفيق أبو نعيم، مسؤول قوى الأمن في غزة، ولكن مصادر في الحركة، وهو ما اكدته صحيفة "الشروق" أيضا، كشفوا أن رئيس أركان كتائب عز الدين القسام "مروان عيسى" هو الذي يقود وفد حماس الأمني، ما يؤكد أن المفاوضات تتناول تبادل الاسري بين الصهاينة والمقاومة الاسلامية.

 

ويضم وفد حركة حماس الأمني الذي يزور القاهرة حاليا، يضم كلاًّ من القائد الميداني مروان عيسى عضو المكتب السياسى للحركة والمعروف بأنه رئيس أركان كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكرى للحركة، وتوفيق أبو نعيم وكيل وزارة الداخلية فى قطاع غزة، وصلاح أبو شرخ أحد القيادات الأمنية فى القطاع.

 

القسام "الإرهابية" تلتقي المخابرات المصرية!

ويشير حضور رئيس أركان حماس للقاهرة إلى ثلاثة حقائق:

 

(الأولى): أن الأحكام التي أصدرتها محاكم مصرية ضد حماس وكتائب القسام واعتبرتها "إرهابية" هي أحكام سياسية، تظهر أن جزءًا من القضاء المصري، وخاصة محاكم الأمور المستعجلة (غير المختصة بنظر هذه الدعاوى) مسيس، بدليل أنه عقب الحكم في يناير 2015 بحظر كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، وإدراجها كـ "جماعة إرهابية"، جرى إبطال هذا الحكم لاحقا.

 

(ثانيا): أن هناك قضايا أمنية ملحة سوف يتم بحثها بعمق بين المسئولين الأمنيين المصريين وحماس، منها مطالب مصرية بتسليم مطلوبين من غزة، رفضت حماس رسميًّا تسلميهم، و4 من شباب حماس تم خطفهم في سيناء عقب مرورهم من معبر رفح أغسطس 2015، واتهمت حماس مصر بخطفهم للضغط عليها لتسليم مطلوبين، وبثت قناة الجزيرة فيديو يبين أنهم معتقلون في جهاز أمني مصري.

 

(ثالثا): وصول شخصيات مثل رئيس أركان كتائب القسام مروان عيسى قد يعنى التطرق إلى مناقشة ملف الأسرى الإسرائيليين لدى حماس منذ عدوان إسرائيل على القطاع فى شتاء عام 2012، إذ قاد عيسى، رئيس أركان "القسام" مفاوضات سابقة مع الأجهزة الأمنية المصرية فى 2011 باعتباره المسئول عن ملف الأسير السابق لدى حماس جلعاد شاليط.

 

ويعد عيسى أحد قيادات "القسام" الأبرز المطلوبين على قوائم الاغتيالات الإسرائيلية، منذ الحرب الأخيرة على قطاع غزة، بعد توليه مركزًا متقدمًا في المجلس العسكرى للكتائب عقب اغتيال القياديين القساميين رائد العطار ومحمد أبو شمالة، فى قصف لموقعهما بمنطقة رفح الفلسطينية خلال الحرب الأخيرة.

 

وكانت كتائب القسام الجناح العسكري لحماس قد عرضت فس أبريل 2016 صور أربعة جنود إسرائيليين قالت إنهم أسرى لديها، وأكدت أنها لن تكشف أي معلومات عنهم من دون مقابل.

 

ملفات مصرية حمساوية معلقة

وهناك نوعان من الملفات يبحثهما وفد حماس مع المسئولين الأمنيين المصريين (الأول): روتيني يشمل مسائل ضبط الحدود المشتركة لمنع تسلل العناصر الإرهابية بين سيناء وغزة، وهو هدف مشترك لمصر وحماس ضد مقاتلي داعش والتيارات السلفية الجهادية، وترتيب الأوضاع المتعلقة بالإجراءات الأمنية في معبر رفح البري.

 

أما الملف (الثاني) الذي يشمل مسائل عالقة فيتضمن مطالب مصرية من حماس بتسليم ما تقول القاهرة إنهم "مطلوبون" بعضهم من حماس في قضايا تنظرها المحاكم المصرية ضد قيادات جماعة الاخوان، وبعضهم من تيارات سلفية، فيما تطالب حماس بالمقابل بإطلاق سراح 4 من شباب الحركة اعتقلتهم مصر عقب عبروهم معبر رفح.

 

وكان موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" قد كشف منذ ايام لبوابة الأهرام، تسلم الحركة كشوفات من الجهات الأمنية المصرية لمطلوبين في قطاع غزة، قائلا: "تسليمهم أمر غير وارد، وقال: "سيلتقي مسؤولون أمنيون من قطاع غزة مع المصريين لتوضيح كل حالة من هذه الأسماء على حدة"، وهو ما يفعله الوفد الأمني حاليا.

 

 وجاءت تصريحات "ابو مرزوق" عقب زيارة وفدها إلى القاهرة الذي قاده نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، بمشاركة كل من القياديين موسى أبو مرزوق وروحي مشتهي يناير الماضي 2017.

 

وأكد الوفد خلال زيارته للقاهرة أنه جرى الاتفاق مع رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء خالد فوزي على استمرار اللقاءات والتشاور المشترك.

