دون أغطية وغذاء وأدوية.. 60 ألف معتقل يواجهون الموت في سجون العسكر

- ‎فيتقارير

يواجه أكثر من 60 ألف معتقل بسجون العسكر الموت؛ بسبب الإهمال الطبي وعدم توافر الأدوية والجوع والبرد الشديد، وكل يوم تودِّع السجون شهيدًا جديدًا وضحية من ضحايا إجرام العسكر الذين لا يراعون في مؤمنٍ إلًّا ولا ذمة.

المنظمات الحقوقية تتابع وتوثق آلاف الجرائم، إلَّا أنَّ المجتمع الدولي والمنظمات المعنية لا تتحرك لمحاسبة نظام الانقلاب بقيادة عبد الفتاح السيسي، وهو ما يثير الاستغراب ويطرح السؤال: لماذا يتجاهل الغرب والشرق جرائم العسكر؟

داخلية الانقلاب تواصل جريمة الإخفاء القسري بحق شقيقين وطالب جامعي ومدرس، من أبناء مركز أبو حماد بمحافظة الشرقية، وذلك بعد الاعتقال التعسفي لكل منهم، خلال فترات زمنيه متباينة، والتعنت في الإفصاح عن مكان احتجازهم حتى الآن.

كانت قوات أمن الانقلاب قد اختطفت "عبد الله عبد الناصر البهنساوي"، يوم 22/11/ 2018، وهو من أبناء قرية الأسدية، يبلغ من العمر 31 عاما، متزوج وله ولدان، ثم قامت باختطاف شقيقه "جمال عبد الناصر البهنساوي"، البالغ من العمر 30 سنة، يوم 24/11/ 2018، أثناء إبلاغه عن اعتقال شقيقه "عبد الله"، وأخفت أيضًا مكان احتجازه.

كما قامت داخلية الانقلاب باختطاف الطالب "أحمد السيد حسن مجاهد"، ابن قرية الشيخ جبيل والطالب بالفرقة الثالثة بكلية الهندسة جامعة الأزهر بالقاهرة، 23 عامًا، وذلك يوم 25/11/ 2018 وأخفت مكان احتجازه.

وقبل شهر، اختطفت مليشيات الانقلاب يوم 30/ 11/ 2019، أحمد وحيد عرام، من قرية الميسد، مدرس أحياء، يبلغ من العمر 25 سنة، وأخفت مكان احتجازه.

من جانبها أدانت رابطة أسر الشهداء والمعتقلين بأبو حماد جرائم الإخفاء القسري التي ترتكبها داخلية الانقلاب بحق أبنائها، مطالبة المجتمع الدولي بفتح تحقيق دولي في جرائم الإخفاء القسري التي تمارسها السلطات الانقلابية بحق المواطنين، منتهكة بذلك المواثيق الدولية ومعاهدات حقوق الإنسان، كما طالبت بإطلاق سراح جميع المختفين قسريًّا أو محاكمتهم محاكمة عادلة أمام قضاء عادل.

انتهاكات

وقال مركز الشهاب لحقوق الإنسان، إنَّ نظام الانقلاب يصعّد بشكل كبير انتهاكاته بحق المعتقلين داخل جميع السجون، خاصة برج العرب والعقرب، مع دخول فصل الشتاء البارد داخل زنازين رديئة مصممة للحفاظ على برودة الشتاء لا الحماية منها، كما تتزايد حالات الوفيات داخل السجون مع وجود دلائل على الإهمال المتعمد، والعمل على الموت البطيء لآلاف المواطنين القابعين في غياهب السجون.

وكشف مركز الشهاب عن أنه تلقى رسالة من أهالي المعتقلين بسجن برج العرب، تسرد ما يتم من انتهاكات بحق ذويهم تضمنت:

– منع دخول الأدوية حتى في حالات الخطر القصوى عن المعتقلين داخل السجون.

– استخدام برد الشتاء كعقاب غير إنساني؛ حيث يتم منع دخول البطاطين والملابس الشتوية.

– استخدام إجراء "التجريد" للمعتقلين، وهو يعني سحب كل ما لدى المعتقل من ملابس ومتعلقات شخصية مع الإبقاء على قطعة الملابس الوحيدة "الكاحول" التي يرتديها المواطن.

– لم تكتفِ السجون بهذه الانتهاكات لتقوم بقطع الكهرباء والماء لأيام متتالية، ليكون إرهاقا نفسيا وبدنيًا، مع زيادة الأزمات المعيشية داخل الزنازين نظرا لصعوبة دخول ضوء النهار للزنازين، ولتراكم الأوساخ وانتشار الأمراض والحشرات الناتجة عن قطع الماء وعدم المقدرة على غسل أي شيء.

