دماء بلا محاكمات.. 7 سنوات على مذبحة الساجدين ذكرى أول ألم

- ‎فيتقارير

قبل 7 سنوات، عاش المصريون المتواجدون في رابعة العدوية وأخواتها من ميادين الحرية في مصر، لحظات عصيبة وهم يحصون أسماء عشرات الشهداء والمصابين في مذبحة الساجدين أو مجزرة "الحرس الجمهوري 2".
وهي أول مذبحة وقعت بعد انقلاب 3 يوليو 2013 في مصر، تزامن معها مذابح أخرى في شتى أنحاء مصر، إلا أن المؤسسات الحقوقية والبحثية أفردت لها تصنيفا خاصا في سجل جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي أوقعها العسكر بحق المدنيين السلميين، قالت مؤسسة وعي للبحث والتنمية إن "أرقام الضحايا رهيب، وإن ما حدث إبادة جماعية، ولم يكن تفريقًا للمعتصمين أو صدًّا لهجوم من مجموعة إرهابية"، بحسب ما ادعى بيان العسكر عن الحادثة.
وقالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان بلندن في بيان مبدئي صباح 8 يوليو 2013، يوم وقوع المجزرة إن "الجنود الذين يحرسون المقر (الحرس الجمهوري) وبدون سابق إنذار قاموا بإطلاق النار على الحشود".
وأضافت "المنظمة" أن "شيطنة المتظاهرين واتهامهم بالإرهاب لن يغير من أبجديات الحقيقة الساطعة للعيان ولن يفيد استقرار مصر، فهذه الأسطوانة المشروخة استعملت كثيرًا في حقب مختلفة ضد أصحاب المطالب المحقة، وكانت النتيجة مذابح واعتقالات أدت إلى فوضى عارمة".
ودعت المنظمة العربية آنذاك "قيادة الحرس الجمهوري إلى الانحياز الى الشرعية وإعادة الرئيس محمد مرسي حقنًا للدماء وحفاظًا على مبادئ الديمقراطية التي تجسدت بعد 25 يناير".
وحمّلت المنظمة في بيان نشرته من قاموا بالانقلاب بقيادة وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي والدول التي دعمتهم، كامل المسؤولية عن الدماء التي تسفك الآن في شوارع مصر وعلى وجه الخصوص أمام مقر الحرس الجمهوري.

إحصاءات الضحايا
تقديرات المذبحة بعد يوم قاسٍ من أيام مصر، أشارت إلى أن إجمالي عدد الضحايا 945 مصابًا، منهم 145 شهيدًا، أي بنسبة 15.34% من الإجمالي، و800 مصاب، أي بنسبة 84.66% من الإجمالي. ومع ملاحظة أن من تواجدوا من المتظاهرين في موقع الحدث وقت المذبحة (2500 حسب تقديرات الشهود) ويكون المصابون 37.8%، بواقع مصاب لكل 3 لم يصابوا.
وكانت أسباب الوفيات المسجلة في شهادات الوفاة وتصاريح الدفن للشهداء، أنها شملت الطلق الناري وما نتج عنه من مسببات الوفاة مثل: تهتك في أنسجة المخ ونزيف فموي جسيم، وتهتك في الرئة اليسرى أو الرئتين ونزيف، وكسور في الأضلاع وتهتك في الرئتين، وكسور في عظام الجمجمة، وتهتك في المخ، ونزيف غزير في البطن، وتهتك في الأحشاء.
نسب الوفيات إلى المصابين وأسباب القتل استندت فيه مؤسسة “وعي للبحث والتنمية” ومقرها لندن، إلى البحث الممنهج والمدقق، في وثيقة علمية بعنوان: "مذبحة الحرس الجمهوري 5 و8 يوليو 2013: أول توثيق علمي شامل"، خصت الضحايا من الشهداء والمصابين بجهد تحليلي إضافي متخصص في بابها الخامس.
واعتمدت على 62 قائمة استنادية للمصابين و42 قائمة استنادية للشهداء؛ قام الفريق العلمي– بمعاونة أطباء متخصصين– بتفريغ المعلومات الطبية الخاصة بإصابات الشهداء والمصابين من تلك القوائم، وكذلك المعلومات الطبية الواردة من مصادر أخرى مثل: تقارير المستشفيات الحكومية والخاصة التي باشرت استقبال الإصابات، وتقارير شهادات الوفاة، والمعاينة المباشرة لجثث الشهداء في مشرحة زينهم من خلال وصف فريق نقابة الأطباء وقت المذبحة، وكذلك وصف أطباء المستشفى الميداني، وكل الوثائق والتقارير التي اهتمت ببيان الإصابة بشكل طبي ومهني.

