ثورة الياسمين بطل الانتخابات التونسية.. و”الثورة المضادة” جاءت بالسيسي

- ‎فيتقارير

القراءة الأولية لنتائج الانتخابات التونسية، تستنتج مشهدًا سياسيًا وإعلاميًا في وسط مناخ من الحريات، تحققت فيه رغبة الشعب في إزاحة السياسيين ورموز المقاربة الحكومية بين العلمانيين والإسلاميين بناء تونس والنهضة، واختيار "المستقلين"، وذلك بعنوان عريض "تونس تنتخب رئيسا للجمهورية في ثاني انتخابات رئاسية بعد الثورة".

ووضعت اليوم منافسة جديدة، بعدما أعلنت الهيئة العليا التونسية للانتخابات فوز قيس سعيد ونبيل القروي وتأهلهما للدورة الثانية للانتخابات الرئاسية، بعد حصول قيس سعيد أستاذ القانون الدستوري على 18.40% من الأصوات، وحصول نبيل القروي على 15.6% من الأصوات، فيما حلّ مرشح النهضة عبد الفتاح مورو ثالثا بعد حصوله على 12.9٪ من الأصوات.

وعلى عكس حالة الصراخ والعويل التي شنتها وسائل إعلام الانقلاب ومخابرات السيسي، ضد فوز الحرية والعدالة التركي ومن قبله فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حتى وصلت لاتهامات بتزوير الانتخابات، وأبطال العدوان الإعلامي أسماء منها موسى وأديب وبكري وأمين وغيرهم.

ظهروا مجددا ليعتبروا نتائج الانتخابات التونسية أكثر تعبيرا عن تراجع تيار الإسلاميين والإخوان تحديدا، وغلبة تيار العلمانيين، ساندهم في ذلك مواقع وصحف وفضائيات الإمارات والسعودية (تحالف الثورة المضادة).

رغم أن قيادات وأنصار حزب النهضة التونسي (الإخوان المسلمون) كان من الممكن أن يتقدموا بعد تغلب مرشحهم على نحو 24 مرشحا آخرين من كان منهم مع الثورة أو في معسكر الإسلاميين فتت أصوات التيار الثوري ليتوزع على ثلاثة بينهم الرئيس السابق المنصف المرزوقي وأمين حزب النهضة السابق الجبالي. أما غالبية الشعب فكانت مع المرشح المعتدل والقريب من الإسلاميين قيس سعيد أحد أبرز الوجوه في ثورة  الياسمين 2011، يقابله تحالف السلطة والمال المتمثل في القروي الذي ربح أصواته بحيل "التلميع السياسي" بالاعتقال بادعاءات غير مبررة، أو من خلال القناة التونسية "نسمة" التي يملكها، وبعض الصحف والمواقع التي خدمت على دعايته واتهمت الإسلاميين بحبسه ومحاربته كرجل أعمال.

يتوقع المراقبون أن تذهب النسبة التي حصل عليها عبدالفتاح مورو ثالث الفائزين في السابق الرئاسي التونسي وهي نحو 13% لصالح قيس سعيد، بل وتزيد توقعاتهم بأن تعلن النهضة مؤزارتها له بشكل مباشر ببيان يسبق الجولة الثانية من الانتخابات أو يدعموه بشكل غير مباشر بالدعاية القاعدية لحزب النهضة (التربيط الانتخابي).

هزليات السيسي

وبمقارنة ما حدث في تونس وما يحدث في مصر في ظل الإنقلاب العسكري، تحليل نشرته "وول ستريت جورنال" الأمريكية قائلة: إن السيسي فاز بفترة رئاسية ثانية في مارس 2018، بنسبة 97٪ من الأصوات، ولم يواجه سوى منافس رمزي بعد أن تم سجن أي مرشح معارض ذي مصداقية أو عزله من السباق. في العالم العربي، يشكل استمرار السيسي مثالاً على الأنظمة التي تستعيد نشاطها والتي تزعم باستمرار النصر على القوى التي أطلقها الربيع العربي عام 2011.

وفي أبريل التالي للانتخابات علق صحيفة “الجارديان” البريطانية في افتتاحيتها على المسرحية، معتبرة أن بقاء السفيه يقود مصر إلى ثورة جديدة.

وقالت الصحيفة إن "انتخاب" السيسي خدعة خطيرة لافتقاره الشرعية، مما يساعد على تعزيز الظروف التي يزدهر فيها الاحتقان الشعبي، حيث تواجه مصر بالفعل سخطًا شعبيًّا عارمًا جراء الانهيار الاقتصادي والقمع والانتهاكات، بينما لا تقدم سياسات السفيه السيسي حلولا للقضاء على هذا الخطر.

أما "فرانس برس" فكان رهانها موفقا عندما توقعت خسارة السيسي مشاركة الشعب في مسرحية "الانتخابات"، ففي تقرير لها في مارس 2018، أكدت عزوف الجماهير عن المشاركة، سيما وأن المنافسة فيها محسومة للسيسي أمام مرشح آخر مؤيد له!

أرقام المشاركة

وقالت "سيجما كونساي"، لاستطلاعات الرأي، إنه وفقا للهيئة العليا المستقلّة للانتخابات فإنّ نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسيّة التونسيّة التي جرت الأحد 15 سبتمبر بلغت 45.02%، وقال رئيس الهيئة نبيل بفون، في مؤتمر صحفي: إنّ "النسبة مقبولة وكنّا نأمل أن تكون أكبر".

غير أن نسبة المشاركين في مسرحية "انتخابات" السيسي 2018 كانت نحو 3.2% عنها في 2014 إذ بلغت 7.9% على الأكثر حيث كشفت المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام “تكامل مصر”، في 27 مارس 2018 في دراسة حول مسرحية انتخابات السيسي المزعومة، عن عزوف ما يقرب من ٩٨% من المصريين عن المشاركة في مسرحية انتخابات السيسي.

وكان المركز قد أجرى دراسة ميدانية أيام ١٣ إلى ١٨ مارس 2018، وتم استخراج وتحليل النتائج تحت مستوى ثقة ٩٥٪ على عينة قدرها (١١٣١٤) مفردة مسحوبة من جميع محافظات مصر بشكل نسبي، باستخدام أسلوب المعاينة متعددة الطبقات العشوائية، وتم استخراج النتائج باستخدام “التحليل العاملي".

حتى إن نسبة المؤيدين للسيسي من المصوتين تضاءلت بشكل كبير حيث ذكر "تكامل مصر" أن الدراسة أظهرت انخفاض قيمة تأييد المنقلب عبد الفتاح السيسي كسبب من أسباب المشاركة في الانتخابات من 83% في مسرحية 2014، إلى 36% من مسرحية 2018.