رشاوى وتطبيل وتهديد.. تدخلات حكومية سافرة لدفع المواطنين إلى “الترقيعات”

- ‎فيتقارير

لم تفوت قيادات الانقلاب أي فرصة للضغط على المصريين للمشاركة في الاستفتاء الصوري الذي بدأ اليوم على مواد لا تكرس الديكتاتورية بشكل لم يسبق له مثيل في مصر، حيث تم استخدام كافة المنابر الرسمية من وزارات ومؤسسات وشركات ووسائل إعلامية وجامعات ومدارس وبرلمان لدفع المصريين إلى التوجه للاستفتاء؛ بدعوى “استكمال المسيرة” و”مواصلة التنمية” و”عمل الصح”، فيما ينصب الأمر في النهاية على ارتكاب جريمة في حق مصر والمصريين ربما تستمر آثارها عشرات السنين إذا لم يتمكن الشعب من وقفها في الوقت المناسب.

استنفار المشايخ والقساوسة

في السويس رصد مواطنون المحافظ يطالب وعاظ الازهر بحشد وتوعية مواطنين السويس للاستفتاء على دستور العسكر، وهو مشهد تكرر سواء من المحافظ أو من ممثلي إدارات الأوقاف أو من ضباط الأمن الوطني المشرفين حاليا على الوزارة ومشايخها، لاستغلال مؤسسات الدولة لخدمة سفيه الانقلاب السيسي.

ونشرت صحف الإنقلاب لقاء جمع محافظ السويس مع وكيل وزارة الأوقاف بالمحافظة بوعاظ الآزهر، مؤخرا، بحضور مدير المنطقة الأزهرية، والرسالة كانت “حشد المواطنين في استفتاء دستور العسكر تحت زعم التعاون جميعا لبناء وطننا الحبيب مصرنا الغالية”!

كما صدرت تعليمات لموظفي جامعة قناة السويس بالتنسيق بين الزملاء وتقسيم العمل علي مدار أيام الاستفتاء، ونقل الموظفين للجان عبر أتوبيسات خاصة، وتأكد الموظف المختص من دخول كل شخص إلي لجنة الاقتراع وفي اليوم الثاني يتم التاكد من قيام الموظف بالإدلاء بصوته عبر الحبر الفسفوري.

رشوة “الخشت”

واعتبر مراقبون أن دعاية د. محمد الخشت رئيس جامعة القاهرة لترقيعات السيسي كانت الأسوأ والأكثر فجاجة، حيث مارس دور “نوبتجي الأفراح الشعبية” لحشد الطلاب، خلال حفل المطرب محمد حماقي، بالإعلان عن إعفاء من مصاريف الجامعة لمن لم يسددها، والإعفاء من اشتراك المدينة الجامعية لشهر رمضان، وإضافة 5% لدرجات طلبة البكالوريوس والليسانس.

وقع الصدمة كان عاليا على الطلاب الذين رأوا أن الدلالة كانت كون منح الخشت؛ رشاوى انتخابية لتشجيع الطلبة للذهاب إلى صناديق اقتراع التعديلات اللادستورية.

برنامج تطبيل

ونافس “الخشت” في التطبيل زميله رئيس جامعة سوهاج، الدكتور أحمد عزيز، الذي أكد شرح التعديلات الدستورية للطلاب على موقع المركز الإعلامي للجامعة مع وضع شاشات عرض داخل الجامعة لشرحها للطلاب والعاملين.

وذكر عزيز، أن الجامعة نفذت مبادرة ضمن نفس الإطار تحت عنوان “هتكتب بكره بشروطك”، شارك بها أكثر من ١٢٠٠ طالب وطالبة من مختلف الكليات وتم تدريبهم على التواصل مع زملاءهم بالكليات.

وفي برنامج معد من رئيس الجامعة التي يفترض الأكاديميون أنها مؤسسة مستقلة عن الشأن السياسي من حيث التوجيه الذي تشرف عليه إدارتها، أعلن رئيس جامعة سوهاج عن توزيع الطلاب المشاركين بالمبادرة إلى ١٢ فريق يمثلون مراكز المحافظة، ومن المقرر أن يقفوا أمام اللجان لمعاونة الناخبين في الإدلاء بأصواتهم.

ودون حرج أعلن أنه سيتم نقل أعضاء هيئة التدريس والطلاب والموظفين إلى أقرب لجان انتخابية للإدلاء بأصواتهم.