إصابات خطيرة
ومن نتائج التقصي، أن الإصابات الشديدة شكلت 376 مصابا، بنسبة 47% من إجمالي الإصابات، بينهم 372 مصابا من ذوي جرح نافذ في البطن أو الصدر أو الأطراف، و4 فقط إصابات غير نافذة، لكنها صُنفت شديدة، لما أحدثته من صدمة بالمصاب نتيجة للرصاص المطاطي.
أما الإصابات المتوسطة فشكلت عدد 408 إصابات، بنسبة 51% من إجمالي الإصابات، منها 392 جرحا نافذا، ولا يوجد في الإصابات المتوسطة جرح غير نافذ، ولكن ما رفع النسبة إلى 51% هو وجود إصابات في العين بعدد 16 مصابًا.
وفيما يخص الإصابات البسيطة (غاز حالة واحدة – خرطوش حالة واحدة – اشتباك 14 حالة)، فقد مثلت 2% فقط من إجمالي الإصابات، وبالتالي شكلت الإصابات الشديدة والمتوسطة نسبة 98% من إجمالي الإصابات.
وعن نوع السلاح الناري، رصدت بيانات نوع السلاح الناري، ووُجد أن 40% من الإصابات ناتج عن السلاح الناري الموصوف بـ”خارق”، ونسبة 30.5% الموصوف بـ”متفجر”، وأقله موصوف بـ”مطاطي”.
أما عن نوع السلاح “خرطوش”، فقالت إنه فاق عدد المصابين بالخرطوش عن بعد، عدد المصابين بالخرطوش عن قرب (أقل من 40 مترا).

تعبئة الكراهية
ورصد المؤسسة ضمن التحليل الإحصائي دلالات، منها استخدام القوَّة المفرِطة، حيث لم يتناسب حجم القوة المستخدمة مع ما يمكن أن نسميه فض اعتصام، فضلا عن الأسلحة المستخدمة، وتعليقات الجنود المعبئين بالكراهية عندما يقول أحدهم مفتخرا: “الشارع مليان دم”.
واشارت الوثيقة إلى استخدام نوع من الرصاص المتفجر المحرم دوليا، وقالت "شكّل هذا النوع من السلاح الناري كلمة السر في سقوط المئات من المتظاهرين السلميين بين قتيل وجريح، فقد أوضحت الجداول أن أكثر الإصابات التي أدت إلى الوفاة كانت ناتجة عن تصويب رصاص (130 من إجمالي 145 بنسبة 89.6%)، والنسبة الأكبر كانت للرصاص من النوع المتفجر الدمدم (72%)، وهو النوع الدقيق جدًا الذي يصوِّب نحو الهدف باستخدام الليزر، وبالتالي فإن الضحايا قد تعرضوا للقنص المباشر والقتل العمد بصدورهم العارية.
وأضافت أنه لدقة التصويب استخدم القناصة "الليزر" وأن دلالة ذلك هو الإصابات الدقيقة في الرأس والصدر تبيّن أن عملية التصويب تتصف بالدقة والقنص المتعمد بهدف القتل وإحداث صدمة ورعب في قلوب المتظاهرين. يؤخذ أيضًا بالاعتبار أن التصويب ناحية القلب باستخدام الليزر كما في سلاح الدمدم يهتك كلاً من الرئة والقلب بشكل تام.
ورصدت المؤسسة أنه إمعانا في القتل والإصرار عليه، تبيّن أن الإصابات شديدة الخطورة سادت في الحالات التي فيها تمت الإصابة بمكانين (198 من إجمالي 378)، وأن الإصابات متوسطة الخطورة سادت في الحالات التي وقعت بها الإصابة في ثلاثة أماكن (210 من إجمالي 408) (ضرب متعمَّد ومتكرِّر)، حيث لم يكفهم الضرب في الرأس، ولكن ضربوا في الرأس والصدر والبطن والأطراف؛ مما عدَّد أماكن الإصابة وزاد من مستويات الخطورة، وهو يعني أن القتل العمدي كان هدفا ممنهجا من القوات المكلفة بهذه المذبحة.