– استخدام سياسة التجويع، حيث يتم قفل الكانتين الذي هو مصدر الطعام البديل عن طعام السجن الرديء، كما لا يُسمح في الزيارات إلا بأقل القليل من الطعام.

– التفتيش السيئ والمهين للأهالي القادمين لزيارة ذويهم مع تعمد تحرش أمناء الشرطة بهم، كما يتم ضرب وإهانة المعتقلين أمام أهلهم أثناء الزيارة.

– منع كثير من المعتقلين من الزيارة، مع عدم وجود أي سبب يمنع الزيارة.

– فرض رسوم مالية على الزيارات الاستثنائية.

– عدم السماح بدخول أو خروج الأوراق والأقلام.

– دخول أعداد كبيرة إلى زنازين التأديب دون أي ذنب وبلا سبب.

وقال المركز، إنَّه في ظل كل هذه الانتهاكات التي لا تخفى عن القاصي والداني يموت الكثير من المواطنين داخل السجن، كان آخرهم وفاة المعتقل علاء الدين سعد، والذي توفى بسبب الإهمال الطبي.

وطالب سلطات العسكر بالكف عن الانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون بالسجون، ويحمل داخلية الانقلاب ومصلحة السجون المسئولية، ويطالب بتطبيق الدستور والقانون ولائحة السجون والمواثيق الدولية، التى تنص على حقوق المسجون والمحبوس، كما يطالب بالوقف الفوري لكافة أشكال الانتهاكات، والإفراج الفوري عنهم.

فضح الانقلاب

يقول الدكتور حسان عبد الله حسان، منسق جبهة "جامعة مستقلة": إن فضح انتهاكات السجون خطوة مهمة لفضح الانقلاب على المستوى العالمي فيما يتعلق بحقوق الإنسان بصفة عامة والمعتقلين بصفة خاصة؛ نظرًا لما يتعرضون له من ظلم في البدء باعتقالهم ظلما وجورًا، ثم باضطهادهم في حقوقهم الأساسية في السجون، وفقًا للمواثيق العالمية والإقليمية والمحلية.

وأضاف أن الأثر الإيجابي واضح منذ إعلان بعض المعتقلين الإضراب عن الطعام، مؤكدا أنّ التقارير الدولية أشارت إلى تردِّي حالة المعتقلين، وأبرزت الأحكام الجائرة ضدهم.

وأعرب "عبد الله" عن أمله في أن تتوالى الضغوط على نظام العسكر حتى يستجيب لمطالب المعتقلين.

وحول فضح انتهاكات العسكر في السجون قال: "لكل فعل رد فعل بالتأكيد، وعمومًا ما يحدث سوف يؤتي ثمارًا عديدة، منها تغيير المعاملة، والكف عن الاعتقالات العشوائية والأحكام المخمورة".

تعذيب ممنهج

وفى سياق فضح جرائم العسكر، رصدت المفوضية المصرية للحقوق والحريات استمرار جرائم التعذيب في أماكن الاحتجاز بشكل ممنهج، من خلال توثيق حالات على مدار سنتين، في إطار مبادرة "خريطة التعذيب" التابعة للمفوضية، بالإضافة إلى الاستعانة ببيانات إحصائية أصدرها عدد من المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية حول حالات التعذيب في العامين الأخيرين، وعجز التشريعات القانونية عن حماية الضحايا أو إنصافهم في حالات التقاضي.

وكشفت "خريطة التعذيب" عن تنوع وسائله التي تستخدم بشكل أساسي في مقرات الأمن الوطني، وفي أقسام الشرطة والسجون وغيرها من مقرات الاحتجاز، ما بين التعذيب الجسدي بشكل مباشر مثل الضرب والصعق بالكهرباء والتعليق من اليدين أو القدمين، أو بشكل غير مباشر مثل الحرمان من تناول الطعام أو من النوم أو من الزيارة أو الحبس الانفرادي لفترات طويلة، أو التهديد بخطف وتعذيب أفراد أسرة الضحية.

وفي بعض الحالات كان هناك تهديد بالاغتصاب خاصة مع النساء، أو التحرش الجسدي أو الإجبار على مشاهدة ضحية تعذيب أخرى، أو الاستماع لصوت صراخ الضحايا أثناء التعذيب. كل هذا تنتج عنه آلام جسدية ونفسية عميقة الأثر، لا يتخلص منها الضحية حتى بعد الإفراج عنه، فيظل الضحايا في ألم جسدي ونفسي عميق يمنعهم من العودة إلى مزاولة الحياة الطبيعية.