رغم قرارات حكومات العالم بوقف الأنشطة غير المهمة في إطار مكافحة وباء كورونا الذي يهدد العالم بالموت والجوع والفقر وتوقف النشاط الاقتصادي، تصر المخابرات المصرية المشرفة على الإنتاج الفني بمصر على استمرار تصوير وإنتاج المسلسلات والأعمال الفنية التي ستعرض في رمضان المقبل، ضاربين عرض الحائط بأخطار وباء كورونا على المصريين.
وبدلًا من أن تتعامل إدارات المخابرات والأجهزة الأمنية المسيطرة على الإعلام والإنتاج الفني، مع الأموال والثروات التي جمعتها من دماء المصريين وضرائبهم للمستشفيات أو لقطاع الصحة الذي يعاني الانهيار التام، وسط تحذيرات تنطلق من أفواه المسئولين عن الصحة المصرية أو الصحة العالمية بأنّ الحكومة ستفشل في مواجهة كورونا لو ارتفعت الإصابات إلى 1000 مصاب.
ورغم ذلك كله رفضت “الشركة المتحدة” للخدمات الإعلامية، التابعة لجهاز المخابرات العامة، والتي تقوم بإنتاج معظم المسلسلات المصرية، وقف تصوير الأعمال الدرامية هذا العام، على الرغم من التحذيرات من تفشي فيروس “كورونا”.
حيث رفض رئيس الشركة “تامر مرسي” وقف تصوير المسلسلات التي من المقرر عرضها في موسم رمضان المقبل في الوقت الحالي، لا سيما التي تنتجها الشركة بشكل منفرد، ومنها مسلسل “الاختيار” الذي يروي قصة “أحمد المنسي” قائد الكتيبة “103 صاعقة”.
إصرار على الاستمرار
ورغم أن قطاع الترفيه في العالم شهد توقّفا شبه تام، إلا أن المسئولين عن “الشركة المتحدة” لا يتّجهون إلى اتخاذ قرار مشابه.
وبالفعل أكّد المتحدّث الرسمي باسم الشركة، حسام صالح، ما يتردّد في الكواليس عن اللامبالاة وإهمال صحة العاملين في هذه المسلسلات، إذ كرّر في أكثر من تصريح إعلاميّ: “لدينا 16 مسلسلا قيد التصوير حاليا، وليس هناك أي قرار بوقف العمل، قد يكون هناك توقّف لمدة يوم أو يومين في مسلسل أو آخر لظروف خاصة، مثل ما حصل مع مسلسل “النهاية” ليوسف الشريف، إذ تعرّض موقع التصوير الخاص به لحريق”.
وزعم “صالح” أنه في حال ازدياد عدد الحالات المصابة بفيروس “كورونا”، خلال الفترة المقبلة، سيتم اتخاذ قرار فوري بتأجيل التصوير؛ “لأن صحة العاملين في المسلسلات أهم بكثير من دون شك”. مشيرا إلى إلغاء المشاهد التي تحتاج إلى عدد كبير من الممثلين، وكذلك البرامج التلفزيونية التي تتطلّب جمهورا كبيرا”، ومشددا على أنه “لا صحة لاتخاذ قرار بتأجيل تصوير كل الأعمال لمدة أسبوع كما تردد”.
ويبدو أن هذه التصريحات استفزت عددا كبيرا من العاملين في صناعة الدراما، لكن لم يستطع أحد منهم انتقاد ما قيل علانيةً، أو على الأقل التعبير عن بعض المخاوف التي تنتاب كل سكان العالم في الفترة الحالية.
إهمال متعمد
السيناريست “مريم نعوم” كانت ربّما الوحيدة التي تجرّأت على انتقاد الوضع، من خلال منشور على صفحتها في موقع “فيس بوك”، إذ عبّرت عن رفضها للظروف التي يعمل في ظلّها صنّاع الدراما في مصر، مؤكدةً أن استمرار التصوير في ظل تفشي الوباء لا يعكس إلا حالة من الإهمال.
ويتساءل مراقبون عن جدوى المسلسلات والدراما الفنية في ظل الوباء المنتشر، والذي يهدد ملايين المصريين في صحتهم وأرزاقهم في ظل توقف المصانع والمؤسسات الإنتاجية عن العمل في ظل تفشي الوباء.
بينما يرى آخرون أن بمقدور الجيش توجيه تلك الأموال التي لا فائدة منها في ظل الهلع المسيطر على العالم كله ويهدد بمقتل 40 مليون نسمة عالميًا، إلى المجهود الصحي وإقامة مستشفيات وشراء أجهزة التعقيم والتنفس الصناعي التي تعاني من نقصها الفرق الطبية، التي تكافح الوباء بلا أي تقدير من الدولة أو الحكومة.
ويعاني قطاع الصحة من انهيار مقدراته في ظل خفض المخصصات للصحة بالموازنة العامة للدولة، بما يتوافق مع الزيادة السكانية أو خريطة الصحة المصرية التي تضربها الأوبئة والامراض.
بل إن الأغرب من ذلك كله، هو أن محتوى كافة الأعمال الفنية التي تنتجها شركات المخابرات تدور حول مصطلح الإرهاب ودور العسكر في حماية مصر، بعيدا عن القضايا الأولى بالاهتمام، مثل الفقر وانهيار القيم وانتشار الظلم وغياب العدل والأمية، بعد أن ابتلعت المخابرات قطاع الإنتاج الفني.