 

وقال هنية في تصريح للصحفيين إن العلاقة مع مصر ستشهد نقلة نوعية وإيجابية ستظهر نتائجها في الأيام القادمة.

 

سر المصالحة المفاجئة 

وأثار التحسن المفاجئ في العلاقات بين القاهرة وحماس، بعد أكثر من 3 سنوات من الصدام، وربط الحركة بجماعة الإخوان التي يكنُّ لها النظام الحالي عداءً شديدًا ونفذ مجازر واعتقالات عديدة ضدها، تساؤلات عن سر المصالحة المفاجئة.

 

وشهدت العلاقة بين القاهرة وحماس توترًا شديدًا عقب الانقلاب على الرئيس محمد مرسي وتوجيه بعض قنوات الإعلام في مصر أصابع الاتهام إلى أفراد من قطاع غزة بالعبث في الأمن المصري، وإصدار محاكم مصرية أحكامًا تتهم حماس وكتائب القسام بـ"الإرهاب"، قبل إلغائها لاحقًا.

 

وكان مصدر دبلوماسي مصري ذكر قبل وصول وفود حماس السياسية ثم الأمنية، للقاهرة، أن اتصالات مهمة تجرى منذ قرابة شهرين بين القاهرة وحركة حماس، بعد فترة فتور، قد ينتج عنها تعامل مصري جديد مع غزة وحماس التي تحكم القطاع.

 

وتحدث عما أسماها "سياسة جديدة"، في التعامل مع شعب غزة والسلطة التي تحكمه، بعد طول مقاطعة، بعدما استجابت حماس لمطالب أمنية مصرية، وزيادة فترات فتح معبر رفح، وعقد مؤتمرين في مدينة العين السخنة، حضرهما فلسطينيون من غزة، ولقاءات قريبة مع قيادات حمساوية.

 

وقال القيادي في حركة حماس، وأحد المرشحين لتولي رئاسة المكتب السياسي لحماس "د. موسى أبو مرزوق"، الذي زار القاهرة، عدة مرات إن "اللقاءات شهدت هناك نوايا وإجراءات طيبة على طريق تطوير العلاقات".

 

وأوضح "أبو مرزوق" أنه ناقش، على مستوي غزة، ملف معبر رفح وتطويره وفتحه بشكل متطور كمعبر للأفراد والتجارة، "لربط اقتصاد غزة بمصر"، وأيضًا ملف أمن الحدود.

 

وعلى المستوي الفلسطينية، جري بحث مستقبل القضية الفلسطينية بعد التطورات الدولية ومجيء "ترامب".

 

وعن المصالحة الفلسطينية وعودة الدور المصري فيها، قال الدكتور أبو مرزوق، إنه بحث مع المسئولين المصريين، تفاصيل لقاءات المصالحة الاخيرة في الدوحة وسويسرا، ولقاء برلمان رام الله الذي ترفضه حماس تحت راية الاحتلال.

 

وأكد على أهمية تفعيل "اتفاقية القاهرة" الموقعة مارس 2005 بشأن تجديد مؤسسات وهيئات منظمة التحرير الفلسطينية ودخول كل الفصائل فيها.

 

وأكدت مصادر فلسطينية ومصرية أن سبب التحسن في العلاقات يعود لأن مصر تتجه لإعادة تقييم للعلاقات مع غزة بشكل عام، وتري انه بعد اغلاق الانفاق وحصار غزة لفترة طويلة، وتعاون حماس مع مطالب مصر الأمنية، من المهم الانفتاح على شعب غزة والتعامل بشكل مختلف مع قيادة القطاع، للتخفيف عن الناس هناك والقبول بالأمر الواقع الذي يشير لأن فكرة مصالحة فلسطينية كاملة وتغيير شامل بين فتح وحماس لن يحدث.

 

وقالت أن مصر شعرت انها هي التي تخسر من عدم حدوث المصالحة الفلسطينية لأنه أصبح بينها وبين اهل غزة خصام متزايد وأصبح بالتالي التشدد في العلاقات تجاه غزة وحماس يحتاج لإعادة نظر، وإن كان الوقت لا يزال مبكر لعلاقات كاملة وتحسن كامل.

 

وأرجع المحلل السياسي الفلسطيني "شرحبيل الغريب"، هذا التحسن المفاجئ بين القاهرة وحماس الي "مصالح مشتركة وظروف الواقع"، قال إنها "فرضت على الطرفين التقارب".

 

وأشار إلى أن "الخلافات العقدية والأيديولوجية بين الجانبين كبيرة، ولا يمكن حلها بهذه الطريقة، ولكن المصالح المشتركة بين الطرفين هي اللاعب الأساسي في هذا التقارب وفتح صفحة جديدة من العلاقات بينهما".

 

ومع هذا يؤكد المحلل السياسي الفلسطيني أن "كل ما يجري ليس كافيا حول الحديث عن رؤية جديدة وتقارب رغم المؤشرات الايجابية، والعبرة بمدى تحقق مصالحهما المتبادلة بفتح معبر رفح بصورة دائمة، وحفظ أمن سيناء من جهة غزة وحماس".