حتى الموتى يعانون في عهد السيسي.. أسعار الأكفان والمقابر نار

- ‎فيأخبار

 كتب: يونس حمزاوي
المصري يعاني من الغلاء الفاحش حيا وميتا، فنيران الأسعار تمتد ألسنتها لتُلهب الجميع أحياء وأمواتا؛ وذلك على خلفية الارتفاع الجنوني في أسعار المقابر والأكفان وتجهيزات الغسل والدفن.

فأسعار المقابر بلغت مستويات جنونية تقترب أو تزيد عن أسعار الوحدات السكنية، كما تضاعفت أسعار تجهيزات دفن الميت، من استخراج شهادة الوفاة، مرورا بشراء الكفن، ثم الغسل والدفن، وما يصاحب ذلك من إكراميات تفوق طاقة معظم المصريين، الذين باتوا تحت خط الفقر بعد قرارات 3 نوفمبر الكارثية بتعويم الجنيه، الذي غرق حتى النخاع، وباتت أخباره في صفحة الوفيات.

250 ألف جنيه ثمن المقبرة!

تبدأ أسعار المقابر، بحسب سماسرة، من 80 ألف جنيه للمقبرة على مساحة 21 مترا، وتصل حتى 250 ألف جنيه، ما يعكس ارتفاعا فى أسعار المقابر التى باتت تنافس أسعار الوحدات السكنية المخصصة لمحدودى ومتوسطى الدخل، وتتجاوزها فى بعض المناطق والمدن.

وتعتبر مقابر مدينة 6 أكتوبر ضمن شريحة الأسعار المتوسطة، وتأتى مقابر مايو بحلوان ضمن فئة الأقل سعرا، فتبدأ من 50 ألف جنيه للمقبرة، بينما ترتفع الأسعار فى مقابر البساتين بالمعادى؛ فتبدأ من 250 ألف جنيه، وتتصدر قائمة الأسعار مقابر الوفاء والأمل الشهيرة بمدينة نصر، حيث تبدأ أسعارها من 350 ألف جنيه لمقبرة على مساحة 21 مترا، و500 ألف جنيه لمساحة 40 مترا، و«ممكن توصل من 800 ألف جنيه لمليون جنيه» بحسب محمد توفيق، الذى يعمل فى مجال مقاولات المقابر منذ 15 عاما، في تصريحات له لصحيفة الوطن.

وارتفعت أسعار المقابر لأسباب عديدة، منها ارتفاع تكاليف البناء والعمالة، وكذلك الموقع الجغرافى للمقبرة الذى يؤثر فى تحديد سعرها.

ويؤكد محمد أن الإقبال على شراء المقابر تراجع خلال العام الحالى مقارنة بالأعوام السابقة، فيقول: «كنت ببيع فى الشهر الواحد 4 مدافن فى المتوسط، وساعات أكتر، دلوقتى ببيع لنص زبون فى الشهر الواحد، يعنى بمعدل مدفن كل شهرين، تقريبا الأسعار وتكاليف المعيشة خلت الناس يا دوب عايشين، مايقدروش على تكاليف الموت».

والأكفان مولعة قبل حساب الملائكة

أما أوراق ورسوم ودمغات وإكراميات الوفاة فتبدأ من شهادة الوفاة حتى غلق المقبرة على المتوفى، كل خطوة من هذه الخطوات لها تسعيرتها التى ارتفعت على مدر السنوات والأشهر الأخيرة.

الخطوة الأولى، تبدأ بالتوجه إلى مكتب الصحة للحصول على تصريح بالدفن، ومكتب السجل المدنى للحصول على شهادة وفاة، فرغم أن المقابل المادى المنصوص عليه ضئيل، هو جنيه واحد لتصريح الدفن، و10 جنيهات لشهادة الوفاة، إلا أن الإكراميات التى يضطر أهل المتوفى لدفعها لأحد الموظفين لسرعة إنجاز الأوراق، تفوق ذلك بأضعاف كثيرة.

وحول الخطوة الثانية بعد شهادة الوفاة، يكشف عبداللطيف الشرنوبي، أحد تجار القماش فى حى الغورية بالأزهر، أن أسعار الأكفان ارتفعت بصورة كبيرة: «الكفن المصنوع من الحرير، و7 أطباق فوق بعضهم، ده بيعمل من 1200 إلى 1500 جنيه، أغلى من بدلة عريس».

ويؤكد الشرنوبي، في تصريحات صحفية، أن الأسعار تضاعفت عن السنوات الماضية، والعديد من الزبائن أصبحوا كل ما يهمهم الأقل تكلفة، باستثناء زبائن قليلين يهتمون بنوعية الكفن وجودته: «اللى عامل حسابه فى 150 أو 200 جنيه يادوب بيجيب بيهم حاجة تغطى المتوفى، لكن عشان يختار كفن بجودة حلوة وقيمته عالية هيدفع أكتر من كده الضعف».

والخطوة الثالثة هي عملية التسغيل، فأجرة المُغسل تتراوح بين 150 و300 جنيه، إضافة إلى بعض المستلزمات التى يحتاجها مثل الروائح التى يضعها على الميت والصابون والقطن «فيه مُغسل بياخد 150 جنيه، وفيه واحد تانى بياخد 200 و300، بتفرق حسب المكان وطبيعة الأهل.

ويوضح محمود حسين، الذى يرأس قسم خدمة دفن الموتى بإحدى الجمعيات الشرعية، أن هناك إكرامية بخلاف أجرة التغسيل يقدرها أحد أقارب الميت من الدرجة الأولى، يتم دفعها إلى المُغسل، لافتا إلى أن «الأجر قد يتنازل عنه المغسل، لكن الإكرامية هناك عرف بدفعها حتى لو كانت مجرد 50 جنيها، وهى نوع من الصدقة على روح المتوفى».

ويضيف «حسين» أنه ضمن التكاليف التى يتحملها أهالى المتوفى هى تأجير سيارة نقل الموتى التى تتراوح قيمتها بين 200 و500 جنيه حسب المسافة التى تقطعها السيارة ومكان المقابر.

الخطوة الأخيرة هى دفن الميت، التى يتقاضى عنها "التُربى" عليها 150 جنيها، وقد يرتفع إلى 500 جنيه، فــبحسب حسين «أسعار الترابية زادت جدا الفترة الأخيرة، وبقى كل تربى مشغل معاه اتنين وتلاتة مساعدين، وكلهم عايزين أجرتهم، وطبعا ده بيزود التكاليف على أسر المتوفى، خاصة محدودى الحال منهم».