“ديسكو حلال”.. أول فروع كباريه الحشمة والأدب في السعودية!

- ‎فيعربي ودولي

تحولات كبيرة لم تشهدها السعودية من قبل، ومخالفات لعادات المجتمع البدوي المحافظ ويبدو أن المملكة التي عرفت بنهجها المحافظ والمتشدد، باتت تسير نحو الانفتاح بوتيرة متسارعة تفاجئ الكثيرين، والدور الآن على وسائل الترفيه وسلسلة النوادي الليلية الشهيرة “وايت”، التي ستفتح هذا الأسبوع فرعا لها بمدينة جدة، الذي يُوصف بـ “ديسكو حلال” ولن يقدم المشروبات الكحولية إلى الزبائن، على غرار بقية فروعه، كونها ممنوعة في السعودية.

والسؤال الآن هل يستخدم ابن سلمان “الترفيه” لإلهاء السعوديين عن سياساته؟، شبكة “بلومبيرج” الأمريكية قالت إن السعودية قررت اللجوء إلى صناعة الترفيه لتكون بوابة إلى تحسين الوضع الاقتصادي، وأشارت الشبكة إلى أن السعودية خففت كثيرا من القيود التي كانت مفروضة سابقا على هذه الفعاليات، وذلك منذ مجيء ولي العهد محمد بن سلمان، الذي وعد بتحديث اقتصاد المملكة وتقليل اعتمادها على النفط.

واللافت أن كل هذه الحفلات تُقام في أماكن دينية أو على مقربة منها؛ كحفل الفنانة اللبنانية ماجدة الرومي، الذي أُقيم في مدائن صالح، التي نهى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن إقامة الأعمال “المبهجة” فيها، كما أن أغلب الحفلات تُقام في جدة، على بعد كيلومترات قليلة من مكة المكرمة والمدينة المنورة، أقدس البقاع لدى المسلمين عموما.

ووسط صمت من كانوا يوما ما كبار العلماء في المملكة، يرى كثيرون أن هذه الحفلات والمهرجانات تجعل خصوصية بلاد الحرمين في مهبّ الريح، وأن النظام الحاكم في السعودية فرّط بقدسية بلاد الحرمين و”خان الأمانة” التي ائتمنهم عليها المسلمون.

موسيقى وقتل!

ورفعت المملكة الحظر عن دور السينما، وصارت المقاهي تعج بالموسيقى بعد أن كانت تعتبر من الممنوعات في المملكة المحافِظة، كما فتحت أبوابها لكثير من شركات صناعة الترفيه العالمية، لكنها تعرضت لانتقادات لاذعة تسببت في محاسبة وإقالة مسئولين في القطاع خلال الفترة السابقة.

وهو ما طرح الكثير من التساؤلات بشأن ما إذا كانت فسحة الترفيه التي فتحها محاولةً لإلهاء الشعب السعودي وتحويل الأنظار عن الانتقادات التي تعرض لها، خاصة عقب مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي بمبنى قنصلية بلاده في إسطنبول، بالثاني من أكتوبر الماضي.

حجم الزيادة في الفعاليات ونشاط الهيئة مقابل خفوت أصوات جمعيات ومؤسسات دينية طرح أسئلة عن أهداف هذا التوجه نحو الترفيه، خاصة أن التغيير غير المعهود جاء مفاجئا ودفعة واحدة وبشكل صادم ولا يراعي البيئة المحافظة التي تحكمها قوانين الشريعة والضوابط العشائرية والعائلية وفق الكثيرين.

ويرى متابعون أن ابن سلمان يقدم نفسه للولايات المتحدة والدول الغربية على أنه مصلح سياسي واقتصادي واجتماعي في المملكة، ويلحظ أثناء زيارة ابن سلمان الأخيرة إلى الولايات المتحدة مقابلته عددا كبيرا من الفاعلين في صناعة الترفيه، بينهم روبرت ميردوخ ونجوم هوليود.

وفي سياق توجهه هذا حد ابن سلمان من نفوذ المؤسسة الدينية، وتم تجميد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واختفى رموز ما تسمى “الصحوة” بالاعتقال أو الإقامة الجبرية مثل سلمان العودة وعوض القرني وغيرهما، وتم تغيير المناهج التربوية بما يتيح إحداث تغييرات جوهرية.

رؤية ابن سلمان

وفيما صمت الكثير من علماء الدين وآثروا السلامة روج آخرون لابن سلمان رؤيته للتغيير بإعادة تأويل النص الديني للسماح للمرأة بقيادة السيارة وإباحة الموسيقى والسينما والرسم وغيرها، ويقرأ الكثير من المتابعين هذا “الفيض” من وسائل الترفيه وأدواته باعتباره توجها نحو “لبرلة” الدولة والمجتمع، مما يسمح بكسر المنظومة السابقة على الصعيد الاجتماعي باعتبار أن وجودها قد يعرقل رؤية ابن سلمان ونزوعه نحو السلطة، لكن القبضة الأمنية الشديدة بقيت السمة الأساسية للنظام.

والصورة الجديدة التي أرادها ابن سلمان للمملكة حيث تشع أضواء السينما ويتوافد نجوم العالم في الفن والرياضة تعتبر -وفق معارضين- أنها تغطي على أجواء الاعتقالات التي غرق فيها المجتمع السعودي وشملت مختلف الشرائح، ونشرت أجواء من الخوف داخليا ومن شركاء الخارج، وهزت صورة المملكة لدى الرأي العام العالمي، كما يقول معارضون.

ويريد ولي العهد السعودي أن يحدث هذه التغييرات العميقة في المجتمع السعودي من أجل تمكين نفسه ومشروعه على الصعيدين الداخلي والخارجي، في حين يرى معارضون أن هذه المشاريع الضخمة التي قد تدر مليارات الدولارات لن تكون عائداتها بعيدة عن ابن سلمان والمقربين منه.

وإضافة إلى الأدوات الأمنية والعسكرية فإن مؤسسات مثل الهيئة العامة للرياضة والهيئة العامة للترفيه تلعب دورا بارزا في تمكين نفوذ ابن سلمان لتظهره وكأنه “أمير الأحلام” الذي يظهر وسط أضواء مبهرة لكنها تخفي الكثير من العتمة وراءها.