أما آخر فقرات البرنامج فكانت الإعلان عن تأجيل بعض المحاضرات لإعطاء فرصة للطلاب للمشاركة في الاستفتاء.

التهديد بالتموين

وفي انتهازية واضحة اشترطت وزارة التموين بحكومة الإنقلاب على 62 مليون مستفيد من دعم السلع التموينية أن تختم لجان الاستفتاء “الكارت” مقابل الحصول على سلع رمضان!

وامتنعت مكاتب التموين في المحافظات عن صرف السلع التموينية المقررة عن شهر مايو بحجة عدم توافرها، بتوجيه من الوزارة، رغم أنه جرت العادة على صرف مكاتب التموين مقررات الشهر الذي يتزامن مع شهر رمضان مبكرا بسبب حاجة المواطنين إليها قبل الشهر المبارك.

وفوجئ الأهالي بتوزيع أغلب مكاتب التموين “كارت” أبيض اللون على المستحقين للسلع التموينية على مدار الأيام الماضية، ومطالبة المسؤولين في المكاتب للمواطنين بختمه داخل اللجنة الانتخابية المخصصة لهم للاستفتاء على التعديلات الدستورية، ومن ثم تسليمها إلى مكتب التموين بعد الإدلاء بأصواتهم، للحصول على “شنطة رمضان” تضم أصناف “أرز وسكر وزيت ومسلى صناعي وصلصلة طماطم وبلح”.

الأكثر دهشة أن مكونات سلع شنطة رمضان التي تغري بها التموين المواطنين تحملت الوزارة جانبا محدودا من مكوناتها، في حين تحمل الجانب الأكبر منها سلاسل المتاجر الكبرى والمتوسطة في جميع المحافظات تحت ضغوط من وزارة داخلية الانقلاب.

تهديدات المباحث

ومبكرا مارست داخلية الانقلاب من خلال المخبرين وأمناء شرطة الأمن الوطني ضغوطا على أصحاب المحلات التجارية والشركات و”الأكشاك” لعمل دعاية (لافتات وبنرات وأوراق) لدعم ترقيعات دستور العسكر، باستخدام شعارات محددة، ما دفع أصحاب بعض المحلات إلى إغلاقها، لدرجة أن أقسام شرطة مناطق الزيتون والمطرية وعين شمس بالقاهرة استدعوا أصحاب المحلات المغلقة وطالبوهم بالدفع أو الإغلاق والاعتقال. وتراوحت المبالغ المطلوب من أصحاب المحال بين 3 إلى 20 ألف جنيه.

وقال مراقبون إن القاعدة (هتدفع يعني هتدفع) بالرضا ام بالإكراه هي الحاكمة لتوجهات نظام الانقلاب خلال الأسابيع القليلة المقبلة في إطار إصراره على تمرير هذه الترقيعات في وقت عاجل بحيث لا ينتهي أبريل الجاري إلا وقد تم إجراء الاستفتاء الصوري وإعلان نتائجه التي لن تكون أقل من 80 إلى 85%.

الجملة الأمنية اتسعت عن القاهرة إلى المحافظات الكبيرة، مع تهدديد الممتنعين بغرامات باهظة بحجة مخالفتهم لشروط الترخيص من البلدية تصل إلى ما بين 5 إلى 10 آلاف جنيه.

منشورات دعائية

وبحسب أحد أصحاب المطابع في منطقة دار السلام بالقاهرة، فقد تم توزيع أجهزة الأمن العديد من التصميمات على المطابع مرفقة بصورة “عالية الجودة” لرئيس الانقلاب بحيث تكون جاهزة للطباعة بناءً على طلب أصحاب المحال.. لكن الأكثر إثارة أن عددًا من أصحاب المطابع كشفوا عن تحديد نسبة تصل إلى 20 % من تكلفة طباعة اللافتات لأمناء الشرطة!

وبحسب مصادر مطلعة فإن الأجهزة الأمنية على رأسها جهاز المخابرات العامة قد استقرت على إجراء الاستفتاء الصوري على 3 أيام خوفا من سيناريوهين مرعبين: الأول عزوف الجماهير المتوقع عن هذه التعديلات باعتبارها معروفة النتائج مسبقا. والسيناريو الثاني وهو الخوف من حشد المعارضة بلا وبذلك فإن فترة الأيام الثلاثة ستكون كفيلة تتدارك الأجهزة الأمنية أي سيناريو خارج توقعاتها.