دراسة: مصر تخسر 10 مليارات دولار إن لم يغير الانقلاب انحيازه للثورة المضادة في ليبيا

- ‎فيتقارير

قالت دراسة، إن مصر كانت تتلقى قرابة 30 مليار دولار سنويا من تحويلات عمالتها التي تقارب 10 ملايين وفقا للبيانات الرسمية، وأننا بصدد تحويلات محتملة من ليبيا خسرتها مصر تزيد على 10 مليارات دولار سنويا، تفوق بكثير ما تحصل عليه مصر من تحويلات وقروض ومنح من دولة الإمارات، وتفوق ضعف رسوم العبور في قناة السويس.

وأوضحت دراسة بعنوان “السياسة الخارجية المصرية في ليبيا المعضلات وإمكانيات المراجعة”، أعدها عمر سمير خلف لموقع المعهد المصري للدراسات، أن “السياسة المصرية كانت تعمل في عكس هذا الاتجاه، أو على الأقل أحدثت أثرا جانبيا يفوق الهدف من السياسة، ومن ثم تراجعت مصر للمركز السادس بعدما كانت في المركز الرابع لتصدير العمالة للخارج عالميا”.

وأشارت إلى أنه إن لم تتغير السياسة المصرية الحالية بشكل مدروس، فإنها ستفقد فرص عمل بمئات الآلاف على أقل تقدير في ليبيا، وستفقدها دورا محتملا في إعادة الإعمار في وقت يعاني منه الاقتصاد المصري والاقتصادات الخليجية المضيفة لعمالتها، ويحتمل أن يعود ملايين من هؤلاء في ظل الإجراءات التقشفية الخليجية؛ وفي هذا الصدد فإن تغيير السياسة بشكل عاجل يمكن أن يجعل من ليبيا سوقا بديلة جيدة لتلك الوجهات الخليجية، ولطالما كان هذا بديلا تاريخيا جيدا إبان حربي الخليج الأولى والثانية.

تخطيط مدروس

وطالبت الدراسة بأن تتبنى السياسة الخارجية المصرية مناقشة سيناريوهات مختلفة والذهاب بها بعيدا عن ساحات المكايدات؛ للوصول لتعريف دقيق لمصلحة المصريين في كل سياسة ولرؤية الصورة الكلية قبل اتخاذ أية سياسة محتملة، وكذلك الانتباه لعملية تمثيل مصالح الجاليات المصرية الاقتصادية والاجتماعية بالبلدان محل السياسة.

وأوصت الدراسة بإرسال باحثين وكتاب ورموز قبلية لاستجلاء الأوضاع وعدم الاعتماد بالكلية على معلومات وتقارير المصادر الحليفة بالداخل، وهذا يقتضي التنسيق بين مراكز الفكر والرأي داخل الجامعات والمؤسسات المعنية، وعبر تنشيط الدبلوماسيين المعنيين بهذه الدول والاستماع لأصواتهم المختلفة، بديلا عن ترهيبهم والتعامل معهم كموظفين إداريين وفقط.

وأوضحت أنه يمكن التعاون مع باحثين موضوعيين ليقدموا صورًا أوضح عما يجري على الأرض، وعما يجب اتخاذه من قرارات وسياسات في توقيتات مناسبة للتطورات المتسارعة، مشيرة إلى أن السياسة المبنية على سيناريوهات يسهل تقييمها وتعديلها أو التراجع عنها كليا على عكس تلك المبنية على التوجهات الشخصية البحتة لشخوص صانعي السياسة.

ومن ذلك التأثير ما هو مرتبط بالعلاقات المصرية الإيرانية، والذي حرم مصر لعقود من سياحة إيرانية كبيرة ولم يحدث له اختراق، من أي من النظم السابقة باستثناء محاولة لم تتم في العالم 2012 لفتح أبواب السياحة الإيرانية.

خسائر متحققة

وكشفت الدراسة عن تضاعف خسائر مصر في وقت ضاعفت فيه الدول المتدخلة كافة مصالحها الاقتصادية والعسكرية والأمنية في ليبيا.

وأضافت أن العمالة المصرية في ليبيا تراجعت بشدة منذ ذلك الحين، كما لم تعد ليبيا المنقسمة قادرة على إقراض مصر أو دعمها ماليا كما فعلت قبل عام واحد من اشتعال الأزمة، إذ سبق وأقرضت مصر 2 مليار دولار في أوائل 2013.

وقدرت الدراسة تراجع أرقام العمالة المصرية بليبيا، والتي قدرت بمليوني عامل قبيل ثورة فبراير أثناء الثورة على نظام القذافي جراء البطء المصري الشديد في اتخاذ موقف من الأزمة الليبية في بداياتها، ثم الإمعان في معاداة هذه الثورة، واستضافة رموز نظام القذافي وحمايتهم من المحاسبة، ورفض تسليمهم للحكومات الليبية المتعاقبة إبان حكم المجلس العسكري إذ انخفضت العمالة إلى ما بين 200-600 ألف في 2011.

وأضافت أن “منظمة الهجرة الدولية” اعتبرت التورط المصري في الحرب الليبية سببا في انهيار أعداد العمالة المصرية وتعرضها لحوادث اختطاف، وقتل على أيدي تنظيمات متشددة في مناطق القتال.

دعم الصخيرات

وافترضت الدراسة مكاسب متحققة إذا استقرت ليبيا واستكملت مسارها السياسي منذ 2014، ودعمت مصر تطوراتها نحو الحل وحسمتها بالانحياز لاتفاق الصخيرات والترتيبات التي قامت عليه قبل تفاقم التدخلات الدولية، فإننا نكون بصدد سوق عمل ليبي تعود أقوى مما كانت عليه قبل 2011، إذ لا تزال لدى الحكومة الليبية احتياطات ضخمة في صناديق سيادية بالخارج تمكنها من البدء في عملية إعادة الإعمار، والتي كان بإمكانها امتصاص ضعف العمالة المصرية ما قبل الثورة أي ما قد يصل لـ 3-4 ملايين عامل، أي ما يزيد على ضعف مجموع العمالة المصرية في الكويت والبحرين وقطر والإمارات وعمان مجتمعين.

وأشارت إلى أنه لأسباب تتعلق بسياسة مصر، فقدت جزءا كبيرا من تجارتها مع ليبيا إذ تراجع حجم التبادل التجاري من 2.5 مليار دولار عام 2010، إلى نحو 500 مليون دولار في 2018، كما تشير بيانات التجارة أيضا للتراجع الشديد لمؤشرات الصادرات المصرية لليبيا إلى أقل من نصف ما كانت عليه في 2009 وحوالي ثلث ما وصلت إليه في 2012 و2013.

وأضافت “تراجعت الاستثمارات المصرية بليبيا لحدود 520 مليون دولار، كما تراجعت الاستثمارات الليبية بمؤشر عدد الشركات في مصر بنحو 25%”.