رغم الأزمة المالية.. لماذا أهدر الانقلاب ملياري جنيه على مجلس بلا صلاحيات؟

- ‎فيتقارير

رغم الأزمة المالية الكبيرة التي تمر بها مصر خصوصا بعد تفشي جائحة كورونا، بخلاف الخوف من استقدام فصيلة جديدة من الفيروس تكون أشد فتكا من الفصائل المتوطنة، يجري نظام الانقلاب انتخابات شكلية لما يسمى بمجلس الشيوخ تبدأ اليوم وغدا "9 و10 أغسطس" للمصريين بالخارج. والثلاثاء والأربعاء "11 و12 أغسطس للتصويت بالداخل.

وتصل الميزانية التقديرية المخصصة لهذه المسرحية بجولتيها الأولى والإعادة أكثر من ملياري جنيه بحسب مصادر مطلعة بما تسمى بالهيئة الوطنية للانتخابات. واعتمدت وزارة المالية بحكومة الانقلاب هذا المبلغ بالفعل لصرف على هذه المسرحية الهزلية. وقدرت الوطنية للانتخابات قيمة هذه النفقات استنادا إلى دراسة تقديرية أعدتها الهيئة وتشمل تكلفة وسائل النقل والطباعة والدعاية، ومكافآت مالية للقائمين على هذه المسرحية؛ حيث تقرر إشراك نحو 20 ألفا و500 قاض في الإشراف على (العملية الانتخابية)، على أن يحصل الواحد منهم على 6 آلاف جنيه مكافأة بإجمالي تكلفة 140 مليون جنيه.

فيما يشارك من وزارة الداخلية 230 ألف فرد في تأمين الانتخابات، بمكافأة تتراوح بين 600 جنيه و4000 جنيه حسب الرتبة، وبإجمالي تكلفة 510 ملايين جنيه. ويشارك نحو 190 ألفا من القوات المسلحة بمتوسط مكافأة 2500 جنيه وبإجمالي نفقات تصل  إلى 490 مليون جنيه. كما يشارك 180 ألف موظف إداري في الانتخابات بمكافأة 800 جنيه للفرد، وإجمالي مكافآت 150 مليون جنيه.

وتخصص نحو 70 مليون جنيه لتصويت المصريين بالخارج في 141 سفارة وقنصلية، وتشمل نفقات العملية الانتخابية، وتكلفة طرود النتائج، ومكافآت الموظفين والهيئات الدبلوماسية.

أما بند الإعاشة فتخصص له نحو 700 مليون جنيه ويشمل تكلفة الوجبات والانتقالات والإقامة بالفنادق للقائمين على العملية الانتخابية، بجانب بنود أخرى.

وأعاد النظام الغرفة الثانية للبرلمان ضمن حزمة تعديلات دستورية جرى تمريرها  في إبريل 2019م لاقت انتقادات محلية ودولية واسعة؛ حيث تسمح لرئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي التأبيد في الحكم حتى 2030 ولمدة 8 سنوات إضافية كما منحته صلاحيات فرعونية واسعة تسمح له بالهيمنة المطلقة على جميع مؤسسات الدولية التنفيذية والتشريعية والقضائية. كما منحت المؤسسة العسكرية وصاية فوقية على الدولة على المستويين السياسي والاقتصادي ما يمثل تقنينا لتوريط الجيش في السياسة.

ويتشكل مجلس الشيوخ (مدة عضويته 5 سنوات) من 300 عضو، 100 منهم بالتعيين من جانب رئيس الانقلاب. والمائة الثانية يجري اختيارهم عبر "التعيين المقنع" عبر القائمة المغلقة ولم يتقدم سوى قائمة الأجهزة الأمنية التي جرى إعدادها بعناية أمنية فائقة، ومع غياب المنافسين فهي لا تحتاج سوى 5% فقط من أصوات من لهم حق التصويت. أما المائة الثالثة فيجري اختيارهم بالنظام الفردي وكل المرشحين إما ينتمون إلى أحزاب موالية للنظام أو مستقلين موالين للنظام وبذلك فقد انتفى أي شكل من أشكال المعارضة الجادة.

سياسة بلا معارضة

وتغيب جميع أشكال المعارضة عن هذه المسرحية؛ فالتيار الإسلامي الذي يمثل التيار المدني الأكثر شعبية وقدرة على منافسة القوائم الأمنية يواجه حربا ضروسا منذ انقلاب 3 يوليو 2013م؛ حيث جرى الزج بكل قياداته إلى السجون بتهم سياسية ملفقة، وهاجر آخرون إلى الخارج واستشد الآلاف من أبنائه بعد أن فقد الجيش شرفه ووجه سلاحه نحو صدور المصريين من أجل الهيمنة على جميع مفاصل السلطة. كما قررت أحزاب علمانية معارضة ونشطاء سياسيون معارضون مقاطعة هذه المسرحية، اعتراضا على وجود غرفة ثانية للبرلمان من الأساس بخلاف أنه بصلاحيات محدودة.

صلاحيات محدودة

وفي ظل غياب تام لجميع أشكال الديمقراطية والحريات فإن مجلس الشيوخ يختص س بدراسة واقتراح ما يراه كفيلًا بتوطيد دعائم الديمقراطية، ودعم السلام الاجتماعي والمقومات الأساسية للمجتمع، وتعميق النظام الديمقراطي. فإذا كانت الديمقراطية قد وئدت فأي دور  يمكن  أن يقوم به مثل هذا المجلس؟  كما يؤخذ رأي المجلس في تعديل مواد الدستور ومشروعات القوانين التي تحال إليه من رئيس الجمهورية أو مجلس النواب، ومعاهدات الصلح وما يتعلق بحقوق السيادة.

ويرى نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية "عمرو هاشم ربيع"، أنها الصلاحيات الأقل تاريخيا للغرفة الثانية للبرلمان المصري. ويضيف أن "جميع الدساتير المصرية السابقة أقرت صلاحيات أوسع لمجلس الشيوخ"، مشيرا إلى أن هذا الضعف في الصلاحيات سيجعلها "تجربة فاترة"، وسيؤثر بشكل كبير على نسبة المشاركة في الانتخابات. ويشير "ربيع"، إلى أن معظم دول العالم هجرت الانتخاب بنظام القوائم المغلقة، لأنه يهدر أصوات الناخبين التي قد تمنح لقوائم أخرى، ويتابع قائلًا "وجود قائمة واحدة في الانتخابات مؤيدة للحكومة هو "تعيين مقنع"، حسب تعبيره.

وبحسب مراقبين فإن رأي مجلس الدولة، كان إلزاميا في مشروعات القوانين قبل أن يقرها مجلس النواب، لمزيد من المراجعة والتدقيق، لكن بعد التعديلات الدستورية في 2019 أصبحت إحالة القوانين لمجلس الدولة أمر يقرره مجلس النواب. ويقول متابعون، إن مجلس الشيوخ استدعي ليحل محل مجلس الدولة في الدراسة المتأنية لمشروعات القوانين للتخلص من الرقابة السابقة لمجلس الدولة على سن القوانين والتي مثلت إعاقة لأجهزة الأمن في سن ما تراه من تشريعات تحقق مصالح فئات معينة في الدولة.